مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية أسبوعها الثالث وتسببها في مخاوف عدة لدى تركيا الجارة لروسيا وأوكرانيا، لاسيما على الصعيد الاقتصادي والجيوسياسي.
ووفق مراقبين ومحللين فإن تأثير الحرب على أسعار النفط والمنتجات الزراعية واضح، ومن المتوقع أن تؤثر على عائدات السياحة التركية خلال فترة الصيف.
وفي هذا السياق يقول الكاتب التركي حسن بصري يالجين، في تصريحات نشرتها صحيفة “صباح” أنه رغم أن تركـيا ليست أحد الأطراف المتحاربة واتبعت سياسة خارجية متوازنة، فإن آثار الحرب ينعكس عليها.
وأضاف يالجين أن المستقبل الجيوسياسي للبحر الأسود يعتمد على نتيجة الحرب وقد تتحول إلى منطقة غير مستقرة إذا طالت الحرب، وقد يؤثر النفوذ الروسي على البحر على تركيا.
وأوضح أن ما يجري يعد لصالح تركيا حتى الآن، حيث إن تعثر روسيا في أوكرانيا، واضطرار الغرب للتعامل معها، سيتحول إلى ميزة بالنسبة لتركيا طالما حافظت على موقفها الحالي.
وشدد على أن الروس والأوكرانيين يرون أن تركيـا أقرب شريك لهما، كما أن الغرب يواجه صعوبات بالضغط على تركـيا، وعليه فإن تركيا قد تصبح بوابة روسيا إلى الغرب، لافتا إلى أنها قد تصبح سوقا كبيرة لروسيا بسبب العقوبات المفروضة عليها، والروس حاليا يرون أن تركيا هي الدولة الوحيدة الموثوق بها.
اقرأ أيضا/ الولايات المتحدة تنقل 5 آلاف شركة من روسيا إلى تركيا
وأكد يالجين أن العقوبات ضد روسيا تعد معادلة أكثر تعقيدا بالنسبة لأوروبا، وذلك يمنح تركـيا مساحة واسعة من المناورة، موضحا أن العديد من الجهات الفاعلة في شرق المتوسط بدأت بتغيير مواقفها تجاه تركيا، بما فيها الكيان الإسرائيلي، واليونان التي يزور رئيس وزرائها أنقرة.
وأشار إلى أن تركـيا قد تكون الرابط الوحيد لأوروبا لكل من الغاز الروسي وغاز شرق المتوسط.
أما الكاتب التركي عبد القادر سيلفي في تقرير نشرته صحيفة “حرييت”، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقود طريقا ثالثا في حرب القوى الدولية بأوكرانيا.
وأشار سلفي إلى أن دول الغرب لا تتخذ خطوات لوقف الحرب، ولا أحد يسعى بعزيمة من أجل وقف نزيف الحرب إلا تركيا.
وأوضح |لى أن موقف تركـيا القائم على رفض غزو أوكرانيا، مع تأكيد حساسيات روسيا بشأن أمن حدودها، جعلها محاورا موثوقا به بالنسبة للرئيسين الروسي والأوكراني.
وأصاف ان تركيا تعمل للحصول على نتائج من خلال الاجتماع بين وزيري أوكرانيا وروسيا، واتخاذ خطوات أخرى، مشيرا إلى أن هدفهم عقد اجتماع ثلاثي بين أردوغان وبوتين وزيلينسكي.
ووفق مراقبين فإنه في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، تم تقييم العلاقات بين تركـيا وروسيا من منظور المنافسة الجيوسياسية المحتملة في مجالات معينة، والتعاون في مجالات تجارية لا سيما الطاقة.
ووصفوا تلك العلاقة بين الجانبين بأنها تعاونية وتنافسية في الوقت نفسه.
وفيما يخص دور تركـيا في الحرب والعلاقة مع روسيا تقول الكاتبة التركية فيشنه كوركماز إن طرفي الحرب وخاصة روسيا تراعي 3 عناصر مهمة تدفعها إلى التفكير في ردود فعل أنقرة.
أولها: سيطرة تركيا على المضائق من خلال اتفاقية “مونترو”، وهو ما يمنع روسيا اتخاذ خطوات يمكن أن تعطل الاستقرار والتوازنات في البحر الأسود.
وأشارت كوركماز إلى أن روسيا لاحظت موسكو عزم تركيا على إعطاء الأولوية للاستقرار في البحر الأسود، وتبني سياسة تؤكد على أنه لا غنى عن كييف وموسكو بالنسبة لها، وتحافظ على موقف متوازن.
اقرأ ايضا/ 100 مليار دولار بين تركيا وأمريكا.. بدء فعاليات الدبلوماسية التجارية في واشنطن
ثانيها: شراء أنقرة لمنظومة “أس400″، وبطبيعة الحال من المهم بالنسبة لروسيا أن تركيا هي العضو الأول والوحيد في الناتو الذي يوقع عقدا لشراء المنظومة الجوية.
وأوضحت أن اقتناء تركـيا للمنظومة جاء في الوقت الذي تحولت فيه تركـيا لفكرة تعزيز الاستقلالية في صناعاتها الدفاعية، وتنويع مصادر الواردات العسكرية.
ولفتت أن تركـيا تتطور بشكل لافت بمجال الصناعات الدفاعية لا يقارن مع التطورات في مجال الطائرات المسيرة، وهذا يزيد قوة تركـيا التفاوضية أمام محاوريها في الأسواق التي نوعتها من أجل الحلول الوسيطة.
وأضافت الناتو قد يتخذ موقفًا إستراتيجيًا أكثر تنسيقا ما بين الدول الأعضاء بهدف مواجهة التحديات الروسية المتزايدة، مشيرة إلى ان هذه التطورات لن تقضي تماما على استراتيجية التنويع التركية، ومكان روسيا في هذه الاستراتيجية، ولكن من الجيد لأنقرة تقييم العلاقات مع موسكو على أساس التكلفة والمكاسب.
ثالثها: يكمن في أن المناطق التي تسعى روسيا للتمدد فيها والسيطرة عليها (البحر الأسود، وشرق المتوسط، وجنوب القوقاز)، تعد مناطق لها مكانتها الاستراتيجية لتركيا.
وكان أحد الأسباب التي جمعت أنقرة وموسكو معا في عملية أستانا، هو رغبة العاصمتين في تحقيق التوازن مقابل السياسات الأمريكية غير المرغوبة في سوريا بالتحديد.
المصدر: تركيا الان