عثرت سفينة التنقيب التركية “الفاتح”على 320 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في بئر تونا في مياه البحر الاسود . السفينة جالبة الحظ ستواصل مهامها لأن المؤشرات الأولية تقود إلى احتمال وجود حقول أخرى في نفس المنطقة أو قريبة منها .
وتركيا تنتظر أنباء سارة مماثلة من شرق المتوسط .
” من يبحث قد لا يجد ، من يجد هو الذي يكون قد بحث ” قول تركي مأثور يردد على لسان الكثيرين في هذه الاونة وهو شعار
المرحلة المقبلة بالنسبة للأتراك .
الارقام تقول أن تركيا تستورد سنوياً نحو 90% من استهلاكها للطاقة ، أي نحو 53.5 مليار متر مكعب من الغاز ونحو 360 مليون
برميل نفط سنويا، وانها تتصدر لائحة دول منظمة التعاون والتنمية من حيث الطلب على الطاقة . وانها تعتمد في وارداتها من
النفط والغاز الطبيعي على روسيا وإيران حيث الشراكة والخصومة والمنافسة بكل اوجهها الصعبة والمتشابكة والمعقدة . تركيا
تدفع حوالي 40 مليار دولار سنويا ثمن ما تشتريه طبعا لكنها معادلة خاسرة في شقها السياسي والامني بالنسبة لدولة طامحة
تريد ان تؤثر في رسم السياسات ولعبة التوازنات الاقليمية . اختبار التوتر التركي الروسي قبل 5 سنوات في حادثة اسقاط المقاتلة
” سوخوي ” داخل الاجواء التركية وانعكاسه على العلاقات الغازية بين البلدين يساعدنا اكثر على استكشاف مخاطر تقييد يد انقرة
في علاقاتها مع موسكو . ربما قد يكون هذا في مقدمة الاسباب التي حدت بوزير الخزانة والمالية التركي برات البيرق لوصف
الخطوة بالمحورية التي ستغير الكثير في سياسات ومصالح وحسابات تركيا في المنطقة .
الهدف هو وضع غاز البحر الأسود في الخدمة الاستهلاكية بحلول 2023، وهو رقم قياسي عالمي اخر تراهن انقرة على
تحطيمه بالمقارنة مع نماذج وحالات اقليمية ودولية مشابهة انتظرت اكثر من 5 سنوات لبدء الاستفادة من هذه المادة .
دعا اردوغان وهو يكشف النقاب عن ” البشرى السارة ” الاتحاد الأوروبي أن لا يكون أداة بيد اليونان ضدنا، ونحن مستعدون
لإعطائه الجواب اللازم على طاولة المفاوضات ” .هو تحدث أيضا عن خرائط الدم التي رسمها البعض حول منابع النفط
والغاز كما هو الحال في سوريا وليبيا وقال أنها لا تعني تركيا كثيرا لانها لن تنسحب من معركة دعم المظلومين اينما كانوا
في مواجهة انظمتهم القمعية .
الفرحة الاستراتيجية الاخرى التي حملتها هذه الفرصة هي في منح انقرة المزيد من القوة للتفاوض مع الدول التي تشتري
الغاز منها خصوصا لناحية الاستفادة من الفترة الزمنية الانتقالية في تنويع مصادر شراء الغاز والمساومة على السعر والعروض
الانسب . والاهم هنا سيكون طبعا تحرك هذه الدول التي تعرض غازها للبيع على تركيا لمراجعة سياستها التجارية وتقديم عروض
اكثر اغراء لتركيا التي بدأت في الاعوام الاخيرة اعادة ترتيب مصادر شرائها للغاز فتراجعت ارقام روسيا الى 17 بالمئة بعدما كانت
حوالي 50 بالمئة وارتفعت حصة اذربيجان والجزائر بنسب باتت تقلق موسكو وطهران . كيف ستكون العلاقات التركية الايرانية
الغازية بعد الان امام الضغوطات الاميركية على ايران ومحاولة تضييق الخناق الاقليمي عليها سؤال يستحق الاجابة أيضا .
شعار المرحلة المقبلة في استراتيجية تركيا الاقليمية “سنواصل السير نحو أهدافنا دون أن نطمع في حقوق الآخرين، ودون
أن نسمح لأحد المساس بحقوقنا ” .
