ما هو حجم الأضرار الناجمة عن انفجار بيروت؟

بدأت القصة عندما ارتجت الأبنية بقاطنيها، ظنوا أن زلزالا يضرب المدينة. احتاجوا ثوان ليدركوا أن ما يحصل أمر آخر، ربما يكون أخطر. تطايرت النوافذ، سقطت الجدران. عصف يجتاح البيوت والأبنية، ويملأها فوضى في الأحياء المجاورة لمرفأ بيروت، حيث وقع الانفجار، وعلى مساحة أبعد.

من يسير في حي الجميزة، يشم رائحة الحطام كلما اقترب من متجر سوّي بالأرض، ويتملكه شعور بالفقد، لدى تأمله البيوت التي بات لجدران بعضها فجوات، تكشفها للناس، كما طارت أبوابها، فشرعتها للداخل إليها أيا كان، ما دفع أصحابها إلى البقاء فيها رغم احتمال سقوط البناء، منعا لإحتمال تعرضها للسرقة.

تقول ماري جوزي القزي “منزلي مفتوح الآن ويمكن لأي كان أن يدخله”، فلم يبقَ شيء على حاله، كما كان قبل وقوع الكارثة.

وصفت ماري، الصحفية في بي بي سي، والتي أصيبت في الانفجار، حال منزلها في منطقة الرميل المحاذية للميناء. وتقول “انتُزع الرخام من الأرض والأبواب الحديدية والخشبية، كسّر الزجاج الخارجي بأكمله”.

حال المبنى الذي تقطنه، كحال بيتها. فقد انهار جزء من سقف منزل جارها. وهوى مصعد البناية. الكثير من الناس لم يعد لهم بيت يقطنوه حاليا والإصلاحات ستستغرق عدة أشهر.

وتشير ماري إلى أن كلفة إصلاح المنزل يساوي عمليا كلفة تصميم منزل جديد.

يوافق محمد، الذي تضرر منزله بشكل كبير في حي الخندق العميق، على هذه النقطة.

يقول إن تكاليف الترميم عالية جدا بسبب تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار، والناس غير قادرة على تحمل هذه الأعباء.

وقد جاء الانفجار الهائل، ليدمر الميناء، المرفق الحيوي الذي يدخل مئات ملايين الدولارات إلى لبنان، معمقا أزمة اقتصادية مستمرة منذ قرابة العام.

صورة للبيوت التي عصف بها التفجير في بيروت
Image captionلم يبقَ شيء على حاله، كما كان قبل وقوع الكارثة

ثلاث مراحل

يبلغ عدد العقارات المتضررة من الانفجار 30 ألفا، يحتوي كل واحد منها على 4 شقق في المعدل.

وتنقسم عملية الترميم إلى ثلاث مراحل، لا تزال الجهات المختصة في المرحلة الأولى، أي المسح ومعاينة الأضرار، بحسب محافظ بيروت مروان عبود.

أما المرحلة الثانية فهي تدعيم الأبنية الآيلة للسقوط، والترميم الأولي وتأمين المسكن. بينما المرحلة الثالثة فهي إعادة البناء، وهي بحاجة لدعم خارجي.

ويوضح عبود أن حجم الخسائر المادية تقدّر بـ 5 مليارات دولار والرقم في طور الارتفاع، مشيرا إلى أن بعض الشركات تقول إن خسائر التأمين تصل إلى 3 مليارات.

وبالعودة إلى الجميزة ، تحدث جورج – صاحب متجر مصابيح كهربائية حطم بالكامل – إلى بي بي سي.

ويقول إن الضرر الأكبر هو في محترفه الذي يصنع فيه المصابيح، بعد أن هبط السقف عليه، مطيحا بمصنوعاته، التي تبلغ قيمتها آلاف الدولارات.

ويستخدم جورج غاز “النيون” لمنح مصابيحه ألوانا مختلفة، ما يزيد من كلفتها.

صورة من داخل قصر سرسق بعد الانفجار
Image captionلحقت الأضرار بقصر سرسق الذي بني في الحقبة العثمانية عام 1870

محتويات نادرة

وفي المنطقة المجاورة لمرفأ بيروت، حل الدمار بمئات البيوت والمعالم التراثية. ومنها قصر سرسق، الذي بني في الحقبة العثمانية عام 1870.

وتقول مديرة القصر جيسيكا مقدسي، إن أضرارا جسيمة لحقت بالمفروشات والتحف الأثرية فيه، بينما أتلف الانفجار الأشجار في حديقة القصر والتي يعود عمرها إلى أكثر من 150 عاما.

وتضيف “من الصعب ترميم بعض المحتويات لأنها تاريخية ونادرة”، فيما تشير إلى أن أحدا من المعنيين لم يتحدث إليهم بشأن الإصلاحات.

ويبلغ عدد البيوت التراثية المتضررة 600، 80 منها متضررة بشكل كبير، و520 متضررة بشكل بسيط إلى متوسط، وفق الأرقام التقريبية لمديرية الآثار في وزارة الثقافة.

وتشمل منطقة التضرر المباشر أحياء الجميزة ومار ميخائيل والأشرفية.

ويقول مدير الآثار، سركيس خوري، إن عملية الترميم تنقسم إلى ثلاث مراحل: التدعيم وحماية الأسقف قبل حلول الشتاء، ثم ترميم الواجهات والقرميد، فالأعمال الداخلية.

وتكلف هذه الأعمال حوالى 300 مليون دولار، حسب ما يقول خوري الذي يضيف أن منظمة اليونسكو فتحت صندوقا لجمع التبرعات لترميم البيوت الأثرية.

وتتواصل المديرية مع الجمعية العامة للمركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية “إيكروم” للمساعدة بالخبرة وتأمين الدعم المالي.

اقرأ أيضا

.

المصدر/ bbc

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.