في ظل تصاعد التوتر بالساحة الليبية، يبرز تساؤل حول دور الدول الغربية في تأجيج أو تخفيف حدوث مواجهة بين تركيا الداعمة لحكومة الوفاق الليبية، ومصر الداعمة للجنرال المتقاعد خليفة حفتر.
وتصاعدت حدة التصريحات بين مصر وتركيا حول الخطوة الميدانية القادمة في البلد الغني بالنفط، ففي حين استكملت حكومة الوفاق الجهوزية الميدانية لاستعادة مدينتي سرت والجفرة، تحركت الرئاسة المصرية لمنع ذلك باعتباره “خطا أحمر”، وهددت بالتدخل العسكري في ليبيا، ومهدت لخطوتها بأخذ موافقة من مجلس النواب المصري، وما أسمته تفويضا من “قبائل ليبية”.
وتعد ليبيا، ومنذ عام 2011، مسرحا لتدخلات دولية وإقليمية تتعقد فيها المصالح والدوافع السياسية والاقتصادية، تبلور بدعم عدة دول لأطراف الصراع الداخلي، وقطبيه الحاليين حكومة الوفاق في مقابل قوات خليفة حفتر.
وخشية من تدحرج الأمور لمواجهة عسكرية في ليبيا، أجرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتصالات في اليومين الماضيين مع الإمارات وفرنسا ومصر (داعمي حفتر) من أجل “خفض التصعيد والتوتر”.
موقف واشنطن الحاسم
ويقول الخبير في الشؤون الأوروبية حسام شاكر إن الرهان الدولي المعني بالمشهد الليبي يتم من خلال “وسطاء وحرب بالوكالة”، ويؤكد أن “اندفاع الموقف المصري إلى التأزيم اللفظي مع تركيا يأتي متساوقا مع اتجاهات أوروبية ترى أهمية تحجيم الدور التركي المتصاعد في ليبيا”.
لكن شاكر، يرى أن الدور الأمريكي المطل حاليا في المشهد، والذي يأتي في صورة “تنسيق واضح” مع الجانب التركي “قد يلجم أي سلوك مصري معاكس”.
ويضيف: “يمكن أن تراهن أطراف أوروبية على تأزيم مصري تركي في ليبيا، لكن العامل الأمريكي حاسم هنا على الأقل بالنسبة للجانب المصري، الذي لا يستطيع أن يتجاوز الإرادة الأمريكية في حساباته العسكرية”.
وأردف: “الاتصالات التركية الأمريكية تضعف الحضور الأوروبي بشكل أو بآخر، خاصة بعد أن اجتهدت القوى الأوروبية بمنافسات في ما بينها، تحديدا إيطاليا وفرنسا، ولسنوات طويلة على الرقعة الليبية”.
كما يشير إلى أن التواصل التركي مع الجانب الروسي من أجل “إدارة العلاقة في ليبيا”، يقلل من فرص “استعمال الأدوار الإقليمية في الصراع مع الجانب التركي”.
ويُعتبر الدور الفرنسي العامل الأهم في الدفع باتجاه مواجهة مصرية تركية بليبيا. ووفقا للخبير السياسي فإن “دور فرنسا مجرب طويلا في لبيبا، ولم يستطع أن يسحم الموقف، وكان جزءا من تأزيم المشهد. ومن المستبعد أن يكون لتعويل فرنسا على الدور المصري أثر ملموس في المعادلة الليبية”.
ومع تأكيد شاكر على أن “الاحتمال الواقعي لمواجهة تركية مصرية في ليبيا محدود جدا بل ومستبعد”، إلا أنه وحتى لو بقي “الاحتمال قائما”، فإن “المشهد الليبي يبقى متحركا” على سيناريوهات عدة.
ويعتقد شاكر أن إحدى الاحتمالات المفترضة أن تتلاقى المصالح المصرية التركية في ما يتعلق بشرق المتوسط وتقسيم الحدود البحرية، وهي المسألة التي كانت محل “خلاف بين اليونان ومصر في الفترة الأخيرة، إذ لم يتفقا على ترسيم الحدود”.
وبالتالي “يمكن افتراض أن التصعيد المصري الحالي هو تصعيد تفاوضي، خاصة أن الخبراء المصريين معنيون بحفظ المصالح القومية في مياه المتوسط”، وفق ما قاله شاكر.
مصالح داعمي المواجهة
من جانبه، يؤيد الباحث في العلاقات الدولية جلال سلمي أن “فرنسا هي الدولة الوحيدة التي تدفع باتجاه مواجهة مصرية تركية في ليبيا”.
