بعد أحد عشر يوما على اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية لا تزال الأنظار تتجه نحو تركيا باعتبارها لاعبا أساسيا في الحرب على الرغم من عدم مشاركتها فيها.
ووفق مراقبين فإنه في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، تم تقييم العلاقات بين تركيا وروسيا من منظور المنافسة الجيوسياسية المحتملة في مجالات معينة، والتعاون في مجالات تجارية لا سيما الطاقة.
ووصفوا تلك العلاقة بين الجانبين بأنها تعاونية وتنافسية في الوقت نفسه.
وفيما يخص دور تركيا في الحرب والعلاقة مع روسيا تقول الكاتبة التركية فيشنه كوركماز إن طرفي الحرب وخاصة روسيا تراعي 3 عناصر مهمة تدفعها إلى التفكير في ردود فعل أنقرة.
أولها: سيطرة تركيا على المضائق من خلال اتفاقية “مونترو”، وهو ما يمنع روسيا اتخاذ خطوات يمكن أن تعطل الاستقرار والتوازنات في البحر الأسود.
وأشارت كوركماز إلى أن روسيا لاحظت موسكو عزم تركيا على إعطاء الأولوية للاستقرار في البحر الأسود، وتبني سياسة تؤكد على أنه لا غنى عن كييف وموسكو بالنسبة لها، وتحافظ على موقف متوازن.
ثانيها: شراء أنقرة لمنظومة “أس400″، وبطبيعة الحال من المهم بالنسبة لروسيا أن تركيا هي العضو الأول والوحيد في الناتو الذي يوقع عقدا لشراء المنظومة الجوية.
وأوضحت أن اقتناء تركيا للمنظومة جاء في الوقت الذي تحولت فيه تركيا لفكرة تعزيز الاستقلالية في صناعاتها الدفاعية، وتنويع مصادر الواردات العسكرية.
اقرأ أيضا/ أوكرانيا.. الحرب كشفت كل الوجوه المزيفة
ولفتت أن تركيا تتطور بشكل لافت بمجال الصناعات الدفاعية لا يقارن مع التطورات في مجال الطائرات المسيرة، وهذا يزيد قوة تركيا التفاوضية أمام محاوريها في الأسواق التي نوعتها من أجل الحلول الوسيطة.
وأضافت الناتو قد يتخذ موقفًا إستراتيجيًا أكثر تنسيقا ما بين الدول الأعضاء بهدف مواجهة التحديات الروسية المتزايدة، مشيرة إلى ان هذه التطورات لن تقضي تماما على استراتيجية التنويع التركية، ومكان روسيا في هذه الاستراتيجية، ولكن من الجيد لأنقرة تقييم العلاقات مع موسكو على أساس التكلفة والمكاسب.
ثالثها: يكمن في أن المناطق التي تسعى روسيا للتمدد فيها والسيطرة عليها (البحر الأسود، وشرق المتوسط، وجنوب القوقاز)، تعد مناطق لها مكانتها الاستراتيجية لتركيا.
وكان أحد الأسباب التي جمعت أنقرة وموسكو معا في عملية أستانا، هو رغبة العاصمتين في تحقيق التوازن مقابل السياسات الأمريكية غير المرغوبة في سوريا بالتحديد.
أكدت تركيا أن الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا ليست عادلة وأنها ستواصل تقديم المساعدات الإنسانية للشعب الأوكراني.
وقال نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي: إنّ جهود بلاده مستمرة لوقف الحربي بين أوكرانيا وروسيا.
وأعرب اوقطاي خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الكازاخستاني علي خان إسماعيلوف في العاصمة نور سلطان عن أسفه لحدوث المواجهة العسكرية بين روسيا وأوكرانيا.
واضاف أن تركيا تأمل أن تتمخض المحادثات بين روسيا وأوكرانيا عن نتائج، وأن تنتهي هذه الحرب غير العادلة، مشيرا الا ان لدى تركيا علاقات تاريخية مع أوكرانيا وروسيا”.
وصباح اليوم حذرت تركـيا من أزمة عالمية كبيرة في حال عدم التدخل لإيقاف الحرب في أوكرانيا.
