كيف ستدير طالبان الحالة الاقتصادية..وما مصير 80% من أفيون العالم في ظل الحصار؟
تباينت ردود الأفعال الدولية حيال سيطرة طالبان على أفغانستان خاصة في الجانب الاقتصادي، فقد تواجه الحركة حصارًا ماليًا، في حين أطلق مسؤولوها وعودًا بتحسين الاقتصاد الأفغاني.
وتسود حالة من الضبابية حول الاعتراف بحكومة طالبان المزمع تشكيلها ونتيجة لذلك فإن أفغانستان لا يمكنها الوصول إلى حقوق السحب الخاصة أو أي موارد أخرى لصندوق النقد الدولي، وفق ما أعلن الصندوق في تصريحات له مؤخرًا.
وأعلن صندوق النقد الدولي أن أفغانستان لن يكون بمقدورها الوصول إلى موارد الصندوق، بما في ذلك تخصيص جديد لاحتياطيات حقوق السحب الخاصة، بسبب الافتقار إلى الوضوح حيال الاعتراف بحكومتها.
اقرأ أيضا/ طالبان لن تطبق نظامًا ديموقراطيًّا.. ماذا عن أعضاء النظام السابق والمعتقلين السياسيين؟
ونقلت وكالة رويترز عن متحدث باسم الصندوق قوله: “كما هو الحال دائما، فإن صندوق النقد الدولي يسترشد بآراء المجتمع الدولي… يوجد حاليا عدم وضوح داخل المجتمع الدولي فيما يتعلق بالاعتراف بحكومة في أفغانستان”.
جاءت تلك التصريحات في الوقت الذي من المقرر فيه أن يحرر الصندوق دفعة أخيرة من المساعدات لأفغانستان في إطار برنامج تمت المصادقة عليه في السادس من تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، بإجمالي قدره 370 مليون دولار.
وكان البرنامج الممتد على 42 شهرا قد أفضى إلى تحرير دفعة أولى فورية بلغت 115 مليون دولار.
وتم تحرير الدفعة الثانية التي بلغت 149,4 مليون دولار في مطلع حزيران/يونيو، بعد تقييم أول للتقدّم الذي تم إحرازه على صعيد تنفيذ البرنامج، وبقيت الدفعة الأخيرة البالغة 105,6 ملايين دولار.
حقوق السحب الخاصة
وحقوق السحب الخاصة التي أطلقت في عام 1969 ليست عملة ولا وجود مادياً لها، تستند قيمتها إلى سلة من خمس عملات دولية رئيسية، هي الدولار واليورو والجنيه الإسترليني والرينمينبي أو اليوان والين.
وبمجرد إصدارها، يمكن استخدام حقوق السحب الخاصة كعملة احتياطية تعمل على استقرار قيمة العملة المحلية، أو تحويلها إلى عملات أقوى لتمويل الاستثمارات. وتكمن الفائدة بالنسبة للبلدان الفقيرة في الحصول على العملات الصعبة، دون الحاجة إلى دفع أسعار فائدة كبيرة.
ويجوز للصندوق، بمقتضى اتفاقية تأسيسه، وعند استيفاء شروط محددة، أن يوزّع مخصّصات من حقوق السحب الخاصة على البلدان الأعضاء المشاركة في إدارة حقوق السحب الخاصة، ويضم صندوق النقد الدولي حاليا 190 بلداً وأفغانستان التي تعتمد بشكل كبير على المساعدات الدولية هي إحدى أفقر دول العالم.
بدوره، يمول البنك الدولي حاليا حوالي 20 مشروعا تنموياً في أفغانستان، وقد قدم منذ العام 2002 ما مجموعه 5.3 مليار دولار، القسم الأكبر منها على شكل هبات.
ولم يتضح حتى الآن مستقبل هذه البرامج التنموية، في وقت يبذل فيه البنك الدولي قصارى جهوده لإخراج موظفيه من أفغانستان.
ووفقا لمذكرة داخلية موجهة إلى موظفي البنك الدولي اطلعت عليها وكالة فرانس برس، فإن “الإدارة تعمل على مدار الساعة على تنظيم إجلاء عاجل لموظفينا وأفراد عائلاتهم”.
والأربعاء، أعلنت شركة “ويسترن يونيون” المتخصصة بالحوالات المالية أنها علقت مؤقتا كل التحويلات المالية إلى أفغانستان، علما أن هذه التحويلات تشكل مصدر تمويل حيوي للسكان.
وعود بالتحسين
بدورها وعدت حركة طالبان بتحسين الاقتصاد الأفغاني، لكن دون تأمين مساعدات دولية أو الوصول إلى الاحتياطي المتواجد في الخارج، فإن مستقبل البلاد، أحد أفقر دول العالم، يبدو معقدا.
وقالت فاندا فيلباب براون، المتخصصة في شؤون أفغانستان في معهد بروكينغز، إن “أفغانستان تعتمد بشدة على المساعدات الخارجية”، مشيرة إلى أن قيمة المساعدة “أكبر بمعدل عشر مرات” على الأقل من عائدات طالبان.
في عام 2020، بلغ إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان 19,81 مليار دولار، فيما شكل تدفق المساعدات 42,9% من إجمالي الناتج الداخلي، بحسب أرقام البنك الدولي.
وقال البنك الدولي: “يتسم اقتصاد أفغانستان بهشاشته، واعتماده على المساعدات” الدولية، لافتا إلى أن التنمية الاقتصادية وتنويع القطاع الخاص “تعرقلا حتى الآن؛ بسبب انعدام الأمن، وعدم الاستقرار السياسي، وضعف المؤسسات، وعدم كفاية البنى التحتية، والفساد المعمم”.
أما بالنسبة إلى عائدات طالبان، فإنها تقدر بما بين 300 مليون وأكثر من 1,5 مليار دولار في السنة، بحسب تقرير لجنة العقوبات لدى مجلس الأمن الدولي الذي نشر في أيار/ مايو 2020.
وأكد الناطق باسم طالبان، الثلاثاء، أن “أفغانستان لن تكون بعد الآن دولة لزراعة الأفيون”، مشيرا إلى أن الإنتاج سيخفض إلى “الصفر مرة أخرى”، في إشارة إلى أنهم عندما حكموا البلاد حتى عام 2001 كانوا قد حظروا زراعة الخشخاش.
في الوقت الراهن، وعلى الرغم من مليارات الدولارات التي أنفقها المجتمع الدولي على مر السنوات للقضاء على زراعة الخشخاش، تنتج أفغانستان أكثر من 80% من الأفيون في العالم.
وهناك مئات آلاف الوظائف التي تعتمد على هذه الزراعة في هذا البلد الذي تستشري فيه البطالة بعد 40 عاما من الصراع.
وفيما تدهور الوضع الاقتصادي بشكل إضافي مع انتشار وباء كوفيد-19، أقرت حركة طالبان بأن تحسن الاقتصاد لا يمكن أن يتم دون مساعدة من الخارج، وقال ذبيح الله مجاهد: “أجرينا اتصالات مع العديد من الدول، نريدهم أن يساعدوننا”.
المصدر: تركيا الآن+وكالات