بعد سنوات من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي في ملف الانضمام التركي للاتحاد، ظهرت على السطح أصوات أوروبية تنادي بضم تركيا إلى الاتحاد الأوربي .
ما حمّس هؤلاء الأوروبين المنادين بالسماح لتركيا بالانضمام للاتحاد يتخذون من العامل الاقتصادي سببا مهما لدخول البلد الناشئ إلى التحالف الأوروبي، وذلك لما تتمتع به تركيا من سوق كبير للموارد وللطاقات البشرية واقتصاد خصب وناهض.
ولكن ما هي إمكانية ضم تركيا إلى مساحة التحرّك الأوروبية الحرّة التي تعرف باسم “شنغن”، فكل ما يتعلق بالاتحاد الأوروبي الذي كانت نواته شراكاتٍ صغيرة في المواد الخام هو بالأساس اقتصادي.
اقرأ أيضا/ تعديلات “غير مسبوقة” على تأشيرة شنغن
وفي هذا السياق يقول الباحث في الشأن التركي مدى الفاتح في مقال لها: إن العامل الأهم لإنشاء “شنغن” هو التنافس التجاري الذي تسبّب بمحنة الاستعمار التي عاشتها دول وشعوب كثيرة، وتسبّب في إشعال أكثر الحروب دموية وتدميراً.
وفيما يخص انضمام الجمهورية التركية للمجموعة الأوروبية أوضحت الفاتح أن العامل الاقتصادي لا يكفي لدخولها “شينغن”، وذلك لوجود بعض الحساسيات الموجودة بين الطرفين، ووجود تنافس ثقافي لا يقل أهمية.
وأشار إلى أن وجود أشخاصٍ مثل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي يعطي نفسه مكانة مزدوجة، حاميا للعلمانية والكاثوليكية قد يصعب من دخول تركيا إلى نادي شينغن.
وأوضح أنه على الرغم من ذلك ربما يكون ضم تركيا ممكناً، مثلما كان التعاون بين أعداء الأمس، فرنسا وألمانيا، ممكناً، بل إن فكرة الاتحاد كانت بُنيت أساساً على فكرة الانخراط البناء.
وشدد الفاتح على أن الاتحاد الأوروبي أنشئ على تجنّب الحروب والصراعات المستقبلية، من خلال العمل على تشبيك المصالح العابرة للحدود واستطاع تذويب الاختلافات بين الأطراف المختلفة والتقليل من أثر التباينات العرقية والدينية.
وأضاف الباحث أن تذويب الخلافات بين تركيا وأوروبيا صعبا في وجود الواقع الجيوبوليتيكي الحالي، ففي حين كان الأوروبيون يحاولون توحيد جبهتهم الداخلية بالحديث عن وحدة الأهداف والمصير وبتعزيز فكرة التهديد الخارجي التي كان يمثلها الاتحاد السوفييتي حتى سقوطه بالدرجة الأولى، كان يتم النظر إلى تركيا، وريثة الخلافة الإسلامية، هي الأخرى، عدوّا محتملا.
ولفت إلى أن تركيا أصبحت تتعامل بندّية مع دول الجوار الأوروبي، وخير مثال على هذا ما تابعناه هذا العام من توتراتٍ ومعارك دبلوماسية اشتدّت بين كل من فرنسا وتركيا، واتخذت من مساحات إقليمية مختلفة مسرحًا لها.
وأوضح الباحث أنه وإن لم يعترف بها دولةً أوروبية، لا يمكن إنكار مجاورة تركيا أوروبا، كما لا يمكن إنكار أهمية موقعها، سواء بالنسبة للأوروبيين أو لحلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي توصف بأنها أهم عضو فيه بعد الولايات المتحدة.
اقرأ أيضا/ تركيا تفتتح قنصلية جديدة في أوروبا ومسؤول السياسة الخارجية يلتقي تشاووش أوغلو
وأخيرا، ظهرت الأهمية الجيوبوليتيكية لتركيا إبّان أزمة اللاجئين السوريين. حينها لم تملك، حتى أكثر الدول الأوروبية تشدّداً، إلا أن تعمل على التفاهم مع أنقرة التي كان بإمكانها أن تغرق أوروبا باللاجئين.
وفي وقت سابق أعلن الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، مساء السبت، استعداد الاتحاد لمواصلة العمل من أجل الحوار مع القيادة التركية.
وقال بوريل في تغريدة على تويتر إن الرئيس رجب طيب أردوغان ورئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أجريا اتصالا “مفيدا”، مضيفا: “مستعدون لمواصلة العمل من أجل الحوار مع الحكومة التركية”.
وأعرب عن تطلعه للترحيب بوزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو في بروكسل، لمتابعة المهمة التي أوكلها له زعماء الاتحاد الأوروبي حول العلاقات مع القيادة التركية خلال قمّتهم في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وكانت أورسولا فون دير لاين نشرت عبر حسابها على تويتر أنها أجرت لقاء جيدا مع الرئيس أردوغان، تناول جائحة كورونا والانتعاش الاقتصادي وتنفيذ المهمة المذكورة.
المصدر: تركيا الان