المعارضة التركية والصراعات الداخلية … طرد الحزب الجيد المعارض، الاثنين، النائب “أميت أوزداع” من الحزب، بعد تصريحاته التي اتهم فيها رئيسَ فرعه في محافظة إسطنبول، “بوغرا كاونجو”، بالانتماء إلى الكيان الموازي (التنظيم السري لجماعة فتح الله غولن). كما أعلن النائب عن محافظة أضنة “إسماعيل كونجوك” استقالته من الحزب الجيد، احتجاجا على “طريقة إدارة الحزب”.
النائب أوزداغ أحد مؤسسي الحزب الجيد، وكان ينتمي إلى حزب الحركة القومية. إلا أنه فُصل منه عام 2016 بسبب تصريحاته المعارضة لسياسات الحزب. وكانت “ميرال آكشنير” انتقدت آنذاك تلك الخطوة واعتبرتها “غير ديمقراطية”. ولكنها أقدمت على مثلها بعد أربع سنوات.
الحديث عن ارتباط الحزب الجيد بالكيان الموازي ليس وليد اليوم، بل يرى كثير من المحللين أن “مشروع الحزب الجيد” جاء لشق صفوف القوميين الأتراك. بعد أن فشلت آكشنير في السيطرة على حزب الحركة القومية. وبالإضافة إلى هذا الموضوع. أثار أوزداغ نقاشا آخر حول قيام أربعة أحزاب معارضة، هي حزب الشعب الجمهوري، والحزب الجيد، وحزب السعادة. وحزب الشعوب الديمقراطي، بصياغة مسودة دستور جديد يفتح الباب أمام انتقال تركيا إلى النظام الفيدرالي.
الحزب الجيد برئاسة “ميرال آكشنير” يعاني من أزمات داخلية خانقة. منذ إبعاد عدد كبير من نواب الحزب وأقطابه عن المناصب القيادية في مؤتمره العام الثاني الذي عقد قبل حوالي شهر. وهناك أدلة وقرائن تشير إلى انتماء رئيس فرعه في إسطنبول إلى الكيان الموازي. كما فتح الادعاء العام في إسطنبول تحقيقا في حق كاونجو، بناء على تصريحات أوزداغ. وتظاهر قبل أيام عشرات من أنصار الحزب الجيد أمام مقر فرعه بإسطنبول للمطالبة باستقالة رئيس الفرع، إلا أن آكشنير ما زالت تصر على حمايته والدفاع عنه.
مشاركة الحزب الجيد مع حزب الشعوب الديمقراطي في صياغة مسودة دستور أزمة أكبر من أزمة اتهام كاونجي بالانتماء إلى الكيان الموازي. لأن معظم مؤيدي الحزب الجيد ينتمون فكريا إلى التيار القومي التركي، ويعتبرون الجلوس على طاولة واحدة مع ممثلي حزب الشعوب الديمقراطي الموالي لحزب العمال الكردستاني، من أجل صياغة دستور للبلاد، “خيانة للوطن”. كما يرون أن الانتقال إلى النظام الفيدرالي يؤدي في نهاية المطاف إلى تقسيم تركيا.
آكشنير تنفي وجود مسودة للدستور شاركت في صيغتها الأحزاب الأربعة، ويؤيدها رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو. إلا أن تصريحات سابقة أطلقها هذا الأخير في حديثه للصحف المقربة من المعارضة في حزيران/ يونيو 2018، تُكذِّبهما. لأنه يقول فيها بكل صراحة إن مسودة دستور جديد جاهزة وشاركت في صياغتها تلك الأحزاب.
النقاش حول مشاركة حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد مع حزب الشعوب الديمقراطي في صياغة مسودة دستور يستمر. وبعد ظهور التصريحات التي أطلقها كليتشدار أوغلو قبل أكثر من سنتين. لجأت المعارضة إلى اختلاق أزمة لصرف انتباه الرأي العام عن هذا الموضوع. وأثارت مرة أخرى ملف قناة إسطنبول ومعارضة رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو لذاك المشروع العملاق. وستظهر الأيام القادمة مدى نجاح هذا الأسلوب في وأد الأزمة وجعل موضوع مسودة الدستور نسيا منسيا.
حزب الشعب الجمهوري هو الآخر يعاني من صراعات داخلية قد تؤدي إلى انشقاقات منه وولادة حزب جديد من رحمه. ويستعد القيادي السابق في الحزب، مصطفى ساري غول، لإعلان تأسيس حزب سياسي جديد خلال أسابيع. ومن المؤكد أن ظهور حزب ساري غول كمنافس جديد سيزعج حزب الشعب الجمهوري، إلا أن الخطر الأكبر الذي يواجهه الحزب حاليا لا يأتي منه. بل من مرشحه لرئاسة الجمهورية في الانتخابات الأخيرة، محرم إينجه. وكان إينجه قد حصل في تلك الانتخابات على حوالي 30 بالمئة من أصوات الناخبين.
ومن المؤكد أن تلك الأصوات لم تكن كلها من مؤيدي حزب الشعب الجمهوري. ولن تذهب أيضا إلى الحزب الذي يستعد الرجل لتأسيسه، إلا أنه سيوجه إلى حزب الشعب الجمهوري ضربة قوية في حال انشقاقه عنه. ولذلك يسعى قادة حزب الشعب الجمهوري إلى احتواء الأزمة، من خلال عدم التصعيد وتجاهل تصريحات إينجه.
إينجه في برنامج تلفزيوني وصف المقر الرئيسي لحزب الشعب الجمهوري بـــ”مقر الكذب والافتراء”. كما اتهم كليتشدار أوغلو بــ”اللجوء إلى الكذب بشكل مستمر”. وتشير هذه التصريحات إلى أنه أحرق سفنه. وعازم على المضي قدما في تأسيس حزب سياسي جديد، ويقترب يوما بعد يوم من الانشقاق عن حزب الشعب الجمهوري، إن لم يتم طرده منه قبل انشقاقه.
المعارضة التركية فرحت قبل فترة بانشقاق كلٍ من علي باباجان وأحمد داود أوغلو عن حزب العدالة والتنمية. وتأسيسهما حزبين جديدين، إلا أنها هي ذاتها تعاني اليوم من صراعات داخلية حادة. ومهددة بانشقاقات قد تؤدي إلى انهيار كافة حساباتها المتعلقة بالانتخابات البرلمانية والرئاسيةالمقرر عقدها في صيف 2023.
الاحزاب التركية الخائنة بدلا من المعارضة التركية لان هدفهم تدمير و تضعيف تركيا و بيعها خردة و هم عبيد للغرب