شكلّت الانتخابات في قبرص التركية ، والتي نتج عنها فوز رئيس الوزراء أرسين تتار لرئاستها، أهمية بالغة لأنقرة ومستقبل القضية القبرصية.
وأعلنت رئيسة اللجنة العليا للانتخابات نارين فردي شفيق، أن تتار حصل في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية. على 51.74 في المئة من إجمالي عدد أصوات الناخبين. فيما حصل المرشح المستقل والرئيس المنتهية ولايته مصطفى أكينجي، على 48.26 بالمئة من الأصوات.
وكان أرسين تتار يشغل منصب رئيس الوزراء في قبرص التركية، وعرف عنه تباعد وجهات نظره مع .الرئيس القبرصي التركي السابق أكينجي بشأن الحل في جزيرة قبرص، كما أن تتار يعد مقربا من تركيا.
وكانت الجولة الأولى أجريت في 11 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري ولم يتمكن خلالها أي مرشح من الحصول على أكثر من 50 بالمئة من الأصوات.
وفي الآونة الأخيرة، شكلت تصريحات ومواقف أكينجي مصدر إزعاج بالنسبة لتركيا، لا سيما انتقاده لعملية .”نبع السلام” التركية في شمال شرق سوريا، وحل القضية القبرصية.
أرسين تتار المقرب من الحزب الحاكم في تركيا، يؤيد فكرة وجود إدارتين منفصلتين تتمتعان بالسيادة في قبرص. بينما يؤيد أكينجي توحيدها على نظام “الفيدرالية”، والتي ترى أنقرة أنها أثبتت فشلها.
وفي هذا الصدد قال الكاتب التركي، كورشات زورلو، إن الاستقطاب والتوتر في قبرص التركية هو لصالح اليونانيين. لافتا إلى أن تتار يطرح حل دولتين “ذاتي سيادة”، وفي المقابل يطرح أكينجي فكرة “الاتحاد الفيدرالي.” الذي تمت تجربته مرات عدة في الماضي لكنه لم يتحقق، كونه مقترحا فضفاضا إلى جانب أن اليونانيين رفضوه في السابق.
وكان القبارصة اليونانيون، قد رفضوا خطة الأمم المتحدة (خطة عنان) لتوحيد الجزيرة المقسمة عام 2004، فيما قبلها القبارصة الأتراك.
وأوضح زورلو في مقال في صحيفة “خبر ترك” ، أن عدم الثقة باليونانيين وأقوال وأفعال أكينجي التي يتخللها الغموض عزز من موقف أرسين تتار بشكل كبير.
ولفت إلى أنه على المدى القصير، فإن هدف القبارصة اليونانيين يتمثل في سحب القوات التركية من الجزيرة وإفشال دور تركيا كدولة ضامنة.
وأشار إلى أن اليونانيين إذا تمكنوا من ذلك، فإنهم سيكونون قادرين على إيقاف أنشطة تركيا للتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في المنطقة. ما يعطيهم ورقة رابحة في أطروحتهم شرق المتوسط.
وشدد على أنه في الفترة الجديدة هناك طريقان لقبرص التركية، أولها بناء نظام قادر على الوقوف على قدميه قدر الإمكان. ولا شك في أن تركيا سيكون لها دور في ذلك، كما أن الخطوات التي يمكن اتخاذها في هذا الاتجاه يمكن أن تمهد الطريق للاعتراف بها من قبل عدد من البلدان.
أما الطريق الثانية فهي مبنية على الخطوط الحمر، بالبحث عن حل من شأنه يسهم في بقائها وحماية حقوقها السيادية. وأنه لا حل دون تركيا كدولة ضامنة.
يشار إلى أن تركيا هي الدولة الوحيدة التي تعترف بقبرص التركية في العالم.
وأضاف أن تركيا قد تزيد من مساهمتها في اقتصاد الجزيرة من خلال إيجاد فرص جديدة فيها.
ونوه إلى أن قبرص التركية تتمتع بعضوية مراقب في منظمة التعاون الإسلامي والمنظمة الدولية للثقافة التركية.
ولفت إلى أنه تم منع محاولات أذربيجان للاعتراف في الماضي بقبرص التركية، بسبب تهديد من اليونان وقبرص اليونانية بإمكانية الاعتراف بقره باغ. فيما تخلت باكستان وبنغلادش عن قرار الاعتراف بها تحت ضغط مماثل.
من جهته قال الكاتب التركي، يعقوب كوسا، إن نتائج الانتخابات في قبرص التركية شكّلت ضربة على حد وصفه. “لأولئك الذين يحاولون إغراق تركيا في شرق المتوسط”.
وأضاف في مقال على صحيفة “ستار” التركية، أن خطاب تتار بعد إعلان فوزه بالانتخابات أظهرت أهمية تركيا في حل المسألة القبرصية.
وتعهد تتار، في خطابه بالدفاع عن حقوق ومصالح بلاده، معربا عن اعتزازه إزاء التحرك “مع تركيا التي وقفت دوماً بجانب القبارصة الأتراك. وأرسلت أبناءها إلى أراضينا وقدمت الشهداء هنا”.
وأشار الكاتب التركي، إلى أهمية الانتخابات الرئاسية في قبرص التركية بالفترة الراهنة، لافتا إلى أنه “إذا فاز أولئك (أكينجي). الذين يحاولون حل قضية قبرص بالطريقة التي يريدها الغرب، فإنه كان من الممكن أن يعيق ذلك تحركات تركيا في البحر المتوسط”.
وأضاف أنه مع اختيار تتار رئيسا لقبرص التركية، فإن يد تركيا في البحر الأبيض المتوسط ستكون لها أفضلية أكبر.
.
المصدر/arabi21