كليجدار أوغلو.. يقود “حزب يحتضر” لم يحقق أي انتصار منذ 70 عاما

كان ترشحه عام 2009 لرئاسة بلدية إسطنبول لحظة نادرة للأتراك لإطلاق النكات حوله، فهو بالكاد يعرف أين تقع المدينة وسيجد صعوبة في التنقل بين أحيائها وشوارعها دون أن يضيع، بحسب خصومه.

وذات يوم انتخابي ساخن قال عنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: “لو أعطيناه 5 خراف لأضاعها وعاد إلينا بدونها”.

خسر منذ تسلم رئاسة “حزب الشعب الجمهوري” 10 انتخابات في مواجهة “حزب العدالة والتنمية” الحاكم، دون أن يؤثر ذلك على مكانته في الحزب، مما حدا بخصمه اللدود في صفوف الحزب محرم إنجه إلى وصفه بأنه يعمل على “تأسيس وخلق نظام ديكتاتوري” داخل الحزب.

كمال كليجدار أوغلو، المولود عام 1948 شرقي الأناضول لعائلة من الطائفة العلوية، تعود أصولها إلى خراسان في إيران، تقول مصادر إن اسم والده الأصلي هو “قمر خان” لكنه غير كنيته عام 1950 من “خان” إلى كليجدار أوغلو.

تخرج من “أكاديمية أنقرة للدراسات الاقتصادية والتجارية” عام 1971، وتولى فيما بعدها مسؤولية إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي عام 1997.

بدأ نشاطه السياسي عام 2002 بانضمامه إلى “حزب الشعب الجمهوري” أقدم الأحزاب السياسية التركية الذي أنشئ عام 1923 على يد مصطفى كمال أتاتورك.

وفي عام 2010، انتخب رئيسا لـ “حزب الشعب الجمهوري”، في ظروف مثيرة للشبهة، بعد فضيحة سياسية هزت تركيا عام 2010 أثر تسريب فيديو خاص برئيس الحزب دينيز بايكال، يضمه وشريكته النائبة عن حزبه في أنقرة، نسرين بايتوك. وأعيد انتخاب كليجدار رئيسا لـ”حزب الشعب” للمرة السابعة قبل يومين بعد إشكالات رافقت العملية الانتخابية.

خاض كليجدار الانتخابات البرلمانية عام 2002 وعام 2007، وفاز بعضوية البرلمان عن إحدى دوائر إسطنبول.

ترشح لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى في انتخابات عام 2009، لكنه خسر المنصب لصالح مرشح ” العدالة والتنمية”، وقاد الحزب في الانتخابات البرلمانية عام 2011 فحل ثانيا. وفي انتخابات عام 2015، نال الحزب المركز الثاني في الجولتين، كما أعيد فيهما انتخابه لعضوية البرلمان.

ولم يسبق أن ترشح كليجدار لانتخابات رئاسية مباشرة، وفضل في المرات السابقة دعم مرشحين آخرين رغم توليه منصب زعيم الحزب، ولا يتوقع أن يترشح مباشرة في أية انتخابات مقبلة.

وعندما تولى كليجدار رئاسة الحزب، توقع أنصاره أن يعتلي سدة رئاسة الوزراء في تركيا خلال عامين، أو أن يجلس مكان أردوغان، لكن الفشل كان حليفه في كل مرة.

وتبدو قوته الوحيدة في أنه الصوت الأعلى في مواجهة شخصية مع أردوغان   ويتكئ دائما على مواقفه المناهضة بشدة لـ”حزب العدالة والتنمية” وحكوماته المتعاقبة، كما أنه يعارض بقوة سياسات الحزب الخارجية في موضوع الانفتاح على الشرق الأوسط والعالم العربي.

فهو يوصف في الإعلام بأنه صديق ومقرب من بشار الأسد، وهو ما يرده مراقبون لخلفيته كون عائلته من الطائفية العلوية، وكون حزبه محسوب عموما على هذه الطائفة، كما أنه يعارض التدخل التركي في شؤون سوريا.

وهذا لم يمنع أوغلو، من التغريد على حسابه في “تويتر” بقوله : “صلواتنا لجنودنا الأبطال الذين ينزفون ليكملوا عملية نبع السلام بنجاح بأقرب وقت، بارك الله في أبنائنا”. في إشارة إلى العملية العسكرية التي تقودها تركيا في سوريا.

وأيضا انتقد قطع العلاقات مع “إسرائيل”، لأنها بحسب قوله تضر بتركيا. وتجمعه علاقة قوية بنظام الحكم في العراق وإيران.

