هكذا قرأ مراقبون استقالة براءات ألبيرق
أثارت استقالة وزير الخزانة والمالية التركي، براءات ألبيرق، الجدل على كل الأوجه، اذ لا يمكن قراءتها بسياق طبيعي كما يرى محللون ومراقبون للشأن التركي.
المراقبون تحدثوا أن “ألبيرق”، شكل ظاهرة في الساحة السياسية التركية والحزب الحاكم. وصعد نجمه بسرعة داخل أروقة العدالة والتنمية، حتى وصل بهم الحال لوصفه بخليفة أردوغان القادم. مستندين على ما حققه في وقت قصير. وتمكنه من تشكيل تيار واسع منافس داخل بيت الحزب، متزامنا مع انفضاض عدد من رفقاء الرئيس من حوله.
الوزير المقرب من الرئيس أردوغان لاعتبارات عدة منها مصاهرته له، ورفيقه الأبرز في ليلة الانقلاب. يقول المراقبون إنه خسر صراعه مع وسائل الإعلام بتقديم استقالته، حيث لم تخل شاشات التلفزة والإذاعات المحلية. من تناوله كمادة ساخنة لانتقاد سياساته وإدارته للملف الاقتصادي بالبلاد حتى لحظة رحيله عن المنصب.
لكن العاصفة الناجمة من الاستقالة لم تهدأ بعد، حيث أثارت طريقة تقديمها المفاجئة غضب مسؤولي الحزب الحاكم الذين قالوا إن الأسلوب أضر بشخص الرئيس.
محللون قالوا، إن تداعيات الإستقالة ما زالت تحمل بين طياتها الكثير. وما زال من المبكر الكشف عن جميع أوجه الملابسات والتفصيلات التي أحاطت بالملف.
وأجمع المحللون على أن إستقالته “لا يمكن تفسيرها بمعزل عن تعيين أردوغان وزير المالية السابق رئيسا للبنك المركزي للبلاد، فيما ذكر ألبيرق في بيانه غير المعتاد والمقتضب. والذي نشر على حسابه بإنستغرام بأن ظرفه الصحي سيمنعه من اكمال عمله في الوزارة”.
وقال المختص في الشأن التركي سعيد الحاج، إن استقالة ألبيرق تعد مفاجئة. ولكن عندما ينظر إليها بجانب تغييرات الرئيس التركي الأخيرة على الملف الإقتصادي للبلاد وعلى رأسهم وزير البنك المركزي الجديد والذي لا يعد على وفاق مع ألبيرق نستطيع قراءتها كاحتجاج من قبله على قرارات الرئاسة.
وقال الحاج إن “نشر ألبيرق بيان الاستقالة على حسابه على إنستغرام وتجميده حسابه الشخصي بتويتر. إضافة إلى عدم حضوره مراسم تسليم المنصب المعتاد عليها لخلفه لطفي ألوان يؤكد على أنها استقالة من طرف واحد ودون علم الرئيس”.
ووصف الحاج غياب نبأ الإستقالة عن الصحف اليومية ووسائل الإعلام التقليدية وخصوصا القريبة من الحزب الحاكم “بالظاهرة الغريبة”. مفسرا مضي أكثر من 27 ساعة على نشر الخبر، بكونه انتظارا لرد فعل الرئاسة.
وأحال الحاج سبب تأخر رد أردوغان ونأي أعضاء حزب العدالة عن التعليق على خطوة ألبيرق لمحاولات الرئاسة ثني الوزير عن الإستقالة. لكن جميعها باءت بالفشل.
ولا يعتقد الحاج حصول أي تداعيات من الاستقالة على حزب العدالة والتنمية، رغم أنها تأتي بشكل غير طبيعي واحتجاجا على تغييرات الرئيس. معللا ذلك لوجود عامل المصاهرة من جانب وبقائه في مناصب عليا داخل الحزب وبعض المناصب الإقتصادي. فضلا عن شكر الرئيس ونائبه والوزير الجديد من جانب آخر.
وأكد الحاج على أنه “من المستبعد حدوث أية مشاكل جوهرية داخل الحزب إثر الاستقالة. وعلى خلاف ما يثار على بعض وسائل الإعلام من خلافات متوقعه على خلفيتها نجد أن الحزب يسوده حالة من الإيجابية خلال الأيام الماضية نتيجة عودة العديد من القيادات مرة أخرى لتولي حقائب ومناصب عليا في الدولة. علاوة على ذلك اتجاه أردوغان لإعادة بعض الوجوه القديمة في العدالة والتنمية إلى الواجهة يشير إلى حرصه على لم شمل الحزب وتمتين بنيته أكثر خصوصا أننا على أعتاب المؤتمر العام “.
من جهتها أكدت الكاتبة التركية كوبرا بار، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. كات غاضبا بسبب عدم تداول الإعلام الموالي للحكومة التركية نبأ استقالة براءات ألبيرق من منصبه.
وأشارت في مقال على صحيفة “خبر ترك”، إن عملية إدارة الازمة تمت بشكل سيء. وأكد المعلقون المقربون من حزب العدالة والتنمية أن الصمت الذي استمر لساعات طويلة يؤكد الفشل في آليات التواصل. فقد كانت الحكومة قادرة ببساطة الإدلاء ببيان يؤكد نبأ الاستقالة بانتظار قرار الرئيس.
كما عبّرت الكاتبة عن إستيائها لصمت الإعلام المقرب من الحكومة التركية، أمام الحديث عن خبر الاستقالة، بالوقت الذي انتشرت فيه مزاعم بعمليات اختراق لحسابات المسؤول التركي. مشيرة إلى أن صحيفة “خبر ترك” التي نقلت الخبر، كانت الأكثر مشاهدة لدى الجمهور الأوروبي بشأن القضية.
وأضافت أن الرئيس التركي، “كان غاضبا من بعض القنوات والصحف التركية التي أهملت الأمر. مشددة على أن المطلوب إجراء إصلاحات إعلامية إلى جانب التغيرات الاقتصادية لاسيما تلك التي لدى المسؤولين عن الإعلام في حزب العدالة والتنمية”.
من جانب آخر قال الأكاديمي التركي محمد خيري قرباش أوغلو، إن جميع أحزاب المعارضة منذ البداية وجهت انتقادات قاسية جدا للسياسة الإقتصادية والمالية للحزب الحاكم. وتصاعدت وتيرتها عندما شغل ألبيرق منصب وزارة الخزانة والمالية.
وأضاف قرباش أوغلو بأن تدهور سعر صرف الليرة وفشل استراتيجة الوزير المستقيل في إنقاذ الاقتصاد التركي فرضت على أردوغان تغيير منهجيته وإجراء تغييرات على مستوى مسؤولي الملف. وهذا يدل على فشل رؤية الرئيس وصهره في الخروج من أزمة البلاد الحالية، على حد وصفه.
وتابع بالقول إن “إصرار أردوغان على سياساته سبب انحدارا في صرف الدولار مقابل الليرة في السوق المحلية. فالضخ المستمر للدولار من المخزون الوطني في الأسواق المحلية من قبل الحكومة لم يكبح جماح هبوط الليرة ما دعاه بالنهاية إلى العدول عن سياساته والتضحية بالوزير ككبش فداء أمام الرأي العام”.
ووصف قرباش أغلو خطوات الرئيس أردوغان حيال التطلعات والسيايات الجديدة المرتقبة في الملف الاقتصادي بـ”المتأخرة”. كما حذر من اقتراب البنك المركزي من الإفلاس.
.
المصدر/وكالات