على الرغم من الارتياح الكبير داخل الأوساط التركية من الخطوات التصالحية وتصفير المشاكل مع الدول المناوئة التي اتخذها حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، إلا أن مراقبين رأوا أنها تخريبا لخطط المعارضة قبل نحو من عام من موعد الانتخابات الشاملة في البلاد.
وأوضح المراقبون أن حجم الاستقبال الإماراتي المهيب فاجأ أشد المتفائلين المؤيدين لترميم العلاقات بين أنقرة وأبو ظبي.
وأشاروا إلى أن من شأن هذا التقارب أن يدشن صفحة جديدة للعلاقات التركية-الإماراتية في ظل التحركات الدبلوماسية التي تشهدها المنطقة، إضافة إلى تأثيرها على الاقتصاد التركي بشكل إيجابي، من خلال الاستثمارات الإماراتية الضخمة وارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين.
وفي هذا السياق يقول الكاتب والمحلل السياسي إسماعيل ياشا إن المعارضة التركية لا تخفي استياءها من خطوات أنقرة التي تهدف إلى المصالحة مع الدول التي تدهورت علاقات تركيا معها في السنوات الأخيرة.
وأوضح ياشا أن المعارضة انتقدت زيارة أردوغان للعاصمة الإماراتية، خاصة أن رئيس الجمهورية التركي سبق أن اتهم الإمارات بدعم محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها ضباط موالون لجماعة غولن في 15 تموز/ يوليو 2016.
اقرأ أيضا/ القطاع السياحي أبرز المستفيدين من التعاون التركي الإماراتي
وأضاف أن انزعاج المعارضة من التقارب التركي الإماراتي ونجاح أردوغان في زيارته يعود إلى الآثار السلبية المحتملة التي قد تنعكس على خطط المعارضة الانتخابية، مشيرًا إلى أن ذاك الانزعاج لا ينبع على الإطلاق من موقف مؤيد لمطالبة الشعوب بالديمقراطية ومعارض لوقوف الإمارات ضد ثورات الربيع العربي.
وأشار إلى أن العلاقات بين الدول تشهد صعودا وهبوطا، كما أن تاريخ البشرية مليء بالحروب ومعاهدات السلام، ولعل أقرب مثال لتحسن العلاقات بين دولتين بعد تدهورها بشكل غير مسبوق، ما جرى بين السعودية وقطر.
ولفت ياشا إلى أن بعد المصالحة الخليجية لم يعد الإعلام السعودي يتهم الدوحة بتمويل الإرهاب، ولا يتحدث عن “قناة سلوى التي ستحوِّل قطر إلى جزيرة معزولة”، كما قيل أيام الأزمة.
وتابع: “تركيا مقبلة على انتخابات في غاية الأهمية. ولذلك، فإن هذا السؤال يطرح نفسه بعد كل تطور: “هل يمكن أن يؤدي هذا إلى تغيير في آراء الناخبين؟”.
ويجيب الباحث السياسي عن هذا السؤال بقوله أن الناخبين قد ينقسمون إلى قسمين: قسم المتعاطفين مع ثورات الربيع العربي والقضية الفلسطينية ومن المحتمل ألا يصوتوا للرئيس أردوغان .
أما القسم الثاني وهم عموم الناخبين الذين يهمهم الوضع الاقتصادي بالدرجة الأولى، وسيتفهمون دوافع هذه الخطوات التي تهدف إلى حماية أمن البلاد واستقرارها ومصالحها القومية والاقتصادية.
تركيا والإمارات
ويرى خبراء وعاملون في القطاع السياحي أن تركيا والإمارات تعدان وجهتين سياحيتين متميزتين سواء لاستقطاب السياح أو للتوسع استثماريا بالقطاع؛ لما يتمتع به البلدان من بنية تحتية قوية ومرافق ومعالم سياحية وثقافية وتاريخية متنوعة وجاذبة.
بدوره، قال صلاح الكعبي المدير التنفيذي لـ “بافاريا للعطلات”: “تركيا تعد وجهة رئيسية للسياحة، فهي تعد من أكبر الدول عالمياً على الخريطة السياحية، ولديها بنية تحتية قوية وفي نفس الوقت تعد الإمارات وجهة سياحية متميزة ومهمة تتميز أيضاً بالبنية التحتية القوية، وبالتالي فإنه من المتوقع أن يعزز ذلك من حركة السياح من الجانبين».
وأشار الكعبي إلى أنه من الفوائد السياحية أيضاً تعزيز رحلات الربط والطيران بين الجانبين، من خلال الوجهات التي تسير إليها الخطوط التركية والناقلات الوطنية.
وبيّن أن تركيا تتميز بالسياحة العلاجية وسياحة المعارض، حيث يتم تنظيم فيها المعارض الطبية والسياحية والتجارية والصناعية والثقافية، فهذا التعاون سيعزز من سياحة الأعمال والمعارض أيضا.
ووفق الكعبي، من المتوقع أن تتوسع خطوط الطيران وعدد الوجهات بين البلدين، حيث من المتوقع أن تفتتح الناقلات الوطنية وجهات أكثر في تركيا إلى جانب اسطنبول مثل أنقرة وإزمير وعدد من المدن السياحية المهمة في تركيا.
وبدأت بعض الناقلات الوطنية بالفعل منذ فترة بافتتاح وجهات جديدة في تركيا مثل طرابزون على سبيل المثال، ما سيعزز من نشاط الحركة السياحية بين البلدين.
في حين، قال نويل مسعود، رئيس شركة “أوغست” للاستشارات الفندقية: “من المؤكد أن توطيد العلاقات سيؤثر إيجاباً على الحركة السياحية بشكل كبير والتبادل السياحي،خاصة بعد زيارة أردوغان وقرب المسافة بين الإمارات وتركيا، وتوفر كافة المقومات السياحية الجاذبة في كلا البلدين والتقارب في العادات وغيرها من المقومات”.
وأضاف مسعود: “يوجد الكثير من الاستثمارات السياحية بين البلدين، ومن المتوقع زيادتها وتعزيزها للفترة المقبلة”.
اقرأ ايضا/ أردوغان عائدا إلى تركيا.. لمسنا مودة ومحبة كبيرة في الإمارات
وأكد علاء العلي مدير “نيرفانا” للسفر والسياحة، أن توطيد العلاقات الاقتصادية والسياحية بين البلدين، سيسهم في زيادة عدد السياح بين البلدين والاستثمارات السياحية وزيادة أيضاً حجم قطاع الشحن بين البلدين.
وقال العلي: إن ذلك سيسهم في زيادة عدد المستثمرين من الإمارات إلى تركيا ومن تركيا للإمارات.
وأضاف: “نتوقع أن تشهد الحركة السياحية بين البلدين نمواً بنسبة بين 30 إلى 40% خلال الفترة المقبلة”.
وقال سعود الدرمكي، الرئيس التنفيذي ومؤسس “بريمير” للسفر: “تركيا تعد من ضمن الأسواق الاقتصادية الواعدة للإمارات، حيث نتوقع نمو التبادل التجاري والاستثمارات والفرص الواعدة بين البلدين”.
وأضاف: “ذلك سيسهم في فتح آفاق جديدة للشراكات الاستراتيجية الاقتصادية والسياحية والاستثمارية، ما سينعكس على القطاع السياحي بشكل إيجابي وكبير”.
وتوقع الدرمكي تعزيز الشراكات في مجال الطيران بين شركات الطيران وشركات السياحة والسفر.
المصدر: تركيا الان