هل المرأة أقوى من الرجل ؟ قد يبدو هذا للوهلة الأولى سؤالًا ساذجًا، فالرجال عمومًا يتمتعون بتكوين جسماني وعضلي أقوى من النساء، ومن ثم فإن إجابة السؤال ستكون بالنفي. لكن إذا وضعنا القدرات العضلية جانبًا، واعتبرنا أن «القوة» المقصودة هنا هي القدرة -اجتماعيًا ونفسيًا وبيولوجيًا- على مواجهة تحديات الحياة. ومقاومة خطر الموت، فإن الإجابة على الأرجح ستكون بـ«نعم»، النساء أكثر قوة من الرجال. وأكثر قدرة على مواجهة شبح الموت، وهذا ما سنفحصه ونحن نجيب عن سؤال لماذا تعيش النساء أكثر من الرجال؟
تشير إحصاءات «منظمة الصحة العالمية (WHO)»، إلى أن ثمة فجوة في متوسط العمر المتوقع (وهو مقياس إحصائي لمتوسط العمر الذي من المتوقع أن يعيشه الكائن الحي. بناء على سنة ميلاده، واعتمادًا على مجموعة من العوامل والمتغيرات، من بينها الجنس) بين الرجل والمرأة. لصالح الأخيرة، وتختلف قيمة الفارق في العمر المتوقع بين الجنسين من منطقة جغرافية إلى أخرى. لتترواح بين أربع وثماني سنوات.
وبحسب الاحصائيات يبلغ متوسط العمر المتوقع لكلا الجنسين يزداد مع الوقت، نتيجة لعدة عوامل. فإن النساء رغم ذلك يحافظن على تفوقهن بمعدل ثابت تقريبًا، الملاحظة ذاتها تتكرر في الإحصاءات التي تتناول متوسط العمر المتوقع لكلا الجنسين في باقي بلدان العالم.
ويرجع العلماء هذا الفارق إلى عوامل بيولوجية ونفسية واجتماعية عديدة، نكشف عن بعضها في السطور التالية.
يعيش الرجال عادة نمط حياة أكثر إثارة من النساء، ويعملون في الوظائف الأكثر خطورة، يشكل الرجال الغالبية العظمى من العمال في قطاعات المباني والإنشاءات. والوظائف الأمنية والعسكرية، وإطفاء الحرائق، وغيرها من الأعمال الخطِرة. فيما تعمل النساء عادة في الوظائف المكتبية ويُسند إليها المهام الأقل خطورة، وتشير أرقام «مكتب إحصاءات العمل الأمريكي» في التعداد السنوي عن الإصابات المهنية القاتلة. أن عدد الرجال الذين يموتون أثناء عملهم يبلغ 10 أضعاف عدد النساء.
لا يتعلق الأمر بمجال العمل فقط، بل إن الرجال يميلون كذلك إلى إنهاء حياتهم بأيديهم بدرجة أكبر من النساء. يعد الانتحار واحدًا من ضمن أكثر 10 أسباب للوفاة حول العالم، وتشير إحصاءات «منظمة الصحة العالمية» إلى أن نحو 800 ألف شخص سنويًا يقررون إنهاء حياتهم بأنفسهم. وبالرغم من أن النساء تكون لديهم أفكار انتحارية، ويقومون بمحاولات انتحار أكثر من الرجال بنحو ثلاثة أضعاف. فإن الإحصاءات تبين أن عدد الرجال الذين يموتون بالفعل نتيجة محاولات انتحارية أكثر من النساء بنحو أربعة أضعاف. وهي الظاهرة التي تعرف بـ«مفارقة الانتحار بين الجنسين».
في بريطانيا مثلًا يتصدر الانتحار أسباب الوفاة بين الرجال أقل من 45 عامًا، وسجلت «منظمة الصحة العالمية». أكثر من 15 حالة انتحار للرجال من بين كل 100 ألف رجل في نحو 40% من دول العالم. بينما كانت معدلات الانتحار أعلى بين النساء في 1.5% من البلدان فقط.
ويمكن تفسير ذلك بعدة عوامل، أهمها أن الدافع الانتحاري يكون عادة أقوى بين الرجال. ما يجعل إقدام الرجل على الانتحار أكثر جدية من المرأة التي تتراجع عادة في اللحظات الأخيرة، بالإضافة إلى اختلاف الوسيلة المستخدمة. فالرجال عادة يلجؤون إلى استخدام الأسلحة النارية أو الحادة أو يقومون بشنق أنفسهم، وهي وسائل قاتلة فورًا، في حين أن النساء تستخدم السموم أو جرعات زائدة من الأدوية.
وبالرغم من الإحصاءات تشير إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالتوتر والضغوطات العصبية نتيجة ضغوطات العمل أو الحياة الاجتماعية وأحداث الحياة المتلاحقة، فإن بعض الدراسات الحديثة قد كشفت أن المرأة أكثر قدرة على التكيف. وتستطيع امتصاص هذه الضغوطات العصبية بطريقة أفضل من الرجل. وأن الاكتئاب المرضي المصاحب لهذا الضغط العصبي يصيب الرجال أكثر بنسبة 50% من النساء.
يميل الرجال عادة إلى المخاطرة أكثر من النساء، وهو ما يوقعهم في عواقب وخيمة. ويدفعهم أحيانًا إلى تحمل ثمن باهظ جراء تلك المخاطرة، يشترك الرجل في الرياضات الأكثر عنفًا مثل الرجبي والمصارعة، ويقود سيارته بشكل متسرع مقارنة بقريناته من النساء. وتشير الإحصاءات إلى أن عدد وفيات الرجال نتيجة حوادث السيارات في الولايات المتحدة يبلغ أربعة أضعاف وفيات النساء.
