بعد سنوات من العلاقات المتوترة بين تركيا والسعودية عقب اندلاع الأزمة الخليجية؛ إضافة إلى مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018، وصلت إلى دعوات غير رسمية لمقاطعة البضائع التركية وعدم السياحة في تركيا، شهدت العلاقة بين البلدين تحسنا، لكنها من طرف واحد وفق مراقبين.
ففي قمم منظمة التعاون الإسلامي -التي استضافتها تركيا خلال رئاستها الدورية لها- كان احتفاء الرئيس التركي بالملك السعودي لافتا للأنظار، بما في ذلك كسر البروتوكول بإلقاء الملك كلمة في افتتاحها.
مراقبون رأوا أن مسار التقارب التركي السعودي المحتمل ليس استثناء في المنطقة، فالأخيرة تشهد حراكا دبلوماسيا حثيثا في الآونة الأخيرة وتصريحات ولقاءات وحوارات بين عدة دول، تركيا، مصر والسعودية، إيران، بل تركيا والإمارات وغيرها، مما يؤكد على أن رغبة التقارب ليست محصورة بأنقرة، وأن دوافعه حاضرة لدى الجميع.
عوامل تحسين العلاقات
وأوضح المراقبون أن من أهم العوامل الاتجاه نحو تطور العلاقات هو تراجع حدة الاستقطاب في المنطقة في السنوات الأخيرة مع مرور سنين على محطات مهمة في مسار الثورات والثورات المضادة، فالاستقطاب والاصطفافات هما السبب الرئيسي للخلاف والصراع بين القوى الإقليمية، فيما المصالح تجمع بين هذه الدول أكثر مما تفرق بينها بكثير لو رسمت السياسات بناء عليها.
ومن تلك أيضا الأسباب الإدارة الأميركية الجديدة، بما يشمل انتهاء حقبة التعامل مع الملفات والأطراف الإقليمية على طريقة ترامب، وكذلك توجهات جو بايدن التي أثارت قلق عدد من القوى الإقليمية، وفي مقدمتها تركيا والسعودية ومصر.
اقرأ أيضًا/ أردوغان: تركيا الوحيدة التي تمارس حقوقها السيادية في العالم
وهناك الأزمات العديدة التي استنزفت هذه القوى على مدى السنوات الأخيرة دون أن تنتهي بشكل كامل يمكن عده انتصارا من جهة، وتراجع حدة المواجهات العسكرية فيها من جهة أخرى، مما خفض مستوى الاستقطاب ومهد الطريق لإمكانية الحوار.
كما أن هذا الاستنزاف استغلته أطراف أخرى وسجلت نقاطا مهمة في نطاق التنافس الجيوسياسي، مثل اليونان وإثيوبيا بالنسبة لكل من تركيا ومصر، فضلا عن “إسرائيل” التي كانت أكبر المستثمرين في الحقبة السابقة من خلال التطبيع مع عدد من الدول العربية ونقل التعاون معها لمستويات أعلى وأخطر.
وإضافة إلى كل سبق، تنفرد تركيا بأسباب خاصة بها تدفعها لتطبيع العلاقات، مثل الأوضاع الاقتصادية المتأثرة بجائحة كورونا، وقرب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وأهمية هذا الاستحقاق لحزب العدالة والتنمية، وكذلك حصاد 2020 الذي انخرطت خلاله في عدة قضايا ونزاعات بشكل متزامن، وتريد هذا العام تحويله لمكاسب سياسية ودبلوماسية، ولا سيما بعد الاختراقات التي حققتها في كل من ليبيا والقوقاز على وجه التحديد.
نية تركيا تتجه نحو التحسين
وكان الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن قد أشار إلى نية بلاده تحسين العلاقات مع المملكة العربية السعودية كإشارة على مرحلة جديدة تريدها تركيا، خصوصا أنها تضمنت تراجعا ضمنيا عن بعض المواقف السابقة إزاءها.
إلا أن صمت الرياض وعدم تفاعلها مع التصريحات ثم قرارها إغلاق عدد من المدارس التركية على أراضيها عُدَّت إشارات مباشرة على عدم حماستها للتقارب مع أنقرة، وعلى أن تطور العلاقات معها دونه عقبات حقيقية.
المصدر: تركيا الآن+وكالات