تركيا الآن

تطبيع المعارضة التركية مع “الشعوب الديمقراطي”

تجري في تركيا منذ فترة عملية إعادة ترتيب المعارضة ، لتغيير الخارطة السياسية، وتشكيل جبهة عريضة قادرة على إسقاط حزب العدالة والتنمية الحاكم وحليفه حزب الحركة القومية، عبر صناديق الاقتراع. وهي تشبه من نواحٍ عديدة تلك العملية التي تجري حاليا لإعادة

ترتيب منطقة الشرق الأوسط، كما لفت إليه زميلنا الكاتب الصحفي كورتولوش تايز في مقاله بصحيفة آكشام التركية.

هناك دول عربية تهرول نحو تل أبيب لتطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني، وتشكيل تحالف جديد يضم إسرائيل، كما أن هناك

أحزابا سياسية في تركيا تسعى إلى تطبيع علاقاتها مع حزب الشعوب الديمقراطي، الموالي لمنظمة حزب العمال الكردستاني

الإرهابية، استعدادا لتشكيل تحالف انتخابي واسع قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة المقرر إجراؤها في صيف 2023.

ومن أوجه التشابه بين تطبيع بعض الدول العربية مع إسرائيل وتطبيع الأحزاب التركية المعارضة مع حزب الشعوب الديمقراطي،

أن كلا التطبيعين يستهدف قيادة رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان لتركيا.

 

 

من أوجه التشابه بين تطبيع بعض الدول العربية مع إسرائيل وتطبيع الأحزاب التركية المعارضة مع حزب الشعوب الديمقراطي، أن كلا التطبيعين يستهدف قيادة رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان لتركيا

الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي، صلاح الدين دميرطاش، المحكوم عليه بالسجن بتهمة دعم الإرهاب والدعاية له،

أطلق تصريحات من سجنه، بعث فيها رسالة ودية إلى رئيسة الحزب الجيد، ميرال آكشينار، قائلا إنه لو كان حرا طليقا لأخذ زوجته،

ليذهبا معا إلى بيت آكشينار لتناول الفطور. ولم يتأخر رد رئيسة الحزب الجيد على هذه التصريحات المثيرة، وترحيبها بفكرة الاجتماع

مع دميرطاش على طاولة الفطور، قائلة إن هناك تقاليد في جنوب شرق الأناضول تقضي باستقبال كل من يطرق الباب للزيارة حتى

لو كان الزائر عدوا بينه وبين صاحب البيت قضية دم، في محاولة لتبرير ترحيبها برسالة دميرطاش.

 

إقرأ إيضا : المسلسل التركي ” الخطأ ” يتصدر بعد عرض أولى حلقاته.. وهذه قصته

هذه التصريحات المتبادلة بين دميرطاش وآكشينار تهدف إلى تهيئة الأجواء لتقبل مؤيدي حزب الشعوب الديمقراطي والحزب الجيد

فكرة التحالف في الانتخابات والتصويت لمرشح مشترك. ومن المؤكد أن هذه المهمة الصعبة تحتاج إلى وقت وجهد، ما يفسر بدء

خطواتها من الآن، رغم أن موعد الانتخابات بعد حوالي ثلاث سنوات. كما أن نجاحها غير مضمون، لأن أتباع حزب الشعوب الديمقراطي

معظمهم من الأكراد القوميين الانفصاليين الموالين لحزب العمال الكردستاني، فيما يشكل الأتراك القوميون أغلبية مؤيدي الحزب الجيد.

الشعوب العربية ما زالت ترفض تطبيع العلاقات بين الدول العربية والكيان الصهيوني. ولو كانت هناك أنظمة ديمقراطية في الدول

المطبعة تعبر عن إرادة شعوبها، لما أقدمت تلك الدول على مثل هذه الخطوة المهينة. وإن كانت الأنظمة العربية الدكتاتورية

التي قامت بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل ليست بحاجة إلى ضوء أخضر من شعوبها، فإن الأحزاب السياسية التركية التي ترغب في

التحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي تحتاج إلى إقناع مؤيديها بضرورة الاصطفاف مع الانفصاليين الموالين للمنظمة الإرهابية،

وإلا فإنها لن تحصل على أصواتهم في الانتخابات.