تركيا لن تعالج حتما كل مشاكلها مع الطاقة التي تحتاجها من خلال هذا الاكتشاف لكنها ومنذ عقد تقريبا تعمل على تنويع
مصادرها من الطاقة لتأمين احتياجاتها بشكل جذري . لذلك نسمع اردوغان يقول ” لن نتوقف أو نرتاح حتى نكون دولة مصدرة
للطاقة ” . هو الحلم البعيد المدى ربما لكن الواقع الاقرب هو أن عثور تركيا على الطاقة في البحر الاسود سيقوي يدها ويمنحها
المزيد من الفرص الاستراتيجية في شرق المتوسط وهي رسالة متعددة الجوانب لمن يحاول تهميش دورها وعزلها وابعادها عن
الطاولة .
البشرى التي كشف الرئيس رجب طيب اردوغان عنها للشعب التركي وللعالم كانت خبرعثور تركيا على كميات ضخمة من الغاز
في حوض البحر الاسود بعد سنوات طويلة من التنقيب عن الطاقة بصبر وحماس . لائحة الغاضبين والغيورين والحاقدين
طويلة لكنها لن تكون حتما أطول من لائحة الفرحين والمرحبين والمبتهجين لهذه الفرصة التركية الاستراتيجية . اردوغان هو
الذي ذكر البعض بأن تركيا لن تكون من انصار النظام العالمي غير الإنساني الذي ما يزال قائما والذي يرى ” قطرة النفط أكثر
قيمة من تدفق الدم البشري ” .
بالغ الرئيس التركي في تفاؤله ربما عندما قال أن الطاقة تكتسب أهمية كبرى في تحقيق الاستقلال الوطني، إلى جانب كونها
عنصرا رئيسيا في التنمية ، لأنه يعرف أكثر من غيره أننا امام ورطة الاطماع التي تدفع البعض للتدخل والهيمنة على هذه
الثروات او وضعها تحت حمايتها ورعايتها وفرض طريقة تقسيمها وتقاسمها والنماذج والحالات الاقليمية كثيرة وكان اخرها
ما تفعله اميركا في سوريا وروسيا في سرت والجفرة .
القيمة النقدية للغاز المكتشف تصل الى حوالي 65 مليار دولار كما تقول التقديرات الاولية . لكن القيمة الاستراتيجية أكبر من
ذلك بكثير فهو اكتشاف يعزز من موقع ونفوذ تركيا في مواجهة محاولات محاصرتها وتهميش دورها . الارقام مهمة طبعا لكن
الاهم من الارقام هو النقلة الاستراتيجية التي تنتظر تركيا اذا ما احسنت استخدامها بعد هذا الاكتشاف : دولة في نادي امتلاك
الطاقة ، دولة توفر احتياجات اسواقها المحلية منها ، تقوي اقتصادها بالانتقال من مشتر للطاقة الى منتج يضع المادة بين
يدي الصناعيين باسعار متدينة لتمكينهم من المنافسة في الاسواق العالمية .
تركيا لن تبدل في خارطة تحالفاتها حتما بسبب هذا الاكتشاف . لن تبتعد عن اميركا والاطلسي ولن تتراجع عن مشروع العضوية
الاوروبية ، لكن ما يجري قد يكون رسالة لمن يريد المضي في سياسة التصعيد وبناء الاصطفافات الاقليمية ضدها في شرق المتوسط
وهو ما يعني ان تركيا ستبحث عن فرصها وخياراتها بشكل اخر وفي مكان اخر عند اللزوم . بشكل اخر الاكتشاف فرصة لانقرة
لمراجعة مواقفها وسياساتها مع دول الجوار خصوصا المتوتر منها . لكنه فرصة للراغبين بالتهدئة مع انقرة مستفيدين من
الحالة القائمة في البحر الاسود لنقلها الى شرق المتوسط وتطبيقها في عمليات ترسيم الحدود البحرية .
أدلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتصريحات بارزة عقب اجتماع مجلس الوزراء، الذي عقد في…
أعلن رئيس فرع حزب العدالة والتنمية في إسطنبول، عثمان نوري كاباك تبه، عن انسحابه من…
أعلن وزير العمل والضمان الاجتماعي في تركيا، وداد إشيكهان، أن الحد الأدنى للاجور لعام 2025…
تتخذ تركيا سلسلة من التدابير لمكافحة التضخم المرتفع، حيث انخفض التضخم السنوي إلى 47.09% مع…
بعد تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية التركية الأخيرة، تأثرت مختلف أنحاء البلاد بهطول أمطار غزيرة، عواصف،…
أصدرت هيئة الأرصاد الجوية التركية تقريرها الأخير حول حالة الطقس، محذرة من تقلبات جوية شديدة…
هذا الموقع يستعمل ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتحسين تجربة استخدامك.