وقال سفير تركيا لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف، صادق أرسلان: أن العدوان الروسي على أوكرانيا غير مبرر وانتهاك خطير للقانون والنظام الدوليين.
وطالب بضرورة تعزيز الجهود حيال إيقاف الحرب من أجل تخفيف معاناة الشعب الأوكراني، مشددا على أن تركيا تعارض بشدة تغيير الحدود باستخدام القوة.
وأضاف: “تركيا ترفض وتدين الأعمال غير القانونية التي تهدد الأمن الإقليمي والعالمي، وندعو روسيا إلى وقف العمليات العسكرية وسحب قواتها من أوكرانيا”.
وأشار إلى أنه يجب على الجميع تعزيز الجهود حيال وقف الحرب لتخفيف معاناة الشعب الأوكراني، مؤكدا أن تركيا تبذل جهودًا من أجل ضمان وقف إطلاق نار في أوكرانيا بأقرب وقت.
اقرأ أيضا/ تركيا تحذر من أزمة عالمية كبيرة ان لم توقف الحرب
وطالب أرسلان الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى اتخاذ موقف حازم ضد انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني.
وشدد على دعم تركـيا لاستمرار المحادثات بين روسيا وأوكرانيا، وأنها مستعدة لدعم كافة الجهود من أجل إحلال السلام في أوكرانيا.
وفي وقت سابق حذرت تركيا أوروبا من أزمة أمنية هي “الأسوأ” منذ الحرب الباردة، خاصة مع دخول الأزمة الروسية الأوكرانية يومها السابع.
وقال سادات أونال، نائب وزير الخارجية التركي إن الأزمة الأمنية في أوروبا حالياً، تشهد أيضاً إعادة النظر في الاتفاقيات والتعهدات الدولية التي تساهم في الأمن الجماعي للدول.
واضاف أونال في كلمة له خلال مؤتمر نزع الأسلحة المنعقد في مكتب الأمم المتحدة بجنيف أن هذه المرحلة الراهنة التي تشهد اختباراً حقيقياً، تؤكد مجدداً أهمية التعاون في السيطرة على التسلّح ونزع الأسلحة.
ومنذ بداية الأزمة أعلنت تركيا دعوتها الصريحة لوقف إطلاق النار بين الجيشين الروسي والأوكراني، وأكدت أن العقوبات التي ستفرض على روسيا ستؤثر سلبيا على الاتحاد الأوروبي ودول أخرى.
وشددت تركيا أنها لا تعتزم المشاركة في فرض عقوبات ضد روسيا على خلفية تدخلها العسكري في أوكرانيا من حيث المبدأ.
وفي هذا السياق قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إن بلاده لم تشارك في مثل هذه العقوبات بشكل عام من حيث المبدأ، ولا تميل للمشاركة في العقوبات الحالية أيضا”.
اقرأ أيضا/ الخطوط التركية تمدد تعليق الرحلات الجوية إلى أوكرانيا ومولدوفا
وأضاف الوزير أن أنقرة تدرس بشكل مفصل جميع القرارات المتعلقة بالعقوبات، وخاصة في ما يتعلق بتأثيرها على اقتصاد البلاد وأمن إمدادات الطاقة لديها.
وأكد تشاووش أوغلو في تصريحات له أن تركيا لم تتلق أي طلب أو ضغوط من الدول الأخرى للمشاركة في العقوبات على روسيا.
وفيما يخص المفاوضات الجارية بين روسيا وأوكرانيا، أشار وزير الخارجية التركي إلى أن كلا الطرفين يبحثان عن أرضية من أجل عقد اجتماع جديد للتفاوض، مرجحا أن يتم تأجيل اللقاء لبضعة أيام أخرى.
وأشار إلى بلاده تقدم نصائحها الودية لكلا الطرفين، للوصول إلى وقف إطلاق النار، مضيفا أن “الأمر المستعجل حاليا هو وقف إطلاق النار”، لافتا إلى أنه يوجد متسع من الوقت لاحقا لإجراء لقاءات حول القضايا السياسية، فلا يمكن الحصول على نتيجة وسط القصف المتواصل”.
المصدر: تركيا الان