احتفل محرك البحث غوغل بـ يوم الأم الذي يصادف اليوم، وكعادته غيّر شعاره بمناسبة يوم الأم الذي يعتبر من المناسبات المهمة التي يحرص الأبناء من جميع الأعمار على الاحتفال بها.
والجديد الذي اقترحه غوغل إتاحة المجال لكل من يرغب بإرسال تهنئة إلى أمه أن يشكل اللوحة من خلال المحرك. كما يريدها من خلال قلب متحرك يمكن الكتابة أو الرسم به.
تاريخ يوم الأم
بدأ الاحتفال بيوم الأم في العصر الحديث عام 1872م. حينما دعت المؤلفة الأميركية جوليا وورد هوي إلى الاحتفال به للتخفيف من معاناة الشعب الأميركي الذي عانى أهوال الحرب الأهلية.
وفي عام 1907 نجحت الأميركية آنا جارفيس بالترويج للاحتفال به كمناسبة وطنية. وخلال 5 سنوات فقط أصبحت جميع الولايات الأميركية تحتفل به.
وعام 1914 أعلن الرئيس الأميركي وودرو ويلسون يوم الأم عطلة وطنية رسمية. وانتشرت الاحتفالية ووصلت معظم بلدان العالم، مع اختلاف تواريخ الاحتفالات بيوم الأم من دولة إلى أخرى.
ورغم كل التمجيد الذي يرافق الأم وتضحياتها والتغني بها فإننا. نجد أن الفن -وإن كرمها- إلا أنه لم يفها ما يكفي مقارنة بحب الحبيبة وحب الوطن، ومع هذا فإنها تقطع أشواطا عن الأغنيات الموجهة للأب. ونادرا ما يعول على أغنية موجهة للأم أن تكون في المقدمة.
ومع هذا، فإن بعضها تحولت إلى أناشيد أو أيقونات، وكررها عدد من الفنانين، خاصة في مناسبة يوم الأم.
“ست الحبايب” الأغنية الأيقونية
عبارة “ست الحبايب” باتت الصفة التي تستخدم عربيا للتعبير عن الأم. وذلك بسبب الأغنية المصرية التي تحمل هذا العنوان والتي أنتجت عام 1959.
عاطفة الشاعر حسين السيد أتت لتجتمع مع لحن محمد عبد الوهاب الرائع وعذوبة صوت فايزة أحمد لتخلد هذه الأغنية التي جعلت مطربتها عابرة للأجيال، والتي نادرا ما غناها فنان عربي من دون تأثر ودموع، وتكررت حتى كأنها اختصرت أغنيات الأم واكتفى بها الفنانون.
ورغم أن الفكرة العاطفية المتداولة حول مناسبة الأغنية عن نسيان الشاعر إحضار هدية لوالدته يوم الأم وتذكره ذلك أثناء صعوده على درج المنزل فجلس وكتبها. ولحنها عبد الوهاب وحفظتها فايزة أحمد لتسجل بسرعة فإن الطبيبة حامدة ابنة الشاعر حسين السيد قالت إنها ليست القصة الحقيقية حول مناسبة الأغنية.
ويبدو أن الصحيح هو أن وزارة الثقافة المصرية بعد تكريسها يوم الأم. طلبت من الموسيقار محمد عبد الوهاب أغنية للمناسبة فما كان منه إلا أن طلب من الشاعر حسين السيد كتابة النص.
وفيها المقطع الأول الذي يعد الأكثر شهرة:
“ست الحبايب يا حبيبة
يا أغلى من روحي ودمي
ويا حنينة وكلك طيبة
يا رب يخليكي يا أمي”.
فيروز تغني للأم 4 مرات
في بدايتها غنت فيروز “الأم” من كلمات وألحان الأخوين الرحباني. وهذه الأغنية ليست معروفة مثل أغنياتها الباقية عن الأم، وتقول “أمي نداء الحنان وصفو الأمان وأسعد حلمي..”.
وقد تكون فيروز أكثر من غنى للأم، واخترنا هذا المقطع أيضا:
“ربي سألتك باسمهن أن تفرش الدنيا لهن
بالورد إن سمحت يداك وبالبنفسج بعدهن
….
