لقد مرت ثلاثة أسابيع كاملة على اتضاح نتائج الانتخابات الأمريكية التي انعقدت في 3 أكتوبر/تشرين الأول.
السؤال الذي طرحناه قبل أربعة أسابيع، أي بعد اتضاح فوز بايدن بالانتخابات على الفور، لم ينته وقته بعد.
كان السؤال؛ أي نوع من التطورات والأجواء تنتظر العلاقات التركية-الأمريكية خلال المرحلة الجديدة؟
حينما تم الإعلان بشكل جزئي عن فوز بايدن وكانت النتائج تشير لذلك، طرحنا على نائب الرئيس التركي السؤال ذاته. وحين ذلك تحدث عن فترة أكثر من شهرين لحين استلام الرئيس الجديد، مشيرًا إلى أن الإجابة عن هذا السؤال ستتأخر.
وفي الحقيقة لا نزال ضمن هذه الفترة التي هي أشبه بالعملية الانتقالية للسلطة.
ماذا يعني شعار “عادت أمريكا” بالنسبة للولايات المتحدة؟
نلاحظ ان هناك العديد من الذين يقتنعون بنظرية أن حقبة بايدين المقبلة عبارة عن أوباما ثالث. لا سيما في الدوائر المعنية التي تتعامل مع هذه القضايا.
وحسب هذا السيناريو إذن، يمكننا على الفور مطالعة حقبة أوباما. ومن ثمّ التوصل إلى بعض الأفكار حول الاتجاه الذي ستسير فيه العلاقات التركية الأمريكية.
لكن على الرغم من ذلك فإننا نتحدث عن حقبة مختلفة مليئة بالتغيرات. تجعل من الصعب وضع تنبؤات مستقبلية وواضحة حاليًّا.
من الملاحظ أن بايدن يستخدم شعار “أمريكا عادت”، مشيرًا إلى عهده الجديد.
ومن الواضح أن في ذلك إشارة إلى السياسة الخارجية التي اتبعها ترامب خلال السنوات الأربع القادمة.
نحن أمام إدارة جديدة تريد وضع حقبة ترامب الذي يعتقد أن الدور الأمريكي كحارس حول العالم قد أخسر الولايات المتحدة الكثير. والذي ينتقد المظلة الأمنية الأمريكية لصالح أوروبا والشرق الأقصى، ويرى الأموال التي تنفق على الشرق الأوسط بأنها ضائعة. تريد وضعه بين قوسين كفترة عابرة ووقت ضائع.
إن شعار أمريكا عادت، يعني العمل على عكس المبدأ الذي يرى ضرورة عودة أمريكا إلى ديارها. بل يدعو هذا الشعار للظهور من جديد في الشؤون الدولية.
إذن، كيف يعني هذا الشعار بالنسبة إلى تركيا؟
على الرغم من مضي 4 أسابيع على اتضاح فوز بادين بالانتخابات الأمريكية. إلا أنه لم يعط أي إشارات بإمكانها توضيح رؤيته للعلاقات مع تركيا.
لا يوجد هناك مؤشرات على ذلك، سوى في المقابلة التي أجراه معه محررو نيويورك تايمز. حيث قال فيما يتعلق حول تركيا؛ “إذا حصلت إيران علىا قنبلتها النووية، فإن ذلك سيجعل السعوديين وتركيا ومصر يشكلون ضغطًا هائلًا للحصول على أسلحة نووية خاصة بهم”.
لم تصدر عن بايدن خلال الأسابيع الأربعة الفائتة أي كلمة فيما يتعلق بتركيا، سوى هذه الكلمة.
لا تزال التقييمات والقراءات مستمرة، حول فيما إذا كان بايدن سيتعامل مع الحكومة التركية كبايدين نائب الرئيس الأمريكي السابق. أن سيتعامل بالفعل على أساس ما صرفه من تصريحات خلال الحملة الانتخابية.
لكن لو أردنا أن نتحدث عن ملامح مرحلة جديدة للمرة الأولى، يمكننا الاطلاع على تصريحات المبعوث الأمريكي الجديد إلى سوريا. جويل رايبون، في حديث لصحيفة حرييت التركية.
حيث قال عقب محادثات عقدها مع المتحدث الرئاسي إبراهيم قالن، “الولايات المتحدة تريد رؤية الحدود التركية-السورية آمنة. ولا نسعى وراء ممر إرهابي”.
هل يمكن قراءة هذا التصريح، بمثابة تعهد أمريكي بعدم السعي وراء تعطيل مكاسب العمليات العسكرية التي قامت بها تركيا في سوريا؟
نعم يمكن قراءة ذلك في الحقيقة. إلا أنه لا يزال فهم ذلك مبكرًا بعد. لأن الأسماء ذات المستوى الأعلى ستحدد او توضح السياسة الحقيقية بشأن هذه المسألة.
على صعيد آخر، رأينا وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، يدلي بتصريحات قاسية ضد تركيا، خلال قمة الناتو.
هناك من رأى تصريحات بومبيو على أنها مؤشرات لملامح المرحلة الجديدة على صعيد العلاقات التركية الأمريكية. إلا أنني لا أوافق ذلك الرأي.
بومبيو الذي بدا في تصريحاته تلك كبط أعرج، لا يمكن النظر إليه إلا كوزير شبه متقاعد، يمضي أسابيعه الأخيرة. ولا ينبغي الاكتراث لتلك التصريحات.
نعم يمكن أن تكون تلك التصريحات احتقانًا من بومبيو، الذي فشل في إقناع ترامب بالانتقام من تركيا.
وإضافة لذلك، يمكن أن يكون للوبي اليوناني دور كبير في صرف تلك التصريحات غير المسؤولة.
ولذلك أعتقد أن المهم هو النظر إلى ما سيقوله وزير الخارجية الأمريكي الجديد، وليس بومبيو.