تحقق تركيا قفزات كبيرة نحو الاستقلال الاقتصادي والذي بدأته بالحرب الكبيرة على أسعار الفائدة، وكذلك صادرات كبيرة من السلاح.
ملفا الاستقلال الاقتصادي وصادرات السلاح تزعج الدول الغربية وروسيا، رغم التقارب الكبير بين تركيا والأخيرة في ملف الطاقة.
ووفق مراقبون، فإن الاستراتيجية الاقتصادية التركية ترتكز على أربعة محاور رئيسية: الأول محور النمو الاقتصادي الذي تقوده الصادرات والتوظيف والاستثمار، وخفض سعر صرف الليرة الذي يرفع من تنافسية المنتجات الصناعية ورخص أسعارها للمستوردين.
الاستقلال الاقتصادي
ويتمثل المحور الثاني في الاستقلال المالي والنقدي الذي ينفذه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عبر خفض سعر الفائدة، وتحرير البلاد من هيمنة المصارف الاستثمارية الغربية.
ورغم أن هذا الملف أو المحور تسبب في حدوث هزة مالية في تركيا وأربك قطاعاتها الإنتاجية وتسبب في غلاء المعيشة للمواطنين، لكن أردوغان يصر على تنفيذه.
في حين، يتكون المحور الثالث من ملف الصناعات الدفاعية ومبيعات الأسلحة الذي يخفض واردات البلاد من الأسلحة ويزيد صادراتها الدفاعية، خصوصا أن تركيا تقع في منطقة تكثر فيها النزاعات المسلحة وتحتاج إلى تنفيذ المزيد من الصفقات.
أما آخر محور، فهو ملف الزراعة الذي تستهدف تركيا عبره زيادة صادراتها الزراعية وتلبية كفايتها من منتجات الأغذية.
ويبدو أن ملف “الاستقلال الدفاعي وزيادة صادرات الأسلحة” يقلق روسيا أكثر من الملفات الأخرى، لأنه يتقاطع مع مناطق نفوذها الجيوسياسي وخطط توسعها الجغرافي في دول مثل أوكرانيا ودول الجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى وسورية وليبيا وأفريقيا.
ووفق تقرير لمعهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فإن مبيعات السلاح في العالم، عدا الصين التي لا تكشف عن تجارة السلاح حتى الآن، ارتفعت إلى 420 مليار دولار في عام 2020.
توسيع النفوذ
وينظر مختصون إلى مبيعات السلاح لا تعني فقط تجارة قطاعية تدر أرباحاً للشركات، ولكنها تعني كذلك توسيع النفوذ والسيطرة على الأسواق التجارية الخارجية وحمايتها من المنافسة الخارجية للدولة، والمساومة على مكان في “النظام العالمي” الدولي.
ولعل التقدم التقني الذي أحرزته تركيا في الصناعات الدفاعية وتوسيع أسواقها في أفريقيا وآسيا، يقلق كثيرا شركات صناعة السلاح في روسيا وفرنسا.
ويرى خبراء أن استراتيجية أردوغان في بناء تركيا الحديثة، ركزت على الصناعات الدفاعية أكثر من غيرها، بسبب موقع البلاد الجيوسياسي.
ويعتقد أردوغان أنه حقق الاستقلال الاقتصادي بنسبة 80%، وربما يتمكن من تحقيقها بنسبة 100% خلال الأعوام القليلة المقبلة.
ويلاحظ خبراء غربيون أن تركيا تحولت من مستورد إلى مصدّر للسلاح والمعدات العسكرية، وباتت تنافس عمالقة الصناعات الدفاعية العالمية خلال العامين الماضيين.
ويرى خبراء أن استراتيجية تركيا في صناعة الأسلحة تهدد أسواق شركات الأسلحة الكبرى في العالم في المستقبل، كما تزيد من النفوذ الجيوسياسي التركي في دول الجوار وأفريقيا وآسيا.
لكن ما يقلق موسكو من التطور السريع في ملف “الاستقلال الدفاعي وتصدير السلاح”، هو صفقة مبيعات طائرات “بيرقدار تي بي2” المسيرة التي تهدد خطط موسكو العسكرية في أوكرانيا.