لماذا عينت لندن سفيرها السابق بأنقرة لرئاسة الاستخبارات؟

نشرت صحيفة “غازيتا” الروسية تقريرا تحدثت فيه عن أبعاد ودلالات اختيار سفير بريطانيا السابق في أنقرة ريتشارد مور رئيسا جديدا لجهاز المخابرات الخارجية “إم آي 6”.

وكانت الخارجية البريطانية قد أعلنت الأربعاء الماضي، تعيين ريتشارد مور، السفير السابق في تركيا والمدير العام للشؤون السياسية في وزارة الخارجية، على رأس جهاز المخابرات الخارجية.

وقالت الصحيفة في تقرير، إن تعيين ريتشارد مور على رأس جهاز الاستخبارات يوضح التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية البريطانية في أعقاب الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وأكدت أن ريتشارد مور تمكن خلال عمله سفيرا في أنقرة من تعزيز علاقات بريطانيا مع تركيا في وقت كانت لندن تبحث فيه عن إقامة علاقات اقتصادية قوية مع شركاء جدد لإثبات جدوى قرارها من الاتحاد الأوروبي.

ردود فعل إيجابية

أشارت الصحيفة إلى أن خبر تعيين مور على رأس جهاز المخابرات الخارجية أثار ردود فعل إيجابية في الأوساط البريطانية، خاصة تلك القريبة من أروقة المخابرات.

وقد رحّب جون ساورز الذي أشرف على هذا الجهاز بين 2009 و2014، بهذه الخطوة قائلا إن مور “يمتلك المزيج المثالي من الخبرة في العمليات الاستخباراتية وفي الدبلوماسية والسياسة”.

أما مارك سيدويل، مستشار الأمن القومي والوزير في حكومة بوريس جونسون، فقد عبّر عن ثقته في أن خبرة المدير الجديد سوف تكون حاسمة في الدفاع عن مصالح بريطانيا.

 

وشغل ريتشارد مور مناصب ديبلوماسية في فيتنام وتركيا وباكستان وماليزيا. وفي كانون الثاني/ يناير 2014، تم تعيينه سفيرا للمملكة المتحدة في أنقرة.

ويتحدث مور اللغة التركية بطلاقة، وقد حظي بشعبية واسعة في الأوساط الدبلوماسية التركية خلال وقت قياسي.

المحاولة الانقلابية

بعد عامين من تعيين مور، شهدت تركيا محاولة انقلابية باءت بالفشل، وأدت إلى تغيير نظام الحكم عبر استفتاء شعبي.

وحسب الصحيفة، فإن ريتشارد مور دعا لندن حينها إلى اتخاذ موقف فوري وحاسم ضد الانقلاب، وقام بترتيب زيارة بوريس جونسون، وزير الخارجية آنذاك، إلى أنقرة للتعبير عن دعم المملكة المتحدة لتركيا.

اقرأ أيضا

أين كنا وأين وصلنا؟.. استمرار انخفاض الحسابات المحمية…

وأدت تلك المواقف إلى تعزيز العلاقات بين البلدين، في وقت اختارت فيه بقية الدول الغربية النأي بنفسها عن تركيا ولم تظهر أي مساندة للقيادة التركية.

وفي وقت لاحق شهدت علاقات أنقرة مع دول الاتحاد الأوروبي تدهورا لافتا، أما بريطانيا التي كانت تستعد للخروج من الاتحاد فقد حافظت على علاقات جيدة مع الأتراك.

مكاسب سياسية واقتصادية

وأوضحت الصحيفة أن تطور العلاقات البريطانية التركية، والذي كان بالأساس ثمرة جهود السفير السباق ريتشارد مور، من شأنه أن يحقق للمملكة المتحدة الكثير من المكاسب.

فقد أدى موقف لندن الرافض للانقلاب إلى وضع أسس متينة للتعاون الاقتصادي بين البلدين، ومن المنتظر إبرام اتفاقات تعاون اقتصادي مثمرة بينهما بعد أن تنتهي بريطانيا من إجراءات مغادرة الاتحاد الأوروبي.

كما يُمكن لبريطانيا أن تحقق مكاسب كبيرة من توطيد علاقتها بتركيا التي أصبحت لاعبا مهما في الشرق الأوسط خلال السنوات الماضية، خصوصا في ظل الخلافات الحادة بين أنقرة والاتحاد الأوروبي منذ التدخل التركي في الأزمة الليبية.

ويرى يوري مافاشيف مدير مركز دراسات تركيا الجديدة، أن المصالح التركية والبريطانية قد تلتقي في ليبيا والمتوسط، في مواجهة التحالف الثلاثي الجديد الذي يضم اليونان وقبرص وإسرائيل.

ويوضح الخبير الروسي: “على الأرجح فإن بريطانيا ليست راضية على هذا التحالف في شرق المتوسط، كونها تريد أن تحصل على شروط تفاوض أفضل.  ينبغي أيضا أن لا ننسى أن شركة بريتش غاز البريطانية ترغب في تطوير جزء من حقول الغاز في المنطقة”.

ويضيف مافاشيف: “من المهم جدا أن تدرك بريطانيا أن السيطرة على بعض المناطق مثل شرق المتوسط، تتطلب منها علاقات وثيقة مع تركيا، مع ملازمة الحذر”.

لذلك يرى كثيرون أن تعيين ريتشارد مور الخبير في الشؤون التركية، على رأس جهاز “إم آي 6، اختيارا مناسبا جدا لخدمة المصالح البريطانية. ويقول توم توغندات، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني إن “هذا التعيين خطوة عظيمة، لا سيما أن مور يتمتع بتجربة كبيرة في العمل مع حلفاء مهمين، ونحن نتطلع لرؤية التطور الذي ستشهده استراتيجيتنا”.

.

المصدر/

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.