هل حسم حزب السعادة قراره؟
الزيارات الودية المتبادلة التي جرت بين أردوغان والرئيس الراحل للمجلس الأعلى لشورى حزب السعادة، أوغوزخان أصيل تورك، بالإضافة إلى انتقاد هذا الأخير لتراجع شعبية حزب السعادة بسبب اكتفائه بانتقاد الحكومة وغض الطرف عن أخطاء المعارضة، ومطالبته بتنظيم مؤتمر عام لتغيير القيادة.. كل ذلك عزَّز فرص التقارب بين حزب العدالة والتنمية وحزب السعادة، إلا أن تولي رئيس حزب السعادة تمل كارا موللا أوغلو لرئاسة المجلس الأعلى لشورى الحزب بعد وفاة أصيل تورك، غيَّر التوازنات داخل حزب السعادة لصالح الفريق الرافض لأي تحالف مع أردوغان.
تولي رئيس حزب السعادة تمل كارا موللا أوغلو لرئاسة المجلس الأعلى لشورى الحزب بعد وفاة أصيل تورك، غيَّر التوازنات داخل حزب السعادة لصالح الفريق الرافض لأي تحالف مع أردوغان
كارا موللا أوغلو زار رئيس الجمهورية التركي في القصر الرئاسي في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر، واستمر اللقاء أكثر من ساعتين. وفي تعليقه على اللقاء، ذكر رئيس حزب السعادة أنهما تحدثا عن قضايا كثيرة، و”اتفقا على أن لا يتفقا في معظمها”، حسب قوله، إلا أن أردوغان نفى معظم تصريحات كاراموللا أوغلو حول ما جرى في اللقاء، ووصفها بـ”غير صحيحة”، كما ألغى الزيارة التي كان ينوي القيام بها لحزب السعادة.
رئيس حزب السعادة في آخر تصريحاته التي نشرتها صحيفة “جمهوريت” المعارضة، أثنى على رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، ووصفه بـ”الشجاع”، مضيفا أن كليتشدار أوغلو نجح في تحويل حزب الشعب الجمهوري إلى حزب منفتح على الجميع. وذكر أنهم يتفقون مع كليتشدار أوغلو ورئيسة الحزب الجيد ميرال آكشينار على ضرورة ضمان حريات الرأي والتعبير والمعتقد.
كل هذه المؤشرات تشير إلى أن حزب السعادة حسم قراره بشأن الانضمام إلى تحالف الجمهور، وأنه لن يدعم أردوغان بأي حال في الانتخابات الرئاسية. واتضح أن زيارة كارا موللا أوغلو للقصر الرئاسي لم تكن غير محاولة تهدئة الاعتراضات داخل حزب السعادة على موقفه السلبي من أردوغان. ومع ذلك، يبقى هذا السؤال مطروحا: “هل سيدعم حزب السعادة كليتشدار أوغلو أم سيخوض الانتخابات الرئاسية بمرشحه؟”.
المؤشرات تشير إلى أن حزب السعادة حسم قراره بشأن الانضمام إلى تحالف الجمهور، وأنه لن يدعم أردوغان بأي حال في الانتخابات الرئاسية. واتضح أن زيارة كارا موللا أوغلو للقصر الرئاسي لم تكن غير محاولة تهدئة الاعترضات داخل حزب السعادة على موقفه السلبي من أردوغان
كارا موللا أوغلو يعرف جيدا أن معظم مؤيدي حزب السعادة يفضلون التصويت لصالح مرشح حزب العدالة والتنمية، بدلا من مرشح حزب الشعب الجمهوري، ولذلك سعى في الانتخابات الرئاسية الأخيرة ليكون عبد لله غول هو المرشح المشترك لأحزاب المعارضة، إلا أنه فشل بسبب إصرار آكشينار في الترشح، وخاض الانتخابات كمرشح حزب السعادة ليحصل على 0.89 في المائة فقط من أصوات الناخبين. كما دعم حزب السعادة مرشح الحزب الجمهوري أكرم إمام أوغلو في الانتخابات المحلية الأخيرة بطريقة غير مباشرة، من خلال ترشيح أحد أعضائه لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى، كيلا تذهب أصوات مؤيدي الحزب إلى مرشح حزب العدالة والتنمية بن علي يلدريم. ويطالب كارا موللا أوغلو حلفاء حزب السعادة في تحالف الملة الانتخابي بترشيح شخصية – كعبد لله غول – يمكن أن يقنع مؤيدي حزبه بالتصويت له.
رئيس حزب الشعب الجمهوري هو الآخر كان يفضل عبد الله غول كمرشح مشترك لأحزاب المعارضة في الانتخابات الأخيرة. وعلى الرغم من فشل أحزاب المعارضة في التوافق على ترشيح غول في صيف 2018، وما زال يميل كليتشدار أوغلو إلى ترشيح رئيس الجمهورية السابق لمنافسة أردوغان، إلا أن هناك معارضة قوية داخل حزب الشعب الجمهوري وبين مؤيديه لدعم مرشح ينتمي إلى اليمين، بعد فشل تجربة أكمل الدين إحسان أوغلو. ويطالب معظم مؤيدي حزب الشعب الجمهوري بترشيح رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو، أو رئيس بلدية أنقرة الكبرى منصور ياواش، إلا أن كليتشدار أوغلو يرفض ترشيح أحدهما رفضا قاطعا. وبالتالي، يبقى ترشيح رئيس حزب الشعب الجمهوري نفسه لرئاسة الجمهورية كأفضل خيار له في ظل الخيارات المطروحة.
هناك مؤشرات تشير إلى أن كليتشدار أوغلو يستعد للترشح للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في حزيران/ يونيو 2023، إن لم يكن ترشيح غول أو غيره كمرشح توافقي ممكنا
هناك مؤشرات تشير إلى أن كليتشدار أوغلو يستعد للترشح للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في حزيران/ يونيو 2023، إن لم يكن ترشيح غول أو غيره كمرشح توافقي ممكنا. وقال، الثلاثاء، في برنامج تلفزيوني، إنه يمكن أن يترشح لرئاسة الجمهورية في حال اتفقت أحزاب تحالف الملة على ترشيحه، مضيفا أن آكشينار تستحق أن تتولى رئاسة الوزراء بعد عودة البلاد إلى النظام البرلماني. كما أنه بدأ في الآونة الأخيرة يطلق تصريحات تهدف إلى كسب ود الناخبين المتدينين، كقوله إنهم ارتكبوا خطأ كبيرا في الماضي حين لم يعارضوا حظر الحجاب.
ولعل كاراموللا أوغلو يسعى من خلال تصريحاته الأخيرة إلى تهيئة مؤيدي حزب السعادة نفسيا لتبقل فكرة التصويت لصالح كليتشدار أوغلو، على الأقل في الجولة الثانية، إن لم يتم حسم معركة الرئاسة في الجولة الأولى .