بعد أن ترجعت تركيا عن توقيع اتفاق مع الصين على شراء منظومة دفاعية عام 2013 في اللحظة الأخيرة بسبب ضغوط من الناتو، حاولت بكل الطرق أن تستعين بحلفائها مرارا وتكررا من أجل شراء منظومة دفاعية، غير أن محاولتها باءت بالفشل.
وفي عام 2017 ابرمت اتفاقا مع روسيا على شراء منظومة إس 400 وأتمت حتى عام 2020 تسلم المنظومة واختبارها استعدادا لتشغيلها، وهو ما لم يحصل حتى اليوم.
اقرأ أيضا/ هل شارك الجيش التركي في القتال بأفغانستان.. وما علاقة صفقة إس 400 ؟
ومنذ ذلك الحين تحاول تركيا تجنيب علاقاتها المضطربة مع الولايات المتحدة تأثيرات الصفقة، وما زالت تسعى لتخطي هذه العقبة مع واشنطن، ولم تكتفِ الولايات المتحدة الأميركية يتجميد مشاركة تركيا في مشروع مقاتلات “إف-35” (F-35) ثم إخراجها منه، وبعض العقوبات التي طالت وزراء ومسؤولين في الصناعات الدفاعية التركية، بل هددت بعقوبات إضافية.
وبقي ذاك المشهد قائما إلى أن أتت تصريحات جديدة من موسكو بشأن صفقة ثانية من المنظومة لتعقّد المشهد من جديد.
فقد قال المدير العام لشركة الصادرات العسكرية الروسية (روس أوبورون إكسبورت) أليكسندر ميخيف إن بلاده قطعت شوطا مهما في المفاوضات مع تركيا بخصوص صفقة ثانية من منظومة إس-400 “وقد ننهي المشروع في الأشهر المقبلة”.
وفي هذا السياق يقول الكاتب السياسي المختص بالشأن التركي سعيد الحاج أن لقاء الرئيس أردوغان وبايدن على هامش قمة الناتو الأخيرة في بروكسل، وتوافقهما على استمرار دور تركيا في أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي، أسفر عن تهدئة التوتر بين الجانبين إلى حد كبير.
وأوضح الكاتب أن بعض التقارير الإعلامية رصدت بعض المؤشرات الإيجابية على صعيد العلاقات بين الجانبين، ومن بينها عدم انتقاد الولايات المتحدة استهداف أنقرة لقوات سوريا الديمقراطية شمالي شرق سوريا.
وأشار الحاج إلى ان اللافت أنه لم يصدر تصريح أو موقف رسمي من تركيا للتعقيب على هذه التصريحات، بينما نقل موقع “ميدل إيست آي” البريطاني عن مصدر تركي -لم يسمّه- إن تركيا “ليست جاهزة” حاليا لصفقة ثانية من المنظومة الروسية.
هل ستذهب تركيا للاتفاق مجددا
لكن الكاتب طرح تساؤلا مهما في ظل هذه التعقيدات هل ستذهب تركيا لصفقة ثانية للحصول على إس-400؟ وقال: “لعل إجابة كالين السابقة تكتنز الإجابة، ولكنها تحتاج لبعض التفكيك والشرح”.
وأضاف: “أنقرة تريد منظومات دفاعية حيث إن الصفقة الأولى التي شملت منظومتين لا تغطي كل حاجتها. ومن حيث المبدأ، فقد اتفقت سابقا مع موسكو على دفعتين وليس دفعة واحدة من إس-400 كما سبق ذكره”.
ولفت إلى “أن أنقرة لم تصل لنتيجة في مساعيها لتجنب العقوبات الأميركية وإقناع واشنطن بتخطي عقدة المنظومة الروسية في علاقاتهما الثنائية، وبالتالي من غير المتوقع أن تضيف أنقرة عامل توتر إضافي في هذا الصدد”.
في المقابل، إن ورود التصريحات جميعها من الطرف الروسي وبشكل متواتر يشير إلى هدف روسي ضمني -أو محتمل على أقل تقدير- وهو توتير العلاقات التركية الأميركية الآخذة في التحسن مؤخرا؛ إذ إن “تسميم العلاقات” بين أنقرة وواشنطن مصطلح بات يستخدم كثيرا مؤخرا في الإعلام التركي لوصف التصريحات الروسية المقصودة، ولعله من المفيد الإشارة إلى أن الخلافات التي دبت بين الولايات المتحدة وتركيا -القوتين الأولى والثانية في الناتو- في السنوات الأخيرة مصلحة إستراتيجية روسية سعى لها بوتين باحترافية وحققها بنجاح على مدى السنوات القليلة الماضية، وفق قول الكاتب.
وأشار إلى أن استمرار تركيا في مفاوضاتها مع روسيا وتواتر التصريحات الروسية قد يفيد باعتبار ذلك ورقة ضغط لأنقرة في مفاوضاتها مع واشنطن.
وختم بالقول: “ليس من المتوقع أن تسارع تركيا حاليا لصفقة إضافية من إس-400 قبل أن تصل لاتفاق ما مع الإدارة الأميركية يجنبها أزمة إضافية معها، لكن هذا التوجه قد يعدَّل في أي لحظة، بين يدي أي تطورات مفاجئة أو غير مرغوب فيها في بعض الملفات الإقليمية، وخصوصا ملف شرق المتوسط”.
المصدر: تركيا الان