ويتفق سلمي مع أن واشنطن “لا تدعم القاهرة في الحرب بلييبا”، وأن استراتيجية الأمن القومي الأمريكية تستند إلى “الاحتكام للتحالفات الإقليمية، وتعتبر تركيا حليفا للولايات المتحدة، وتلقى دعمها في سبيل احتواء وتطويق الدور الروسي”.
وما يهم واشنطن في ليبيا هو “استمرار التدفق النفطي”، وألا يعود نشاط الجماعات المتطرفة والتي تصفها بـ”الإرهاب” للعمل في ليبيا”، وفق ما قاله الباحث في العلاقات الدولية.
أما عن مصالح فرنسا في تأجيج التصعيد بليبيا، فيشير سلمي إلى أن باريس “لا تريد للدور الروسي أن يتصاعد على حسابها هناك”.
ولوّح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، بـ”توسع نفوذ روسيا وتركيا في شرق البحر المتوسط” كتهديد لمصالح “الطاقة والأمن” الأوروبية، وطالب الاتحاد الأوروبي بالرد على “هذه الاستفزازات”، عبر فرض عقوبات على “منتهكي المجال البحري اليوناني والقبرصي”.
وقال ماكرون: “سيكون من الخطأ الجسيم أن نترك أمننا في منطقة البحر المتوسط في يد أطراف أخرى. هذا ليس خيارا لأوروبا وهذا شيء لن تدعه فرنسا يحدث”.
ويبين سلمي أن فرنسا تبنت سياسة “الحسم الصفري عبر التدخل العسكري في ليبيا”، فيما تبنت روسيا سياسة “الحسم الحواري والنسبي، وأخذ المصالح المشتركة مع الخصوم بعين الاعتبار”.
كما أن فرنسا ترى بأن التدخل الروسي يحاول الاستناد على الشرعية البرلمانية الموجودة بطبرق، على العكس من تدخلها عن طريق حفتر غير الشرعي. ونظرا لهذا التصادم على الشرعية “تدفع فرنسا بمصر باتجاه التدخل العسكري”، وفق ما قاله سلمي.
ويعتقد أن “فرنسا والإمارات لديهما أمل من خلال إظهار القوة بتشكيل أوراق ضغط لتحقيق بعض المصالح في ليبيا”، وتحاول فرنسا “إقناع الأطراف أنها فاعل قوي لا يمكن تجاهله، في سبيل الحصول على بعض اتفاقيات النفط في ليبيا”.
وعن سبب عدم دعم أمريكا لفرنسا بدلا من تركيا في مواجهة الدور الروسي، يوضح سلمي أن واشنطن “لا تريد سياسة الحسم والحروب، لأن تصعيد فرنسا يعني تصعيدا روسيا وتركيا في المقابل”.
أما الجانب اليوناني فهو يدعم المواجهة في ليبيا، خوفا على مصالحه البحرية في شرق المتوسط، بحسب ما ذكر سلمي.
وتعتبر أثينا اتفاق ترسيم الحدود بين حكومة الوفاق والحكومة التركية الموقع في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، والذي يسمح لأنقرة بالتنقيب عن الثروات الطبيعية في شرق المتوسط، بمثابة “تهديد لمصالحها، و يخترق الجرف القاري لجزيرة كريت اليونانية”.
أما الموقف البريطاني، فهو “أقرب لتركيا من فرنسا في المتوسط”، وفقا لسلمي الذي أوضح أن “للندن قاعدة عسكرية في قبرص، ومن مصلحتها أن يكون الأتراك هناك، كما أن الأتراك دعموا بريطانيا في البلطيق ضد النفوذ الروسي، مقابل تقديمها دعما لتركيا في المتوسط”.
.
المصدر/ arabi21
أعلنت فرق التنقيب عن اكتشاف بقايا نافورة كبيرة من العصر الهلنستي في مدينة هيلاريما القديمة…
رشح منتدى المتاحف الأوروبي، ثلاثة متاحف تركية لجائزة المتحف الأوروبي لعام 2025، في خطوة تعكس…
تركيا الآن أعلن وزير النقل والبنية التحتية التركي، عبد القادر أورال أوغلو، عن بدء…
ضربت الأمطار الغزيرة والرياح العاتية مدينة إسطنبول منذ ساعات الصباح الباكر، مما أسفر عن حدوث…
تسببت الأحوال الجوية السيئة التي تضرب إسطنبول منذ ساعات الصباح الباكر في تعطل حركة النقل،…
شهدت مدينة إسطنبول منذ ساعات الصباح الأولى هطول أمطار غزيرة مصحوبة برياح قوية، مما تسبب…
هذا الموقع يستعمل ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتحسين تجربة استخدامك.