منذ بداية الحرب أعلنت تركيا دعوتها الصريحة لوقف إطلاق النار بين الجيشين الروسي والأوكراني، وأكدت أن العقوبات التي ستفرض على روسيا ستؤثر سلبيا على الاتحاد الأوروبي ودول أخرى.
وشددت تركيا أنها لا تعتزم المشاركة في فرض عقوبات ضد روسيا على خلفية تدخلها العسكري في أوكرانيا من حيث المبدأ.
وفي هذا السياق قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إن بلاده لم تشارك في مثل هذه العقوبات بشكل عام من حيث المبدأ، ولا تميل للمشاركة في العقوبات الحالية أيضا”.
وأضاف الوزير أن أنقرة تدرس بشكل مفصل جميع القرارات المتعلقة بالعقوبات، وخاصة في ما يتعلق بتأثيرها على اقتصاد البلاد وأمن إمدادات الطاقة لديها.
وأكد تشاووش أوغلو في تصريحات له أن تركيا لم تتلق أي طلب أو ضغوط من الدول الأخرى للمشاركة في العقوبات على روسيا.
وفيما يخص المفاوضات الجارية بين روسيا وأوكرانيا، أشار وزير الخارجية التركي إلى أن كلا الطرفين يبحثان عن أرضية من أجل عقد اجتماع جديد للتفاوض، مرجحا أن يتم تأجيل اللقاء لبضعة أيام أخرى.
وأشار إلى بلاده تقدم نصائحها الودية لكلا الطرفين، للوصول إلى وقف إطلاق النار، مضيفا أن “الأمر المستعجل حاليا هو وقف إطلاق النار”، لافتا إلى أنه يوجد متسع من الوقت لاحقا لإجراء لقاءات حول القضايا السياسية، فلا يمكن الحصول على نتيجة وسط القصف المتواصل”.
أما بخصوص إغلاق مضائق تركيا في وجه السفن الحربية، أكد تشاووش أوغلو أن روسيا قبلت بسحب طلبها بشأن السماح لسفن غير مسجلة ضمن أسطول البحر الأسود الروسي بعبور المضائق التركية.
وشدد على أن تركيا أبلغت جميع الدول المشاطئة للبحر الأسود وغيرها بأنها ستطبق اتفاقية مونترو الخاصة بالمضائق بشكل حرفي ودون انتهاج أي ازدواجية في المعايير، خاصة أن أنقرة ليست مضطرة للانحياز إلى طرف معين.
وكانت تركيا قد أعلنت أعلنت انها ستمنع كل السفن الحربية من عبور مضيقي “البوسفور والدردنيل” بموجب اتفاقية “مونترو” الأمر الذي اعتبره مراقبون تغييرا في السياسة الخارجية التركية تجاه الأحداث في أوكرانيا.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن تركيا أبلغت الدول المطلة على البحر الأسود وغير المطلة بهذا القرار.
وأوضح المراقبون ان هذه الاتفاقية التي وقعت عام 1936 كانت صمام أمان بالنسبة لتركيا والدول الغربية في مواجهة التهديدات السوفيتية خلال حقبة الحرب الباردة.
وأشاروا إلى أنه بعد انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي، شهدت الاتفاقية تحولا كبيرا بسبب تغير موازين القوى في البحر الأسود.
وفي هذا السياق يقول سيرهات جوفينك، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة “قادر هاس” بإسطنبول في تصريح له أن “لدى روسيا على الأرجح موارد كافية للحفاظ على قوتهم البحرية في البحر الأسود لنحو شهرين إلى 3 أشهر”. “ولكن إذا استمر الصراع، فستكون قصة مختلفة”.
وأضاف أنه في وقت سابق من فبراير/شباط، عبرت 6 سفن حربية وغواصة روسية مضيق الدردنيل والبوسفور إلى البحر الأسود لإجراء ما وصفته موسكو بتدريبات بحرية بالقرب من المياه الأوكرانية.
وأشار جوفينك إلى أن إعلان تركـيا الحالة في أوكرانيا بأنها حرب، يفيدها أكثر خاصة بعد تصريح وزير الخارجية بأن بلاده ستتقيد بأحكام معاهدة “مونترو” البحرية بكل شفافية.
