شهدت الليرة التركية خلال العام الجاري 2021، انهيار تاريخي، بعد أن فقدت نصف قيمتها، في وقت لا يزال الغموض يكتنف مصيرها في العام المقبل 2022.
وهبطت الليرة التركية من مستويات 7 أمام الدولار الأمريكي، إلى 17 خلال الأيام الحالية، في ظل اعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن حرب “الاستقلال الاقتصادي” ضد أسعار الفائدة.
ويرى أردوغان أن سعر الفائدة بمثابة “السيف المسلط على رقبة الاقتصاد، ولن نسمح للفائدة بالتحكم في مفاصل الاقتصاد”.
الليرة التركية
بدوره، قال أوجيداي توبجولاش، مدير المال في “رام كابيتال” (RAM Capital): “لكي تعود تركيا منتصرة فإنها بحاجة إلى تغيير في العقلية الاقتصادية والسياسية.
ورغم أن حدوث تحوّل في السياسة النقدية للبنك المركزي التركي يمكن أن يكون بمثابة مغير لقواعد اللعبة على المدى القصير، فإنه قد لا يقنع المستثمرين”.
وتراجعت الليرة التركية بنسبة 55% هذا العام، ومن المفترض أن تتجاوز مستويات الانخفاضات خلال الأزمة المالية لعام 2001 التي أوصلت حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان إلى السلطة.
وفي يوم الجمعة، وقفت تركيا التعاملات في جميع الأسهم المدرجة بعد أن أدت الانخفاضات الحادة إلى استخدام آلية “قواطع دوائر الأسهم” على مستوى السوق، مع استمرار انخفاض الليرة إلى مستوى قياسي.
ورغم أن الأسهم لا تزال مرتفعة بنسبة 41% هذا العام حسب المعايير المحلية، فإنها الأسوأ أداءً على مستوى العالم بالدولار الأمريكي مع انخفاض بنسبة 36%.
وبلغ الانخفاض 500 نقطة أساس منذ سبتمبر، ما تسبب في تصنيف تركيا كواحدة من أقل الأسواق الناشئة من حيث العائدات الحقيقية.
المحاور الرئيسية
وتتمثل المحاور الرئيسية التي يمكن أن تحدد مسار الأصول التركية في عام 2022، في السياسة المغايرة، “فهل سيضطر البنك المركزي إلى تغيير وجه السياسة بالكامل كما فعل خلال أزمات الليرة في الماضي؟”.
ويعتقد الاستراتيجيون، بمن فيهم العاملون في مجموعة “غولدمان ساكس”، أن فرصة حدوث ارتفاع كبير في النصف الأول من العام تتزايد مع انتقال صدمة السوق من تخفيضات أسعار الفائدة إلى الاقتصاد الأوسع.
لكن الإشارات قليلة على أن أردوغان سيتراجع عن موقفه بشأن أسعار الفائدة، وهو موقف تعود جذوره إلى مفاهيم الربا والاعتقاد بأن تكاليف الاقتراض المرتفعة ستنتقل إلى المستهلكين، ما يؤدي إلى زيادة التضخم.
وقال بول غرير، مدير الأموال في “فيديليتي إنترناشيونال” (Fidelity International) التي يقع مقرها في لندن: “يبدو أن الإدارة الحالية مدفوعة بإيجاد الوظائف والنمو الاقتصادي، وهي أقل اهتماماً بالعملات الأجنبية واستقرار التضخم. يتعارض هذا المزيج من الأولويات الكلية مع ما يبحث عنه مستثمرو الدخل الثابت في الخارج في الوقت الحالي”.
والمحور الثاني يتمثل في “الدولار المخبأ” مع مغادرة معظم المستثمرين الأجانب منذ فترة طويلة، يبدو أن مدخرات العملة الصعبة بمليارات الدولارات التي تحتفظ بها الأسر التركية والشركات المحلية هي التي ستؤدي إلى تقلبات الليرة في عام 2022.
ويمتلك المواطنون 226 مليار دولار من العملات الأجنبية بتاريخ 3 ديسمبر، أي ما يعادل أكثر من 60% من جميع الودائع، حسب آخر بيانات البنك المركزي.
وقال نيك ستادميلر، مدير استراتيجية الأسواق الناشئة في “ميدلي غلوبال أدفيازرز” (Medley Global Advisors): “ربما كان لفقدان ثقة المواطنين الأتراك بالليرة تأثير أكبر في انخفاض العملة من تصورات المستثمرين الأجانب”.
ومع ذلك فإن الشركات والأفراد بحاجة إلى مبلغ معين من الليرة في الودائع لدفع النفقات العادية، ما سيبقي على وجود قدر معين من الليرة في النظام.