5 أسباب تدفع تركيا إلى عدم الاعتراف صراحة بحكم طالبان حتى الآن
منذ سيطرة حركة طالبان على الحكم في أفغانستان عقب الانسحاب الأمريكي والذي أشرف على الانتهاء مطلع الشهر المقبل، أرسلت إشارات تطمينية إلى العالم أنها ستتخذ مسارًا جديدًا في حكمها للبلاد، في الوقت الذي تسعى فيه تركيا على الاستمرار في وجودها في كابول وتحاول إبرام اتفاقيات ثنائية مع الحركة.
فقد كشفت تقارير إخبارية بريطانية عن بنود تفصيلية لاتفاق محتمل بين الحركة طالبان وتركيا حول آلية عمل مطار كابول بمشاركة قطر، من أبرز بنوده الاعتراف بحكم طالبان لأفغانستان.
اقرأ أيضا / الكشف عن بنود تفصيلية لمسودة اتفاق بين طالبان وتركيا.. هذا مصير القوات الخاصة
ولكن بالرغم نمن هذه الإشارات الإيجابية بين الطرفين لماذا لم تعترف صراحة حتى الآن تركيا بحكم طالبان؟
5 أسباب وراء عدم الاعتراف
الكاتب والمختص في الشأن التركي سعيد الحاج أشار في مقال له إلى وجود 5 أسباب تدفع تركيا إلى عدم الاعتراف صراحة بطالبان.
الأول:رغبة أنقرة في التناغم مع موقف المجتمع الدولي وخصوصاً حلف شمال الأطلسي من طالبان، وعدم الانفراد بالاعتراف بها، ولا سيما أنها كانت جزءاً رئيساً من قوات الناتو وساهمت ضمن مهمته في أفغانستان، واليوم تخرج قواتها مع باقي القوات.
الثاني: ثمة حذر واضح في التعامل مع التصريحات الإيجابية الكثيرة التي صدرت عن طالبان في الأسابيع الأخيرة والتي تخدم معنى أنها تغيرت كثيراً عما كانت عليه قبل عقدين، وخشية من أن تكون مجرد أداة لتحصيل القبول المحلي والدولي وتمرير الفترة الانتقالية بالسلاسة المطلوبة. ولذا فإن أنقرة لا تريد أن تتعجل في الاعتراف بحركة قد ترتكب انتهاكات أو مظالم أو تتنكر لتصريحاتها في المستقبل القريب.
الثالث: ترغب أنقرة في أن ترى سياسات طالبان لا تصريحاتها فقط، ولا تريد أن تعطيها “شيكاً على بياض” قبل اتضاح مسارها وسياساتها وخياراتها.
الرابع: تود أنقرة ألا تنفرد طالبان بالحكم بل أن يكون هناك حكومة وطنية موسعة تضم مختلف الفرقاء، ولا سيما التيارات السياسية التي تعبر عن شرائح “تركية” مثل الطاجيك والأوزبك والتركمان. وكان الرئيس التركي أكد على انفتاح بلاده على كافة الأطراف في أفغانستان مع اهتمام خاص بهذه الشرائح، كما رأى الناطق باسم الرئاسة أنَّ تشكيل حكومة تشمل وتحتوي وتحتضن الجميع “امتحان اللحظة والخطوة الأهم” بالنسبة لطالبان. وأضاف قالن أن تشكيل حكومة تدخل بها وتقرها وتدعمها “المجموعات العرقية والسياسية” في البلاد، سيسهّل الأمور على صعيد علاقات أفغانستان مع العالم وكذلك على صعيد علاقات تركيا نفسها بها.
الخامس: تدرك تركيا أن الحوار الذي ستجريه مع طالبان، والذي قد بدأ فعلاً، سيكون بمثابة عملية تفاوضية بين الجانبين للوصول إلى تفاهم ما بخصوص الملامح المستقبلية للعلاقة بين الجانبين على قاعدة الربح للجميع. وبالتالي قد تكون مسارعة تركيا للاعتراف بطالبان تفريطاً بورقة يمكن أن تفيدها في “التفاوض” المنتظر.
تركيا تتعامل من زاوية سياسية
ويكمل الكاتب أن تركيا كغيرها من الدول تتعامل تركيا مع المستجدات في أفغانستان من زاوية الواقعية السياسية، وليس لديها “فيتو” على التواصل مع طالبان، لكنها تفضل أن يكون اعترافها ثم تعاملها مع “النظام الجديد” أو “الحكومة” التي ستشكل وليس طالبان بشكل منفرد.
ولفت الحاج إلى انه يفهم من هذا التأخير أن أنقرة تريد حكومة أفغانية تشاركية وتضم الجميع، فيعدُّ ضغطاً منها على طالبان لتذهب لهذا الخيار ولا تنفرد وحدها بالسلطة.
ورغم سحب تركيا قواتها، وعدم اعترافها حتى اللحظة بطالبان، فإن ذلك لا يعني انقطاع التواصل أو انسداد القنوات بينهما، بل ثمة تواتر في التقارير التي تحدثت عن بدء الحوار بينهما عبر عدة طرق.
وختم الكاتب بأن ذلك لا يعني بالضرورة أن تركيا خسرت تماماً ونهائياً أي دور لها في مستقبل أفغانستان، بل لعل العكس هو الصحيح، في ظل رغبة طالبان في التعاون معها وإدراكها أن تركيا منبر مناسب -ويبدو موثوقاً لها- للانفتاح على الخارج. ولذا، فالدور التركي في مستقبل أفغانستان ليس مقصوراً فقط على تعاون اقتصادي وتجاري، ولكن حتى المشاركة في إدارة المطار قد تكون ممكنة مستقبلاً، فضلاً عن المجالات السياسية والعسكرية والأمنية المحتملة.
المصدر: تركيا الآن