رئيس حزب المستقبل أحمد داود أوغلو كان يقترح تشكيل تحالف انتخابي جديد، مبني على أسس جديدة، بدلا من انضمام حزبه وحزب الديمقراطية والتقدم الذي يرأسه علي باباجان إلى تحالف الملة الانتخابي الذي يضم أربعة أحزاب، هي: حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد وحزب السعادة والحزب الديمقراطي.
وذُكر قبل أيام أن كليتشدار أوغلو اقترح أن يكون اسم هذا التحالف الجديد “تحالف تركيا”. ولم يتأكد حتى الآن تبني الأحزاب الستة هذا الاسم الجديد، إلا أن الرأي العام التركي سيطلق عليه “تحالف 28 شباط”، لأن التاريخ الذي اختارته تلك الأحزاب لإعلان رأيها في “النظام القديم الجديد”، أعاد إلى الأذهان انقلاب 28 شباط/ فبرير 1997 الذي أسقط حكومة أربكان الائتلافية وسمي “الانقلاب ما بعد الحداثة”.
الرأي العام التركي سيطلق عليه “تحالف 28 شباط”، لأن التاريخ الذي اختارته تلك الأحزاب لإعلان رأيها في “النظام القديم الجديد”، أعاد إلى الأذهان انقلاب 28 شباط/ فبرير 1997 الذي أسقط حكومة أربكان الائتلافية وسمي “الانقلاب ما بعد الحداثة”
التحالف الانتخابي الجديد يعد الأتراك بإعادة البلاد إلى النظام البرلماني القديم، إلا أنه يضيف إليه كلمة “المعزز” ليبدو كنظام جديد، ومن المتوقع أن تعلن الأحزاب الستة بعض التفاصيل حول هذا النظام وما هو الجديد فيه. ولم يتضح حتى الآن -على سبيل المثال- هل رئيس الجمهورية سيتم انتخابه في النظام الجديد من قبل الشعب التركي أم من قبل البرلمان، كما كان قبل تغيير الدستور باستفتاء 2007. وإن قيل إن البرلمان هو الذي سينتخبه، فهذا يعني إحياء حقبة كانت القوى غير الديمقراطية تفرض وصايتها على الأحزاب لانتخاب مرشح من خارج الساحة السياسية يمثل تلك القوى، كما كان في انتخاب أحمد نجدت سيزر الذي كان رئيس المحكمة الدستورية قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية. وأما في حال انتخاب رئيس الجمهورية من قبل الشعب التركي فستعود إشكالية وجود رئيسين منتخبين من قبل الشعب، أحدهما رئيس الجمهورية والثاني رئيس الوزراء، مع احتمال نشوب خلافات حادة بينهما وتداخل في صلاحياتهما.
السؤال الآخر الذي يطرح نفسه هو: ماذا لو فاز مرشح المعارضة في الانتخابات الرئاسية ولم تحصل الأحزاب الستة على أغلبية في البرلمان تمكنها من تغيير الدستور أو الذهاب بالتعديلات الدستورية إلى الاستفتاء الشعبي؟ وهذا احتمال وارد في ظل ما تشير إليه استطلاعات الرأي، ويعني تأجيل حلم العودة إلى النظام البرلماني إلى الانتخابات التالية وحكم البلاد بالنظام الرئاسي المعمول به حاليا.
الأحزاب الستة لا يثق بعضها ببعض، وأن ما سيعلنه التحالف في 28 شباط/ فبراير هو في الحقيقة تعهد تلك الأحزاب أمام الرأي العام لطمأنة أنصارها بأن جميع الأحزاب ستبقى ملتزمة بأهداف التحالف، ولن يتنصل أي منها من الاتفاقية المبرمة
ولعل الأحزاب الستة تعلن الاثنين القادم بعض التفاصيل للإجابة على هذا السؤال؛ لأن حزب الرئيس الجديد قد يرغب في حكم البلاد وحده دون مشاركة الأحزاب الأخرى، علما بأن الحكومة في النظام الرئاسي ليست بحاجة إلى الحصول على ثقة البرلمان. ويمكن القول هنا بأن الأحزاب الستة لا يثق بعضها ببعض، وأن ما سيعلنه التحالف في 28 شباط/ فبراير هو في الحقيقة تعهد تلك الأحزاب أمام الرأي العام لطمأنة أنصارها بأن جميع الأحزاب ستبقى ملتزمة بأهداف التحالف، ولن يتنصل أي منها من الاتفاقية المبرمة.
المؤرخ التركي مراد بارداقجي ذكر قبل أيام في مقاله بصحيفة “خبر تورك” أن اجتماع رؤساء الأحزاب الستة هو امتداد لاجتماعين عقدتهما جماعة “تركيا الفتاة” في باريس من أجل حشد الجهود لإسقاط السلطان عبد الحميد الثاني، مضيفا أن رؤساء الأحزاب الستة أيضا يجمعهم هدف إسقاط أردوغان فقط، وأنهم -كأعضاء جماعة تركيا الفتاة- لا يعرفون ماذا سيفعلون بعد تحقيق هدفهم المشترك.
الأحزاب التي تشكل التحالف المعارض ستتقاسم الحقائب الوزارية، إن فاز مرشح التحالف في الانتخابات الرئاسية، ما يعني أن حكومة ائتلافية هشة تتألف من ستة أحزاب هي التي ستحكم البلاد حتى لو بقيت تركيا في النظام الرئاسي
هناك تحالفان انتخابيان حتى الآن في تركيا؛ أحدهما تحالف الجمهور الانتخابي الذي يشكله حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية وحزب الاتحاد الكبير، والثاني تحالف الملة المعارض. وما تعِد به المعارضة المواطنين هو العودة إلى حقبة الحكومات الائتلافية الهشة التي شهدت أزمات سياسية واقتصادية وعانت منها البلاد كثيرا.
ومن أهم الفوارق بين التحالفين أن حزب الحركة القومية وحزب الاتحاد الكبير لا يشاركان في الحكومة، رغم دعمهما لها، وأن حزب العدالة والتنمية هو الذي يشكل الحكومة وحده، وأما الأحزاب التي تشكل التحالف المعارض فستتقاسم الحقائب الوزارية، إن فاز مرشح التحالف في الانتخابات الرئاسية، ما يعني أن حكومة ائتلافية هشة تتألف من ستة أحزاب هي التي ستحكم البلاد حتى لو بقيت تركيا في النظام الرئاسي.