اقرأ أيضا

تركيا: القبض على رئيس شرطة سابق

ولم تكن مواقفه دائما مناكفة للرئيس التركي فقد وقف ضد محاولة الانقلاب لإسقاط نظام الحكم والاستيلاء على السلطة عام 2016، وانتقد المشاركين فيه. وفي صبيحة اليوم التالي للمحاولة، كان حاضرا بين زملائه في البرلمان لإعلان وقوفهم إلى جانب “الشرعية الديمقراطية.”

ولم يعلق كليجدار، على قرار إعادة اعتماد آيا صوفيا إلى مسجد، ولكنه قبل أيام عدة، أكد أن حزبه لن يعترض على إعادة آيا صوفيا للعبادة.

وأعرب الحزب عن “نظرة سلبية”، إزاء تفويض برلماني بإرسال قوات إلى ليبيا. وقال الحزب إن: “إرسال جنود إلى ليبيا، من شأنه زيادة حدة التوتر وتوسيع نطاق الصراعات في المنطقة”.

وفيما يتعلق بشراء منظومة “أس400” الدفاعية، اعتبر كليجدار أن ذلك “حق سيادي لتركيا”، وأضاف: “المنطقة التي تقع فيها تركيا هي منطقة استراتيجية، وتركيا موجودة داخل دائرة من النار، وهي مضطرة لضمان أمنها داخل وخارج الحدود، واتخاذ التدابير اللازمة في هذا الصدد”.

وفي وقت سابق أقر كليجدار أوغلو، بأن العداء التاريخي لحزبه مع الحجاب كان خطأ، في معرض حديثه عن عيوب حزبه، وقال وفق ما نقلته وكالة الأناضول: “لدينا الكثير من العيوب. دعونا نتحدث عن الحقيقة. من القضايا الرئيسة التي بالغنا فيها، في تركيا قضية الحجاب. يا أخي. هي أرادت أن ترتدي الحجاب أم لا فما علاقتنا؟”.

كليجدار ما يزال يجلس على كرسي الزعامة في الحزب الذي يحتضر رغم حالة الغضب التي تسيطر على أعضاء الحزب وناخبيه الذين لا يجدون بديلا جاهزا له حتى اليوم.

حتى أن صحفيا في صحيفة “سوزجو” والمقرب من “حزب الشعب الجمهوري” يلماز أوزدمير، نشر مقالا طالب فيه أردوغان، أن يتدخل لعزل كليجدار من رئاسة الحزب، أو تضع الدولة يدها على الحزب، وسيكون “راض عن ذلك ولن يعترض”. بحسب قوله.

يبدو كليجدار للناخب التركي خارج إطار حزبه رجلا بلا أي مشروع سياسي، ما يتقنه هو الهجوم الشخصي على أردوغان، ما تسبب في خسارة إضافية له حين أدانته محكمة بتهمة إهانة أردوغان، والتشهير بالرئيس وأسرته، فيما يتعلق بمزاعم عن تحويلات نقدية دولية خارج البلاد.

وأسس مصطفى كمال أتاتورك “حزب الشعب الجمهوري” عام 1923 في ظل نظام “دولة الحزب الواحد”، معلنا من خلاله إنهاء الخلافة، عام 1924 وتأسيس الجمهورية.

وفي عام 1946 أجريت أول انتخابات تعددية في ظل حكم الحزب برئاسة عصمت إنونو للبلاد، محققا فوزا شكك في نزاهته المعارضون. لكن “الشعب الجمهوري” خسر بعد أربع سنوات، لينتهي عصر تفرده بالحكم، وورثته أحزاب أخرى انشقت عنه.

ورغم أن الحزب يصر على أنه “وريث أتاتورك”، فإن أردوغان يرى ترديد الحزب لهذه المقولة محاولة من الحزب “استغلال اسم أتاتورك”.

إذ قال أردوغان: “هناك فرق بين أتاتورك الذي يحظى بمحبة الأمة، ومفهوم الأتاتوركية، الذي تم صياغته بعد رحيل مؤسس الجمهورية (…) لقد انقطعت علاقة أتاتورك بالكامل مع الحزب اعتبارا من عام 1938 تاريخ وفاته”.

كليجدار فاز رئاسة الحزب قبل يومين دون وجود أي منافس، حتى وصوله المفاجئ لرئاسة الحزب قبل عشر سنوات كان بناء على “مؤامرة” ضد دينيز بايكال وتسريب شريط فاضح من غرفة نومه، وهو ما قالت عنه الصحافة التركية بأن ثمة “بروتوس متأمر” وراء إسقاط رئيس الحزب القوى لصالح زعيم جديد بلا إنجازات تذكر، أو برنامج سياسي حقيقي وواقعي سوى الهجوم الشخصي على أردوغان.

.

المصدر/ arabi21

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.