أسعار الزراعة العالمية تبلغ ذروة غير مسبوقة على مدى 10 سنوات
يقف الوباء وتغير المناخ كعاملين رئيسيين وراء بلوغ أسعار الزراعة ذروة غير مسبوقة في جميع أنحاء العالم.
ويتصف قطاع الزراعة والصناعات الغذائية في كافة دول المعمورة ببنىً معقدة للغاية، حيث يواجه القطاع العديد من المشكلات ابتداءً من المنتجين الأساسيين إلى سلاسل الإمداد الغذائي، مروراً بشبكات البيع بالتجزئة والخدمات اللوجستية وصولاً إلى المنازل. ويعتمد جميع المستفيدين في النظام الإيكولوجي للزراعة والغذاء على بعضهم بارتكاز حيوي يؤثر فيه الواحد على الآخرين. لهذا السبب، فإن أي مشكلة تعترض أحد اللاعبين تنتشر بسرعة وتؤثر بعمق على النظام البيئي بأكمله. كما أن صناعة الزراعة تتطلب من منظور الخدمة العامة، متابعةً مستمرةً من قبل عشرات الآلاف من الخبراء والمراجعين في هذا المجال. كذلك تعتبر الإدارة الفعالة للأسعار في القطاع الزراعي قضية أخرى تحتاج أن تُدار لصالح المستهلك.
أسعار المواد الغذائية العالمية
أعلنت “الفاو” منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، أن أسعار الغذاء العالمية ارتفعت عام 2021 بنسبة 28% مقارنة بالعام السابق لتصل إلى أعلى مستوى لها في السنوات العشر الماضية. ويسلط تحليل المنظمة الضوء على أنه من غير المتوقع أن تستقر أوضاع سوق المنتجات الزراعية والغذائية العالمية عام 2022. ويشير التقرير إلى أن الظروف الحالية لا تترك مجالاً للتفاؤل بحلول عام 2022، لأنه وحتى في ظل الظروف العادية، من المتوقع أن يحل ارتفاع الأسعار محل نمو الإنتاج. إضافة إلى أن ارتفاع تكاليف المدخلات، والشكوك المتعلقة بالوباء العالمي والكوارث الطبيعية مثل الجفاف الشديد أو العواصف واسعة النطاق الناجمة عن تغير المناخ العالمي، من المتوقع أن تزيد من صعوبة العودة إلى حالة أكثر استقراراً عام 2022.
وقد وصل متوسط الرقم القياسي لأسعار الحبوب لعام 2021 إلى أعلى مستوى سنوي له منذ عام 2012 بزيادة قدرها 27.2% عن العام السابق. ومن ناحية أخرى، يبين مؤشر أسعار الزيوت النباتية وصوله إلى أعلى مستوياته على الإطلاق بزيادة قدرها 65.8% مقارنة بمتوسط أسعار 2020. كما سجل مؤشر أسعار السكر أعلى مستوى له منذ عام 2016 بزيادة قدرها 29.8% مقارنة بعام 2021، بالرغم من انخفاضه إلى أدنى مستوى له على مدى الأشهر الخمسة الماضية في الشهر الأخير من عام 2021.
كذلك أظهر مؤشر أسعار اللحوم بعض الاستقرار في الشهرين الأخيرين من عام 2021، حيث ارتفع بنسبة 12.7% في عام 2021 بأكمله. وأخيراً، استمر مؤشر أسعار منتجات الألبان في الارتفاع حتى في الشهر الأخير من عام 2021، حيث ارتفع بنسبة 16.9% عام 2021 مقارنة بعام 2020.
وجاء في تقييم منظمة الأغذية والزراعة للضغط الناجم عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية عام 2021 فيما يتعلق بزيادة مخاطر التضخم العالمي، أنه يعرض الفئات ذات الدخل المنخفض في البلدان المستوردة للأغذية لخطر تراجع “الأمن الغذائي” عام 2022.
وتظهر الدراسات الميدانية لمنظمة الأغذية والزراعة أنه في سبتمبر/أيلول الماضي، واجه 161 مليون شخص انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، وصل لحد المجاعة بالنسبة لـ 45 مليون منهم. ومما يثير القلق أن هذا الرقم الذي كان 155 مليوناً عام 2020، لا يزال في ازدياد مستمر. ويعيش ثلثا هؤلاء السكان المعرضين لخطر الجوع الحاد في المناطق الريفية حول العالم وهم بالكاد يجدون الغذاء والدخل اليومي. كما أصبحت سبل عيشهم معرضةً للتهديد أكثر بسبب تغير المناخ العالمي. ومع تفاقم الأزمة الناجمة عن تغير المناخ، تتعرض سبل عيش 2.5 مليار من صغار المزارعين والصيادين وقاطني الغابات والرعاة، لمخاطر متزايدة بسرعة كبيرة. وتجدر الإشارة إلى أن أزمات الغذاء الرئيسية نجمت عام 2020 بشكل أساسي عن الظروف الجوية القاسية.