تولى 12 رئيسا رئاسة الجمهورية في تركيا منذ قيام الجمهورية، منهم 4 رؤساء انتموا لحزب سياسي و4 رؤساء انتموا للمؤسسة العسكرية و3 رؤساء قطعوا علاقتهم بحزبهم السياسي قبل تولي المنصب ورئيس واحد من طبقة البيروقراطيين. وقد كان الرئيس الأول للجمهورية التركية في الوقت ذاته رئيس حزبه السياسي، فكان الرئيسان مصطفى كمال أتاتورك وعصمت إينونو رئيسين للجمهورية وكذلك رئيسين لحزب الشعب الجمهوري. الأمر ذاته انطبق على الرئيس جلال بايار الذي كان رئيسًا للجمهورية وكذلك رئيس الحزب الديمقراطي.
لقد كان انقلاب 27 مايو/أيار 1960 حجر عثرة في طريق تركيا وديمقراطيتها. وقد تولى منصب رئيس الجمهورية الرابع الانقلابي جمال غورسل، بينما مثّل الرئيس الخامس جودت صوناي، امتدادًا لهذا المناخ الانقلابي. وعندما عادت إرادة الشعب للظهور على الساحة مجدّدًا عام 1965 وقع انقلاب 12 مارس/آذار 1971 الذي قمع هذه الإرادة، لينتخب الرئيس السادس في تاريخ الجمهورية فخري كوروترك. وفقًا لهذا المناخ القمعي الجديد. وكذلك جاء كنعان أفرين ليكون رئيسًا سابعًا للجمهورية التركية عقب انقلاب 1980.
ولكن بعد عهد أفرين بدأ منصب رئيس الجمهورية في تركيا يتجه نحو التيار المدني مع انتخاب تورغوت أوزال رئيسًا ثامنًا. وسليمان دميرال رئيسًا تاسعًا للجمهورية. ورغم أنّ أحمد نجدت سيزر الرئيس العاشر كان مدنيًّا إلا أنه كان في نهاية المطاف أحد مفرزات انقلاب 28 فبراير/شباط ما بعد الحداثي.
ويبدو أنّ الذين ينادون بعودة النظام البرلماني اليوم قد شعروا بالملل من رئيس جمهوريتهم المدنيّ عام 2007. لدرجة أنهم ردّدوا شعارات تدعو الجيش للتدخل مجدّدًا في السلطة خلال مؤتمراتهم الجماهيرية. ونادوا بأعلى أصواتهم كيلا ينتخب البرلمان رئيسًا مدنيًّا جديدًا للجمهورية. وقد أحسنوا إحسانًا طيبًا للديمقراطية في تركيا من خلال عجيبة “367”. وفي الوقت الذي أرادوا فيه الحيلولة دون انتخاب البرلمان لرئيس الجمهورية، فقد مهدوا الطريق أمام اختيار الشعب للرئيس بشكل مباشر.
ولقد سار الرئيس عبد الله غول على خطى الرئيسين الأسبقين أوزال ودميرال عندما استقال من منصبه في حزبه العدالة والتنمية قبل انتخابه رئيسًا للجمهورية. وبعدما دخل الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان التاريخ كأول رئيس ينتخبه الشعب التركي بالاقتراع المباشر عام 2014، أضحى رابع رئيس للجمهورية التركية ينتسب لحزب سياسي بعد كلّ من أتاتورك وإينونو وبايار بعد الاستفتاء الدستوري الذي أجري عام 2017.
البحث عن تحالف جديد
لقد أفضت زيارة الرئيس أردوغان لرئيس اللجنة الاستشارية العليا بحزب السعادة أوغوزخان أصليترك. وهو الحزب الذي يعتبر أحد أبرز ورثة سياسة حركة “المللي غوروش” التي أسسها الراحل نجم الدين أربكان. وما صدر بعدها من تصريحات إلى تكهنات حول احتمالية حدوث تغيرات في التحالفات السياسية في تركيا.
