قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في مقال للباحثة التركية “أسلي أيدنطشباش”؛ إن ” تركيا ستكون واحدة من أكثر ملفات إدارة الرئيس جو بايدن، في أثناء صياغة أهداف السياسة الخارجية”.
وبحسب الصحيفة، فإن تركيا ابتعدت تحت حكم الرئيس رجب طيب أردوغان عن الغرب، وغازلت روسيا، لكنها لا تزال شريكا في الناتو وقوة إقليمية، لافتة إلى أنها أثارت غضب واشنطن من خلال شرائها نظام صواريخ أس-400 الروسي، ومطاردة القوات الكردية المتحالفة مع أمريكا في سوريا.
وتابعت الكاتبة: “ملأت تركيا بمهارة، الفراغ الناتج عن التراجع الأمريكي في المنطقة، من خلال توسيع نطاق وجودها العسكري في القوقاز والشرق الأوسط”، مشيرة إلى أنه مع تنامي القدرات التركية الدفاعية المحلية، لم يعد أردوغان مهتما بأن يكون عضوا مخلصا في الغرب، ويؤكد سعي بلاده وراء مصالحها.
وذكرت أن “أردوغان يبحث عن فتح صفحة جديدة مع إدارة بايدن، تعترف من خلالها بواقع تركيا الجديد”.
وتطرقت إلى تصريحات أحد كبار مستشاري أردوغان، بشأن فرض إدارة ترامب عقوبات في أيامها الأخيرة على وكالة المشتريات العسكرية التركية، بسبب شرائها معدات روسية، حيث قال؛ إن “ترامب قدم خدمة بشكل ما من خلال هذه العقوبات (..)، ويمكننا الآن فتح صفحة نظيفة مع بايدن”.
وبحسب رأي الكاتبة التركية، فإن “العلاقة بين أنقرة وواشنطن كانت توصف بأنها شراكة استراتيجية، لكن هذا يبدو الآن أجوف، نظرا لانعدام الثقة المتبادلة والعميقة بين الطرفين”.
وتحدثت الكاتبة في الأيام الأخيرة، مع العديد من كبار مساعدي أردوغان والمستشارين السابقين وهم يستعدون لعصر بايدن، مؤكدين أن ترامب كان يمتلك طريقة خاصة في التعامل مع أردوغان، ويتجاوز من خلالها مؤسسته، لعقد صفقات شخصية مع الزعيم التركي.
واستدركت: “لكنه فشل في حل أي من القضايا الرئيسية في التحالف”، معتقدة أنه من الناحية المثالية. يود أردوغان أن يتصرف بايدن مثل ترامب، ولكن في غياب ذلك، فإنه يأمل في الحصول على صفقة كبيرة، تتضمن تنازلات أمريكية بشأن أس-400، وسوريا. وقضية كبيرة ضد بنك تركي تديره الدولة في نيويورك”.
ونقلت الكاتبة عن مستشار أردوغان بقوله: “نحن الدولة الوحيدة التي تقاوم التوسع الروسي في سوريا وأماكن أخرى (..). لذلك يجب أن تنظر إدارة بايدن إلى هذا على أنه ميزة”.
وأشارت إلى أن بايدن نفسه يعلم من أيامه كنائب للرئيس، أن أردوغان مفاوض صعب “المراس”. حتى لو كانت أوراقه ضعيفة، مؤكدة أن أنقرة تستعد لإجراء “صفقة صعبة”. ولكن تصريحات وزير الخارجية الأمريكي تشير إلى أن واشنطن ليست في حالة مزاجية تسمح لها بالتهاون.
ورأت الكاتبة أن “العودة إلى سابق العهد بشكل كبير أمر بعيد المنال. لكن المساحة الوحيدة التي يوجد فيها زخم إيجابي في العلاقات بين تركيا وأمريكا، يمكن أن تكون في المحيط. وتحديدا في الصراعات القديمة مثل قبرص وأرمينيا”.
وقالت الكاتبة التركية؛ إن مستشار أردوغان أخبرها بأن أنقرة مستعدة “لتطبيع العلاقات مع خصمهم التاريخي أرمينيا. وحتى فتح المعبر الحدودي معها”، مستدركة: “قد لا تكون قبرص وأرمينيا في صميم العلاقات التركية الأمريكية. لكن حل هذه النزاعات سيفيد بشكل كبير علاقات أنقرة مع الغرب”.
وختمت الكاتبة مقالها بالقول؛ إن “الأمريكيين لم يفهموا أبدا كيف يتعاملون مع أردوغان. وربما يكون مفتاح إصلاح العلاقة هذه المرة، هو القليل من التباعد الاجتماعي (..)، وبدلا من التركيز على إعادة المياه إلى مجاريها من الأعلى. قد يكون من الأفضل لتركيا وأمريكا اتخاذ خطوات صغيرة، ما يبقي الباب مفتوحا لمستقبل أفضل”، على حد قولها.