لم يخلُ مقر الرئاسة التركية في أنقرة خلال الأيام الأخيرة من الزائرين القادمين من أقطار عربية وغيرها، فقد استقبل رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان وفودًا من السودان وإثيوبيا وأخيرًا من الإمارات.
وذكرت تقارير تركية أن الرئيس استقبل رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان أولا، ورئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد ثانيا، كما كان في زيارة الرئيس التركي وفد إمارتي رفيع برئاسة مستشار الأمن الوطني، الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان.
مراقبون رأوا أن هذه الزيارات لا تخلو من رسائل ودلالات ومؤشرات تعكس توجه السياسة الخارجية التركية، وتشير إلى تغيرات محتملة في التوازنات الإقليمية.
وأكدوا أن أنقرة لديها خيارات بديلة في حال فشلت جهودها الدبلوماسية لتحقيق أهدافها، ولم يجد حسن نيتها الصدى المأمول بسبب تعنت هذا الطرف أو ذاك.
اقرأ أيضا/ الإمارات وتركيا.. من القطيعة إلى لقاءات واستثمارات كبيرة
من جانبه أوضح الباحث في الشأن التركي اسماعيل ياشا في مقال له، أن العلاقات التركية السودانية دخلت مرحلة فتور بعد إسقاط عمر البشير، وحرص قادة الجيش على الابتعاد عن تركيا لإرضاء داعميهم من دول الثورة المضادة، إلا أن أنقرة تحلت بالصبر، وتبنت سياسة عدم التدخل في شؤون السودان الداخلية، للحفاظ على علاقاتها مع الخرطوم، والوقوف إلى جانب الشعب السوداني، بغض النظر عمن يحكم البلاد، وها هي اليوم تجني ثمار تلك السياسة، من خلال زيارة البرهان، بعد زيارة نائبه الأول محمد حمدان دقلو، الملقب بـــ”حميدتي”.
في حين تأتي زيارة رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد لأنقرة بعد زيارة البرهان لها، -وفق ياشا- ليؤكد الطرفان على متانة العلاقات التركية الأثيوبية ذات الجذور التاريخية. كما شهدت الزيارة توقيع اتفاقيات تعاون مشتركة بين أنقرة وأديس أبابا في مجالات الإنفاق العسكري والموارد المائية، لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين. وأعلن أردوغان، في المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيسان في العاصمة التركية، عن استعداد بلاده للوساطة لحل النزاع ودِّيا بين أثيوبيا والسودان بشأن منطقة الفشقة.
أنقرة وأبو ظبي
فيما وصف ياشا أن الزيارة الثالثة بالمفاجئة وهي التي أجراها مستشار الأمن الوطني، الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، لأنقرة. ومن المعلوم أن العلاقات بين البلدين متدهورة منذ سنوات، بسبب وقوف كل من أنقرة وأبو ظبي على طرفي النقيض في ملف الربيع العربي، كما تبنت الإمارات موقفا معاديا لأنقرة في كل قضية تهم تركيا حتى وإن كانت تلك القضية لا تعني الإمارات ألبتة، وأعلنت تأييدها لفرنسا واليونان نكاية بأنقرة.
وتوقع أن تتحسن العلاقات التركية ـ الإمارتية شكل أسرع من المتوقع، إن تخلت أبو ظبي عن سياسة نصب العداء لتركيا واستهداف مصالحها. لأنها هي السبب الوحيد لتدهور العلاقات بين أنقرة وأبو ظبي، وأن الإمارات تتمتع ببراغماتية تمكنها من التراجع حتى لو بلغت في الخصومة إلى مراحل متقدمة.
ومن المؤكد أن تحسن العلاقات التركية ـ الإمارتية سيكون لصالح الطرفين، إن تكللت الجهود المبذولة في هذا الاتجاه بالنجاح. كما أن المتوقع أن تتبع البحرين خطى الإمارات في تحسين علاقاتها مع أنقرة.
المصدر: تركيا الآن+وكالات