الأجواء التي تخيم على ما يجري بين الإمارات والبحرين وإسرائيل أبعد بكثير من أجواء إقامة علاقات دبلوماسية بين دول، بل

هي تشكيل تحالف جديد لحماية الكيان الصهيوني أمنيا وتغذيته اقتصاديا، كما أن ما يجري في الساحة السياسية التركية ليس

مجرد تحسين العلاقات بين الأحزاب. وفي كلتا الحالتين، فإن هناك من يخطط ويدبر من الخارج، ويجمع الأطراف المختلفة

من أجل تحقيق أهدافه.

 

 

في كلتا الحالتين، هناك من يخطط ويدبر من الخارج، ويجمع الأطراف المختلفة من أجل تحقيق أهدافه

الدول التي قامت بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل والتي تستعد للانضمام إلى قافلة التطبيع، تشن منذ فترة حملات إعلامية

لشيطنة الفلسطينيين ومقاومتهم، وتسعى إلى تغيير وعي شعوبها بشأن ما يتعلق بقضية فلسطين والتحالف مع إسرائيل.

كما أن المعارضة التركية تهدف إلى شيطنة حزب العدالة والتنمية، وتغيير وعي الناخبين في مسألة التحالف مع حزب الشعوب

الديمقراطي الذي لا يزال يوالي المنظمة الإرهابية. وبعد تصريحات دميرطاش، انضم إليه كتاب وسياسيون في الدعوة إلى التطبيع

بين أحزاب المعارضة.

 

إقرأ إيضا : ما مصير “أنت اطرق بابي” بعد عودة مسلسل المعلم ؟

ويرى الزميل كورتولوش تايز، وأنا أتفق معه، أن عملية التطبيع الجارية في تركيا ليست بعيدة عن تلك التي تجري بين بعض الدول

العربية وإسرائيل، لإعادة ترتيب المنطقة.

وعي الشعوب العربية يقف أكبر تحدٍ لأهداف تطبيع بعض الأنظمة مع إسرائيل، كما أن وعي الناخبين هو الذي يقف عائقا كبيرا

أمام تطبيع الأحزاب المعارضة في تركيا مع حزب الشعوب الديمقراطي قبل أن يقطع هذا الأخير صلته بحزب العمال الكردستاني

ويرفض إرهابه. ولذلك، فإن المتوقع أن تشهد المرحلة القادمة معركة وعي شرسة بين المطبعين والرافضين للتطبيع.

 

بواسطة / إسماعيل ياشا

 

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي “تركياالآن”

أحدث الأخبار

تصريحات هامة للرئيس أردوغان: القضية السورية ومكافحة التضخم في مقدمة الملفات

أدلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتصريحات بارزة عقب اجتماع مجلس الوزراء، الذي عقد في…

23/12/2024

تحول تاريخي في قيادة حزب العدالة والتنمية بإسطنبول

أعلن رئيس فرع حزب العدالة والتنمية في إسطنبول، عثمان نوري كاباك تبه، عن انسحابه من…

23/12/2024

وزير العمل التركي يعلن موعد الاجتماع الأخير لتحديد الحد الأدنى للأجور

أعلن وزير العمل والضمان الاجتماعي في تركيا، وداد إشيكهان، أن الحد الأدنى للاجور لعام 2025…

23/12/2024

هل تمر تركيا بأزمة اقتصادية؟ خبير يشرح التفاصيل بوضوح

تتخذ تركيا سلسلة من التدابير لمكافحة التضخم المرتفع، حيث انخفض التضخم السنوي إلى 47.09% مع…

23/12/2024

هل غدًا عطلة دراسية في تركيا؟ أول تعليق من محافظ أنطاليا

بعد تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية التركية الأخيرة، تأثرت مختلف أنحاء البلاد بهطول أمطار غزيرة، عواصف،…

23/12/2024

الأرصاد الجوية التركية تحذر من أمطار غزيرة، وانهيارات ثلجية

أصدرت هيئة الأرصاد الجوية التركية تقريرها الأخير حول حالة الطقس، محذرة من تقلبات جوية شديدة…

23/12/2024