الرجال كذلك أكثر انخراطًا في العادات المؤذية للذات، هم الأكثر إفراطًا في شرب الكحوليات، والأكثر إدمانًا للمخدرات. ويمثلون النسبة الأكبر من المدخنين، وهم يعتبرون ذلك أحيانًا من علامات الرجولة، كما يميل الرجل إلى انتهاج سلوك عنيف أكثر من المرأة. وقد يمنحه ذلك أحيانًا نقطة تفوق على أقرانه في مخيلته أو في مخيلة المجتمع، ضحايا هذا السلوك العنيف يكونون غالبًا من الرجال أيضًا. إذ تشير الإحصاءات إلى أن نحو 78% من ضحايا جرائم القتل هم من الذكور، ما يزيد الفجوة في متوسط العمر المتوقع بين الرجال والنساء.
ترجع بعض التفسيرات هذا السلوك الذكوري إلى ما يمكن وصفه بـ«الحتمية البيولوجية». فالفص الأمامي من المخ، وهو الجزء المسؤول عن المشاعر والتفكير وحل المشكلات، وتقدير الأمور، وعن بناء شخصية الفرد بشكل عام. يتطور في الذكور بمعدل أبطأ من الإناث، ما يجعل الرجل أكثر عرضة لاتخاذ خطوات تنطوي على قدر كبير من الخطورة، دون أن يقدر جيدًا عواقب أفعاله.
بالإضافة إلى الدور الذي يلعبه هرمون الذكورة المعروف بـ«التستوستيرون». والذي تم تسليط الضوء على العلاقة بينه وبين السلوك العدواني عند بعض الرجال، وسرعة الاستثارة والغضب، والميل إلى الاستعراض وإظهار الهيمنة الاجتماعية. إذ أظهرت بعض الدراسات أن نسبة التستوستيرون في الدم تزيد بشكل مطّرد في أوقات الغضب والاستثارة، وتكون مرتفعة لدى أولئك الذين ينتهجون سلوكيات عدوانية غاضبة أكثر من غيرهم. مثل الأشخاص الذين تم إيداعهم السجن نتيجة ارتكابهم لجرائم خطيرة. هذا فضلاً عن عوامل التنشئة الاجتماعية. والتي تدفع الرجال إلى انتهاج سلوكيات معينة، اعتقادًا منهم أنها ترفع من شأنهم في نظر الآخرين، أو تكسبهم مكانة مميزة بين أقرانهم.
تلعب الصحة كذلك دورًا هامًا في ترجيح كفة النساء على الرجال فيما يتعلق بإمكانية العيش لفترة أطول. يصاب الرجل بأمراض القلب أكثر من المرأة إذا كان لهما نفس العمر، وتعد أمراض القلب أحد أكثر أسباب الوفاة حول العالم. ويعود ذلك جزئيًا إلى أن الرجل أكثر عرضة لعوامل الخطورة مثل التدخين وشرب الكحوليات. بالإضافة إلى هرمون الأنوثة «الإستروجين» الذي يلعب دورًا في الحماية من أمراض القلب.
كما أن عدد الرجال الذين يصابون بداء السكري أكثر من النساء، فإن سرطان الرئة، وهو أحد أكثر أسباب الوفاة شيوعًا. ويعد التدخين أحد أهم أسبابه، ويصيب الرجال بمعدل أكبر من النساء، الأمر نفسه ينطبق على تليف الكبد، الذي قد يسببه الإفراط في تناول الكحوليات. والسكتات الدماغية التي تزداد نسبة الإصابة فيها بين الرجال بمعدل 30-40%. كما أن معظم سرطانات المخ تؤثر في الرجال أكثر من النساء.
الرجال أكثر عرضة للإصابة بالعدوى، ولِطَيف واسع من الأمراض بشكل عام، فهرمون الذكورة «التستوستيرون». يؤدي إلى تثبيط مناعة الرجل، فيما يعرف باسم «كبت المناعة بواسطة التستوستيرون Testosterone-mediated immunosuppression». في حين أن الجهاز المناعي لدى النساء يكون فعالًا بشكل أكبر، ولهذا قد تكون النساء أكثر عرضة للإصابة بأمراض المناعة الذاتية «autoimmune diseases». كما أن هذا الاختلاف في القابلية للإصابة بالأمراض والوفاة نتيجة ذلك قد يعود إلى عوامل جينية.
وبرغم أن الرجال أكثر عرضة للإصابة بالأمراض كما ذكرنا. فإنهم الأقل طلبًا للمساعدة. حيث تشير «وكالة أبحاث الرعاية الصحية والجودة»، لا يلتزم الرجال عادة بالفحوصات الطبية الروتينية. وهم أقل رغبة في زيارة الأطباء من النساء. وأقل استجابة للإجراءات العلاجية، الأمر الذي يجعلهم أقل قدرة على مقاومة الأمراض
اندلع حريق في ساحة انتظار الحافلات العامة بمدينة بوردور عند منتصف الليل، حيث انتشرت النيران…
بدأت شركة "ترموسان تشيليك"، أكبر منتج للأكواب الحرارية في تركيا وأوروبا، استثمارًا جديدًا في مدينة…
يترقب السوق التركي قرار البنك المركزي بشأن الفائدة المقرر الإعلان عنه في 26 ديسمبر، وسط…
تتزايد متابعة أسعار الذهب في 23 ديسمبر 2024 من قبل المستثمرين، حيث تشهد الأسواق تحركات…
تستمر أسعار الصرف في تركيا في التحرك بشكل ملحوظ مع بداية يوم 23 ديسمبر 2024،…
من المتوقع أن يشهد اجتماع مجلس الوزراء اليوم، بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، مناقشة عدد…
هذا الموقع يستعمل ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتحسين تجربة استخدامك.