نمشي على أجفانهن ونهتدي بقلوبهن
فردوسهن وبؤسهن ببسمة منة وأنّة
…
ربي سألتك رحمة وجه السماء ووجهن
فامسح بأنملك الجراح ورد أطراف الأسنة
لتطل شمسك في الصباح وكل أم مطمئنة”.
وتبدو هذه القصيدة “في يوم الأمهات” التي كتبها الشاعر رشدي المعلوف عام 1944 كدعاء وصلاة للأم في كلماتها ولحنها وأدائها، وهي من القصائد القليلة التي تتحدث عن الأمهات كجمع وليس فقط كفكرة الأم، وكأن الشاعر لا يخصص الكلام لأمه بل لأمهات العالم، وقد لحنها الأخوان الرحباني وغنتها فيروز.
“أمي يا ملاكي يا حبي الباقي إلى الأبد
ولا تزال يداك أرجوحتي ولا أزال ولد”.
ودرست في المناهج المدرسية لمادة الاستظهار أو قراءة الشعر.
وغنت فيروز من كلمات وألحان زكي ناصيف ألبوما كاملا “أهواك” في التسعينيات، وفيه أغنية:
“أمي يا أمي الحبيبة نفح الرياحين والورود
أين ابتسامتك الرطيبة تسمو بإشراقة الوجود”.
فيروز -كما غيرها من الفنانين- لطالما رددت كلمة “أمي” في أغنياتها، ليس بهدف التغني بالأم. وعاطفتها فقط، بل جاءت بمعنى الشكوى لها أو إخبارها بالعواطف التي ترافق الحب الذي تعيشه.
الأم المناضلة
“أحن إلى خبز أمي” كتبها الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش الذي كان يظن في طفولته أن أمه لا تحبه. وعندما انخرط في العمل النضالي اعتقله الإسرائيليون، وكانت أمه تزوره في السجن. ولم يسمح لها بإدخال القهوة التي أعدتها والخبز الذي خبزته بيديها ورماهما الجندي، مما تسبب ببكائها، فكتب الشاعر بعد زيارتها هذه عام 1965م. على الطرف الأبيض من ورقة الألمنيوم في علبة الدخان كونه كان ممنوعا الحصول على أوراق وأقلام في المعتقل:
“أحن إلى خبز أمي
وقهوة أمي
ولمسة أمي…
وتكبر فيّ الطفولة
يوما على صدر يوم
وأعشق عمري لأني
إذا مت
أخجل من دمع أمي”.
ولحنها عام 1983 في عز مقاومة الأحزاب اللبنانية اليسارية لإسرائيل الفنان اللبناني مارسيل خليفة وغناها. مما ساعد على انتشارها، وأصبحت رمزا للاشتياق للأم عند شباب المقاومة والمهاجرين .وللذين يسكنون على الضفة الأخرى من الوطن الذي كان مقسوما بسبب الحرب.
ويقول أحمد درويش -شقيق الشاعر الراحل- إن والدتهما “حورية” أم أحمد كانت تبكي كلما سمعت القصيدة أثناء غربة ابنها. وهي التي كانت تؤلف المواويل باسمه وتنشدها.
وتقول أمه في إحدى المقابلات إنه عندما جاء رجال الشرطة لاعتقاله في الصباح الباكر .قال لهم إنه يريد أن يشرب القهوة ويستحم.
وغنى مارسيل رائعة أخرى كتبها الشاعر حسن عبد الله هي “صامدون” في أغنية كرست فكرة. أن أجمل الأمهات هن أمهات الشهداء، بعد أن وجد الشاعر أم أحمد عواضة تنتظر ابنها أسعد بقلق. وعندما عاد من سهرته مع طلوع الفجر كانت بانتظاره بعينين لا تنامان، فكتب القصيدة بعد إعلان استشهاد ابنها أسعد:
“أجمل الأمهات التي انتظرت ابنها
وعاد مستشهدا
فبكت دمعتين ووردة
ولم تنزو في ثياب الحداد”.
وتعبر هذه القصيدة عن أمهات لشهداء كن يزغردن لشهادة أولادهن. ولعل أكثر المشاعر تناقضا وتعذيبا كان شعورهن بالفخر والاعتزاز من ناحية والانكسار، والفقد والقهر من ناحية أخرى.