شهدت منطقة البلقان في السنوات الأخيرة الماضية تغييرات سياسية عديدة، وعلى الرغم من ذلك فقد حافظت تركيا على صورة ايجابية مشرقة في العلاقة مع دول المنطقة، خاصة بعد الترحيب الشعبي والرسمي لزيارة الرئيس رجب طيب أردوغان.
وأجرى أردوغان زيارة رسمية على رأس وفد مرافق، شملت البوسنة والهرسك ثم الجبل الأسود، أعقبتها زيارة أجراها تشاوش أوغلو إلى صربيا، حيث عقد لقاءات شملت العلاقات الثنائية في المجالين التجاري والسياسي.
اقرأ أيضا/بعد زيارة أردوغان.. هذه ملامح العلاقة بين تركيا ودول البلقان
وفي هذه المقالة نبرز لكم أهم الأسباب التي جعلت تركيا لاعبا موثوقا فيه في دول البلقان، وفق ما أفاد به محللون ومتابعون للشأن التركي:
أولا: إن الجمهورية التركية لم تسعَ في يوم من الأيام لفرض إملاءات سياسية ولا تتدخل في قرارات دول البلقان وسياسات تلك الدول الداخلية والخارجية، ما جعلها دةلى حليفى لتلك المنطقة على عكس الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا التي تفرض توجهات سياسية عليها.
وعلى سبيل المثال فقد أدانت تركيا سياسات كوسوفو، أول دولة ذات أغلبية مسلمة تفتح سفارة في القدس في مارس/ آذار 2021، لكنها لم تفرض عقوبات تجاه تعطيل العلاقات مع هذا البلد.
ثانيا/ يرى المتابعون أن السياسة الخارجية لتركيا تقوم على مبدأ الحفاظ على الاستقرار الإقليمي وتتابع التطورات الإيجابية في المنطقة وتدعم أي مبادرة لحل مشاكل البلقان وبقية المناطق.
فقد رحبت تركيا باتفاقية “بريسبا”، التي أنهت نزاع التسمية الذي دام أكثر من 27 عامًا بين اليونان ومقدونيا، والذي جرى بموجبها تغيير اسم مقدونيا ليصبح “شمال مقدونيا” في يناير/ كانون الثاني 2019.
ثالثا/ ومن الناحية الاقتصادية لا تعمل تركيا على فرض هيمنتها عبر المشاريع التي تمولها أو القطاعات المصرفية التي تديرها، ونتيجة لذلك فقد حافظت على مكانتها باعتبارها “حالة تجارية” في المنطقة. ولهذا السبب لم تشهد حركة التبادل التجاري بين تركيا ودول البلقان انخفاضًا كبيرًا، فقد تم تصدير 10 مليارات و213.6 مليون دولار إلى البلقان في الأشهر العشرة الأولى من عام 2020، وذلك وفقًا لبيانات جمعية المصدرين الأتراك.
كما أنها تعمل على تحويل القطاع المصرفي إلى أداة للقوة الناعمة، لضمان توزيع عادل للأرباح وتوفير حوافز للأعمال التي تعود بالفائدة على المنطقة والمستثمرين على حد سواء .
اقرأ ايضا/أردوغان يشيد بمساهمات تركيا والجبل الأسود لإحلال السلام
رابعا/ وعلى عكس الدول الكبرى فإن تركيا لا تنظر تركيا إلى القضايا الموجودة في منطقة البلقان من منظور الهوية القومية والدين.
وعليه فإنها تولي للمسلمين في المنطقة اهتمامًا خاصًا، ولكنها في الوقت نفسه ترتبط بخلفيات تاريخية وثقافية مهمة مع سائر المكونات في البلقان، ما جعلها تكسب دعم المسلمين وكسب ثقة الساسة القوميين الصرب الأرثوذكس مثل دوديك، وإقامة علاقات وطيدة مع الدول ذات الغالبية المسلمة في البلقان مثل كوسوفو وألبانيا، والدول ذات الغالبية الكاثوليكية مقل كرواتيا وذات الغالبية الأرثوذكسية مثل صربيا.
خامسا/ قدرة تركيا على تأسيس رؤية استراتيجية في دول البلقان مبنية على السلام والاستقرار في المنطقة، وتشارك في أعباء تنمية البلقان من خلال المشاركة في العديد من المشاريع التي يدعمها الاتحاد الأوروبي وتحقيق المصالح المشتركة وضمان لعب تركيا دور فاعل.
كما أنها لا تدخر جهدًا في تنظيم أنشطة اجتماعية وثقافية بالتوازي مع تنفيذ مشاريع في مجالات اقتصادية وتجارية وتأسيس البنى التحتية والنقل والصناعات الدفاعية والطاقة والزراعة.
لذلك، ونظرا لأن تركيا فاعل مهم تعمل على لتحقيق التعاون والحوار في البلقان، فهي في الوقت نفسه تمتلك القدرة على الحفاظ على العلاقات الوثيقة الراسخة وكسب ثقة دول المنطقة، فضلا عن أن القرب الجغرافي والثقافي لتركيا بالإضافة إلى نهجها المتوازن تجاه المنطقة .
المصدر: تركيا الآن+وكالات