هذه أسباب قلق الخبراء من اللقاح الروسي لكورونا

عبّر خبراء اللقاحات عن قلقهم عندما أعلن فلاديمير بوتين أن روسيا وافقت على لقاح لفيروس كورونا دون دليل على تجارب سريرية واسعة النطاق، الأمر الذي أثار جدلا علميا كبيرا، وفقا لتقرير نشرته “نيويورك تايمز”  .

وقال دانيال سالمون، مدير معهد سلامة اللقاحات في جامعة جونز هوبكنز: “أعتقد أنه أمر مخيف جدا، إنها مخاطرة حقا”.

الدكتور سالمون وخبراء آخرون قالوا إن روسيا تتخذ خطوة خطيرة من خلال القفز قبل إجراء تجارب المرحلة الثالثة، التي يمكن أن تحدد أن اللقاح يعمل بشكل أفضل من العلاج الوهمي، ولا يسبب ضررا على البشر.

وعلى عكس الأدوية التجريبية التي تعطى للمرضى، فإن اللقاحات تهدف إلى تلقيح ملايين الأشخاص المعافين. لذلك يجب عليهم إجراء مجموعة عالية من معايير السلامة. إذا حصل مئات الملايين من الناس على اللقاح، فقد تظهر آثار جانبية نادرة لدى آلاف الأشخاص.

على مدار القرن الماضي، طور الباحثون طرقا قوية بشكل متزايد لاختبار اللقاحات من حيث السلامة والفعالية. ما جعلها تعد الآن من أكثر المنتجات الطبية أمانا في العالم؛ بفضل الصرامة الشديدة للتجارب السريرية التي تتبع سلامتها وفعاليتها.

وتبدأ الاختبارات على الحيوانات مثل الفئران والقرود قبل حقنها بالبشر. إذا كانت الدراسات التي أجريت على الحيوانات جيدة، يقوم الباحثون بتجنيد بضع عشرات من المتطوعين لإجراء تجربة المرحلة الأولى، ويحصل المتطوعين على اللقاح التجريبي.

عادة ما يتم إبقاء المتطوعين تحت المراقبة؛ للتأكد من عدم تعرضهم لأي ردود فعل سلبية فورية. ولمعرفة ما إذا كانت أجسامهم تطور أجساما مضادة ضد عامل المرض.

إذا لم تسفر تجارب المرحلة الأولى عن مشكلات خطيرة تتعلق بالسلامة، فعادة ما ينتقل الباحثون إلى تجربة المرحلة الثانية، التي يقومون فيها بحقن مئات الأشخاص، وإجراء ملاحظات أكثر تفصيلا.

بدأت أولى التجارب السريرية على لقاحات فيروس كورونا في آذار/ مارس، والآن هناك 29 تجربة جارية. وبدأت شركات، مثل موديرنا وأسترا زينيكا وغيرها، في مشاركة نتائج مبكرة متفائلة، حتى الآن اكتشفوا أعراضا خفيفة أو معتدلة على المتطوعين، وليست لديهم آثار جانبية شديدة.

كما أنتج المتطوعون أجساما مضادة لفيروس كورونا، وفي بعض الحالات كانت أكثر مما ينتجه الأشخاص الذين تعافوا من المرض. ولكن مهما كانت هذه النتائج المبكرة واعدة، إلا أن تجارب المرحلة الثالثة يمكن أن تفشل.

وقالت ناتالي دين خبيرة الإحصاء الحيوي والأمراض المعدية في جامعة فلوريدا، إن توقيت إعلان روسيا ” يجعل من غير المحتمل جدا أن يكون لديهم بيانات كافية حول فعالية المنتج”.

وأشارت دين إلى أنه حتى اللقاحات التي كانت نتائجها واعدة من التجارب المبكرة على البشر أخفقت في مراحل لاحقة.

وفي حزيران/ يونيو، سجل معهد أبحاث جماليه للأوبئة والأحياء الدقيقة ووزارة الصحة الفيدرالية الروسية تجربة مشتركة للمرحلة الأولى والثانية على لقاح يسمى Gam-COVID-Vac Lyo، وخطط الباحثون لاختباره على 38 متطوعا.

اقرأ أيضا

وقالوا إن اللقاح مصنوع من فيروس غدي -فيروس بارد غير ضار- يحمل جين فيروس كورونا

.
منذ ذلك الوقت، ادعى المسؤولون الروس أنهم سيسرعون من عملية تصنيع اللقاح. وإعلان بوتين يوم الثلاثاء جعل الأمر رسميا.

ولم ينشر المعهد أبدا بياناته التجريبية للمرحلتين الأولى والثانية.

وقال وزير الصحة الروسي، ميخائيل موراشكو، إن “جميع المتطوعين طوروا عيارا عاليا من الأجسام المضادة لفيروس كورونا، كما لم يكن لدى أي منهم مضاعفات خطيرة”.

وهذه النتيجة هي المتوقعة دائما من أي تجربة في مرحلتها الأولى، وهي لا تعطيك بدقة ما إذا كان اللقاح ناجحا ويعمل بالفعل.

وقال جون مور، وهو عالم فيروسات في كلية طب وايل كورنيل في مدينة نيويورك: “هذا أكثر من غباء، بوتين لا يملك اللقاح، إنه فقط يصدر بيانا سياسيا وحسب”.

ويوم الثلاثاء، أنشأ المعهد الروسي موقعا على شبكة الإنترنت، يزعم أن تجربة المرحلة الثالثة ستبدأ في اليوم التالي، وستضم أكثر من 2000 شخص في روسيا، وكذلك في الإمارات والمملكة العربية السعودية والبرازيل والمكسيك.

إن جميع تجارب المرحلة الثالثة التي تتم حاليا للقاحات فيروس كورونا يتم إجراؤها أكبر بعشر مرات من هذه الأرقام، مع وجود 30 ألف متطوع لكل منهم.

وإلى جانب تحديد ما إذا كان اللقاح سيحمي الأشخاص، يمكن أن تكشف تجارب المرحلة الثالثة عن آثار جانبية غير شائعة قد لا تظهر في العدد الصغير نسبيا من المتطوعين بالمراحل السابقة.

وطوال مراحل التجربة، يقوم مطورو اللقاحات بمشاركة النتائج في تقارير للجهات التنظيمية الحكومية، وفي أوراق يتم مراجعتها من قبل النظراء للمجلات العلمية. كما يقوم خبراء خارجيون بعد ذلك بتقييم البيانات من تجارب المرحلة الثالثة، وتقديم توصياتهم إلى إدارة الغذاء والدواء، التي تقرر بعدها ما إذا كانت ستوافق على اللقاح؛ لاستخدامه على نطاق واسع.

وقال الدكتور سالمون: “لا يكفي أن أقول أن لدي منتجا رائعا قبل استخدامه، تحتاج إلى أن ينظر الخبراء الآخرون إلى البيانات، ويقتنعون بأن الفوائد تفوق المخاطر”.

وحتى بعد ترخيص اللقاح، يتابع الباحثون مراقبته؛ للتأكد من أنه آمن. حيث إن تلقيح ملايين الأشخاص قد يظهر آثارا جانبية نادرة مع مرور الوقت. بعدها يقوم المنظمون بإجراء تعديلات على اللقاح لجعله أكثر أمانا.

.

المصدر/ وكالات

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.