ولعل الوقت سيثبت ما إذا كان حزب السعادة سينضم لتحالف الجمهور الذي يضم حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية. ويمكن أن نقول بأريحية تامة إن جميع المنتمين لتيار المللي غوروش متفقون على أن حزب السعادة لم ينضم أبدًا لأي تحالف أراده ودعمه منظمة غولن الإرهابية.
لقد مرّ 23 عامًا على إغلاق حزب الرفاه، وبنهاية فبراير/شباط المقبل سيكون قد مرّ 24 عامًا على انقلاب عام 1997.
وما يزال الجميع يتذكر مواقف وتصريحات زعيم منظمة غولن الإرهابية. صاحب الروح المظلمة الذي كان يعيش في ولاية بنسلفانيا الأمريكية في تلك السنوات الضبابية.
ولعله من المفيد أن نثمن مستقبل التحالفات السياسية في تركيا من خلال هذه الزاوية.
كليجدار أوغلو ومفوضية اليمين الدستورية
لقد نقل كمال قيليجدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري المسألة إلى بُعد كارثي ليدافع عن تصريحه الذي وصف فيه رئيس الجمهورية عندما قال “لا يمكن أن يكون أحد رئيسًا للجمهورية بالانتخابات”. فالسيد كليجدار أوغلو يرى أنّ الانتخابات لا تعني شيئًا بمفردها؛ إذ ينبغي للرئيس بعد الانتخابات أن يقسم ويلتزم بيمينه بطبيعة الحال. كما أنه يعلن نفسه مفوضًا لليمين ليقرر هو ما إذا كان الرئيس ملتزمًا بهذه اليمين أم لا.
ربما نعتبر هذا الأمر من قبيل المعارضة في ظل الظروف العادية. ويجب ألا يتعجب اليوم أحد من عدم اعتبار هذه العقلية التي لم تسمح للبرلمان ونوابه عام 2007 باختيار رئيس الجمهورية. أن الرئيس الذي اختاره الشعب شرعيًّا. فإذا كنا لا نعجب من أن يطالب اليوم بنظام برلماني مقوّى مَن قالوا عام 2007 “لا يمكن للبرلمان انتخاب رئيس الجمهورية”، فإننا لا نعجب من احتقار العقلية ذاتها اليوم لإرادة الشعب.
بيد أنّ هناك نقطة ينبغي التأمل بها، ألا وهي أنه ما دام السيد كليجدار أوغلو أعلن نفسه مفوضًا لليمين، إذن أصبح من حقنا أن نوجه له هذا السؤال: أتعتقد أن نواب حزب الشعوب الديمقراطي من الذين تحالفتم معهم خلف الأبواب المغلقة ملتزمون بأيمانهم؟
نشهد بإيمانها وتوحيدها وجهادها
لقد تعرفت إلى الظلم بسبب ارتدائها الحجاب بينما كانت طالبة بقسم التاريخ في كلية الآداب بجامعة إسطنبول. وقد استمر تعرضها للظلم كذلك بعدما تخرجت وعملت معلمة، لكنها لم تستسلم. نعم، أتحدث عن المعلمة زكية ياغمورجو التي انتقلت إلى رحمة الله تعالى. لقد كانت تلك السنوات هي أولى سنوات حياتي المهنية عندما كان الظلم. وبطبيعة الحال المقاومة، في كلّ مؤسسة وهيئة علمية في إسطنبول. ولقد كنت أرى المعلمة زكية حينًا وهي تقاوم في ميدان بايزيد.وحينًا وهي تكافح بحثًا عن الحق في كلية جراح باشا، وحينًا أمام كلية الإلهيات بجامعة مرمرة، وحينًا في أثناء كفاحها أمام ثانوية كوتشوك كوي للأئمة والخطباء. وتشهد على إيمانها وتوحيدها وجهادها ليس عيني فقط بل وصور كاميراتي الشخصية البيضاء.
بواسطة / حسين ليكوفلو