وأوضح أن من مصلحة أنقرة أن تفعل ذلك لأن الاتفاقية تدعم تركيا في أوقات الحرب، وأن “أي استثناء لإرضاء روسيا يمكن أن يعرض مصداقية الاتفاقية للخطر على المدى الطويل”.
اقرأايضا/ كيف سيؤثر قرار تركيا إغلاق المضائق عليها وعلى مجريات الحرب؟
وأشار إلى أن “الولايات المتحدة مهتمة للغاية بفكرة حرية الملاحة غير المقيدة عبر المضائق التركية، موضحا أن أي انحراف عن الاتفاقية من شأنه أن يعطي الولايات المتحدة “سببًا مشروعًا للتشكيك في مكانة تركيا كحارس لمونترو”.
وتابع جيوفينك: “تعرف روسيا تعقيدات السياسة والقانون وكانت مستعدة لمثل هذا الاحتمال، مشيرا إلى أنها لم تتوقع أن تتصرف أنقرة بشأن الاتفاقية عاجلا.
وأضاف: “يمكن لتركيا أن تروج لهذه الخطوة على أنها مجرد احترام لالتزام بموجب القانون الدولي”، لكن هذه الخطوة قد تكون مؤشرا على الاتجاه الذي قد تتجه إليه تركيا إذا استمر الصراع.
وختم أن تركيا بقرارها قررت الانضمام أكثر إلى حلفائها التقليديين في الناتو والاتحاد الأوروبي، والابتعاد قليلاً عن روسيا.
وسبق أن أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، أن بلاده قررت تفعيل معاهدة (مونترو) المتعلقة بالملاحة البحرية .
وقال تشاووش أوغلو: “أبلغنا الدول المطلة وغير المطلة على البحر الأسود بألا ترسل سفنها الحربية للمرور عبر مضائقنا” .
وأضاف أن “تركيا لن تسمح بمرور السفن الحربية عبر المضيق من بعد الآن” .
وقال الرئيس التركي رجب أردوغان، أنهم سيطبقون معاهدة مونترو البحرية لمنع التصعيد بين روسيا وأوكرانيا، موضحا: “لن نتخلى عن روسيا أو أوكرانيا ولن نقبل بازدواجية المعايير”.
وكانت قد طلبت أوكرانيا من تركيا إغلاق المضائق أمام السفن الحربية الروسية .
ومع دخول الحرب الروسية الأوكرانية يومها السادس، يرى مراقبون أن تركـيا قد تدفع ثمنا وتكاليف باهظة نتيجة هذه الحرب.
وأشار المراقبون أن الغزو الروسي سينتج عنه أن تركيا ستدفع الثمن على المستوى السياسي والدبلوماسي، على الرغم من أنها اتبعت سياسة حذرة مع روسيا.
وفي هذا السياق يقول الكاتب والمحلل التركي علي حسين باكير في مقال له أن الجانب التركي بعلاقات جيّدة مع روسيا وأوكرانيا، لكنّه انخرط في شراكة استراتيجية متنامية مع كييف خلال السنوات الماضية لموازنة العلاقة مع روسيا.
اقرأ أيضا/ تركيـا تخصص قطارًا لإجلاء رعاياها من أوكرانيا
واضاف أن البعض صنف تركـيا في خانة الرابحين على اعتبار أنّ الأزمة أتاحت لها التحرّك دبلوماسياً والتأكيد على دورها المحوري والفاعل في حلف شمال الأطلسي.
ولفت باكير إلى أن روسيا ترتب ما أسماها تكاليف باهظة على تركيا على أكثر من صعيدك “فعلى المستوى السياسي والدبلوماسي، لم يستجب الجانب الروسي لدعوات أنقرة المتكررة للحوار والوساطة وتجاهلها تماماً، وهو ما قلّل من قيمة تركيا.
كما أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أراد أن يوجه رسالة لقادة الدول الأوروبية إنه ليس لدى تركيا ما تقدمه.
وأشار إلى أن تركـيا حاولت تطوير علاقات أقوى مع أوكرانيا لتحقيق نوع من التوازن مع موسكو، غير أنه في ظل التطورات التي تجري اليوم، فإنّ خلق دولة عميلة لروسيا في أوكرانيا يعني أنّ تركـيا ستخسر على الأرجح القدرة على توظيف العلاقة مع كييف لتحقيق توازن في العلاقة مع موسكو، وفق قوله.
المصدر: تركـيا الان