كشفت تقارير إعلامية تركية عن حرب خفية تدور رحاها بين الصفوف القيادية في الحزب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة، في الوقت الذي لم يحقق فيه الحزب أي انتصار سياسي منذ ما يقرب من ربع قرن باستثناء الفوز برئاسة بلدية إسطنبول عام 2019.
وذكرت التقارير أن الأسباب الرئيسية للحرب تكمن في الترشح لمقعد الرئاسة في تركيا، فكليجدار أوغلو يرى في إمام أوغلو أنه شخص غير منضبط، أما رئيس البلدية فيرى أنه الشخص الذي حقق الانتصار الوحيد للحزب ويرى أنه الأحق بالترشح.
بدوره ذكر الكاتب والباحث في الشأن التركي عبد القادر سيلفي في مقال له نشرته صحيفة حرييت ان أكرم إمام أوغلو مصمم على الترشح للرئاسة التركية ويرى في نفسه أنه حق طبيعي له، استنادا إلى تحقيقه الفوز في بلدية إسطنبول التي تكتسب أهمية رمزية بخلاف البلديات الأخرى.
اقرأ أيضا/ الشعب الجمهوري التركي يعلن مرشحه لمنافسة أردوغان بالانتخابات الرئاسية
وقال سيلفي إنه رغم كافة العراقيل التي يضعها كليجدار أوغلو أمامه، إلا أنه لا يفكر في التراجع خطوة إلى الوراء.
وأوضح أن كليجدار أوغلو قد قال في تصريحات سابقة، إنه يجب أن يكون مرشح تحالف الأمة شخصا منضبطا وحكيما حتى لا تفسد الصلاحيات الهائلة التي تمنحها الرئاسة.
أصل الخلاف
وذكر كذلك أنه يجب أن يكون مستعدا لتسليم سلطته إلى البرلمان ورئيس الوزراء (في إشارة إلى العودة إلى النظام البرلماني)، موضحا أن تلك الصفات تحمل معنيين، أولها أنه يريد امتداح نفسه بأنه الشخص الأكثر انضباطا وسيعمل على الانتقال للنظام البرلماني، أما المعنى الآخر فهي رسالة بشأن إمام أوغلو.
وأوضح الكاتب التركي، أن كليتشدار أوغلو أراد القول إنه إذا تم انتخاب إمام أوغلو فإنه لن يقبل الانتقال إلى النظام البرلماني، وسيحكم البلاد كرئيس قوي لمدة خمس سنوات.
وأضاف سيلفي أن تصريحات زعيم حزب الشعب الجمهوري التي قال فيها: “يمنح الرئيس صلاحيات كبيرة بحيث أنه إذا لم يتمكن من التحكم بنفسه ومشاعره، فإنه سيقول أريد أن أبقى في منصبي وسيفتح الأبواب أمام كارثة كبيرة” يقصد بها بالتحديد رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام.
وأوصى كليجدار أوغلو إمام أوغلو ويافاش رئيسا بلديتي إسطنبول وأنقرة بالاستمرار برئاستيهما والفوز بولاية ثانية، وعدم الترشح للرئاسة العامة في إشارة إلى أنهما إذا ترشحا فإنهما سيتركان البلديات لحزب العدالة والتنمية، وفق الكاتب.
ويعتقد الكاتب أن أكرم إمام لن يترك مسألة الترشح للرئاسة بسهولة، ولن يكون لقمة سائغة، ويتبع استراتيجية من شقين، أولها أن يكون مرشحا للرئاسة، والثانية الوصول لزعامة حزب الشعب الجمهوري بدلا من كليجدار أوغلو، موضحًا أن لديه الخبرة للانتباه لتحركات كليتشدار أوغلو والمناورات التي تهدف لقطع الطريق أمامه، فهو من ناحية يقوم بتوسيع تحالفاته، ومن ناحية أخرى يحاول الحفظ على الدعم الشعبي له.
وأكد أن إمام أوغلو يتجنب الدخول في معركة مفتوحة مع كليجدار أوغلو، ويدرك جيدا أن زعيم حزبه لن يكون منافسا قويا لأردوغان إذا أصبح مرشحا مشتركا لتحالف المعارضة، وأنه يرى نفسه الأكثر حظا.
وأضاف أن إمام أوغلو يحاول الحفاظ على علاقة دافئة مع حزبي الجيد، والشعوب الديمقراطي الذي دعمه في انتخابات بلدية إسطنبول، كما أنه اتخذ إجراءات لضمان الحفاظ على دعم العلويين له الذين ينشطون داخل حزب الشعب الجمهوري.
فوضى داخل الحزب الجمهوري
من جانب آخر أوضح السياسي البارز محمود أوفور أن حزب الشعب الجمهوري يشهد أزمة كبيرة، في حين أن كليجدار أوغلو يعتقد بأنه إذا كانت هناك انتخابات غدا، فسيكون في السلطة بدعم من “أصدقائه الداخليين والخارجيين”.
ولفت إلى ان زعيم الحزب الجمهوري كثيرا ما يطلق أكاذيب ويتظاهر بأنه مثالي وأحيانا يتصرف بأنه غاندي وتشي جيفارا، غير أنه تسبب في طرد “الأتاتوركيين” من حزبه، موضحا أن الفوضوية أصبحت تعم داخل حزب الشعب الجمهوري، أكثر من أي وقت مضى في تاريخ تأسيسه.
وأوضح الكاتب أن الحزب أصبح يتألف من شخصيات لا تثق ببعضها، وتسمي بعضها البعض بـ”الانفصاليين” و”العصابات” ولا تتوحد إلا في اتجاه واحد وهو “العداء لأردوغان”، لافتا إلى أن المعركة داخل “الشعب الجمهوري” معقدة للغاية، وقد تنفجر في أي لحظة.
وأشار إلى استقالات شهدتها أفرع إدارات الحزب في محافظة إسطنبول، لافتا إلى أن ذلك يأتي ضمن الصراع على السلطة داخل الحزب وتهيئة لحقبة ما بعد كليجدار أوغلو، مضيفا أن الجهات الفاعلة داخل حزب الشعب الجمهوري أشهرت سيوفها استعدادا لتلك المرحلة، وأبرز هؤلاء هم إمام أوغلو وجنان كافتانجي أوغلو.
المصدر: تركيا الان + وكالات