بدأ الاقتصاد العالمي -ومعه اقتصاد تركيا – يلتقط أنفاسه إثر انطلاق حملات التطعيم وعودة الدول إلى فتح حدودها ومطاراتها، بعد أكثر من عامين من جائحة كورونا التي عصفت بسلاسل الإمدادات والإنتاج.
وتعتبر تركيا قاعدة إستراتيجية بسلسلة التوريد العالمية بالنظر إلى موقعها الجغرافي القريب من الأسواق في أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وما يقدمه ذلك من أسعار تنافسية.
وفي هذا السياق يقول السياسي التركي البارز عثمان نوري في مقال له: “في الوقت الحالي، باتت العديد من الشركات الغربية تعيد التفكير في وحدات الإنتاج التابعة لها في الصين والشرق الأقصى وخيارات التوريد من هذه البلدان، وهذا ما يمنح تركيا الفرصة لتصبح مركزا عالميا في سلسلة التوريد العالمية”.
وأوضح نوري أن على تركيا إحداث بعض التعديلات بالسياسات الأساسية المطبقة حتى تتمكن من تحقيق أقصى استفادة من الفرص الناشئة على نطاق عالمي.
وأشار إلى ان تركيا في الماضي كانت تتبع سياسة سعر الصرف المنخفض والفائدة المرتفعة المعتمدة أيضا من قبل برامج صندوق النقد الدولي؛ لكن العجز الكبير في الميزان التجاري نتيجة هذه السياسات مثّل مشكلة دائمة لاقتصاد بلدنا لسنوات.
وأضاف: “نتيجة لتلك السياسة السابقة سجل الميزان التجاري لتركيا عجزا كبيرا ما أدى إلى استنزاف احتياطيات الدولة من العملة الأجنبية وزيادة الطلب على النقد الأجنبي؛ وهو ما شكل ضغطا على الليرة التركية وأثر على قيمتها.
اقرأ أيضا/ أردوغان: هذا ما سنفعله لترسيخ النموذج الاقتصادي الجديد
ولفت نوري إلى أن طريقة سد العجز سابقة تعد مشكلة أكبر من المشكة نفسها ولا تقل خطورة على اقتصاد تركيا؛ “لأن ذلك يكون في الغالب من خلال ما يسمى “الأموال الساخنة” -وهي رؤوس أموال يتم تداولها لمدة وجيزة وتستجيب بسرعة كبيرة للتغيرات في معدل الفائدة- وهو ما يزيد من إضعاف الاقتصاد”.
وأشاد نوري بالنموذج الاقتصادي الجدي الذي أقره الرئيبس رجب طيب أردوغان، موضحا انه يعتمد على دعم الاستثمارات وخلق بيئة مشجعة على نمو التوظيف والاستدامة وفرض أسعار فائدة منخفضة وموازنة الطلب على النقد الأجنبي بخفض الواردات وزيادة الصادرات والاستفادة من سعر الصرف التنافسي وزيادة الاستثمارات.
وأوضح أنه على هذا النحو، قادر على تحقيق فائض في الميزان التجاري وتقليل الاعتماد على الدين الخارجي، مشيرا إلى أنه عند تخفيض عجز الميزان التجاري والحد من تبعية الدولة للديون الخارجية، سيصبح الاقتصاد أقل هشاشة وسيتشكّل هيكل اقتصادي قادر على مقاومة الصدمات الخارجية من خلال جذب الاستثمار الأجنبي المباشر لبلدنا بدلا من الأموال الساخنة.
وقد ظهرت خلال المراحل الأولى من تطبيق هذه السياسات الاقتصادية آثار سلبية تمثلت في التقلبات المفرطة لأسعار الصرف وهبوط قيمة الليرة التركية في 20 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وأكد أن تركيا تجاوزت البلاد هذه الاضطرابات بفضل تطبيق مجموعة الإجراءات التي أعلنها رئيسنا (رجب طيب أردوغان). ونحن نعتقد أن فعالية هذه الخطة الاقتصادية الجديدة ستكون واسعة النطاق وستظهر نتائجها الإيجابية في وقت قصير.
وفي وقت سابق شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن أرقام التضخم في بلاده لا تعكس الواقع الاقتصادي، مؤكدًا أن حكومته ستنجح في خفض نسبة التضخم خلال مدة وجيزة.
وقال الرئيس أردوغان في كلمة أمام أعضاء بالبرلمان من حزب العدالة والتنمية الحاكم إنه يأمل أن تتحقق فوائد السياسة الاقتصادية لأنقرة في الصيف.
اقرأ أيضا/كيف ستساهم هذه المنشأة في إنعاش اقتصاد تركيا؟
وأوضح “نعاني من مشكلتي التضخم وتقلبات أسعار الصرف، لكن رغم ذلك ظلت الزيادة في التضخم في بلدنا أقل نسبيا من مثيلتها في البلدان الأخرى”.
وأكد أردوغان أن حكومته مصممة على جعل تركيا في “دوري الأبطال اقتصاديا”، موضحًا أن حكومته تواصل طريقها لبلوغ هدفها المنشود اقتصاديا وهو دخول قائمة أكبر 10 اقتصادات في العالم.
وأشار إلى ان حكومات حزب العدالة والتنمية مستمرة في النهوض باقتصاد البلاد، رغم العراقيل الكثيرة التي اعترضتها خلال توليها السلطة في البلاد، مبينًا أن حكومته أزالت إلى حد كبير نقاط ضعف الاقتصاد التركي التي كانت تتم عبرها التدخلات الخارجية الرامية إلى زعزعة استقرار النظام المالي التركي.
ولفت الرئيس إلى أن حكومته قضت على فقاعة سعر صرف العملات الأجنبية بحزمة التدابير الاقتصادية التي اتخذتها أخيرا، وإنها عازمة أيضا على إزالة فقاعة التضخم، مشيرًا إلى أن بلاده تجاوزت المرحلة الأصعب، مضيفا أن “الوقت حان لجني ثمار جهودنا وتحقيق أهدافنا”.
المصدر: تركيا الان