بعد ايام من زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى الأمارات، يستعد وزير خارجية تركيا مولود تشاووش أوغلو إلى المغادرة لأبو ظبي بدعوة رسمية من وزير خارجيتها الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان.
وقالت الخارجية التركية، في بيان، أن وزير الخارجة تشاووش أوغلو سيزور الإمارات لحضور الملتقى السادس عشر لسفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية لدولة الإمارات العربية المتحدة في الخارج، كضيف شرف.
مراقبون رأوا أن هاتين الزيارتين قد تأتيان في إطار محاولة رأب الصدع بين تركيا والنظام السوري في ظل بروز الأخبار بين الفترة والأخرى التي تتحدث عن لقاءات أمنية تتخللها “محادثات” ما بين مسؤولين أمنيين أتراك وآخرين من النظام .
وربطوا المراقبون تلك الأمور بالتطورات التي طرأت على السياسة الخارجية لتركيا، منذ مطلع عام 2021، حيال دول كانت تصنف ضمن قائمة الأعداء والخصوم.
وسبق أن أبدت روسيا وإيران حليفتا نظام الأسد استعدادهما للعب دور الوسيط في التفاوض بين تركيا ونظام الأسد، في حين نشرت صحيفة “حرييت” المقربة من الحكومة قد استعرضت أربعة شروط تضعها أنقرة مقابل انسحابها من الأراضي السورية.
وأشاروا إلى أن الشروط تتمثل في توافق جميع الأطراف على الدستور الجديد، بما يحمي حقوق شرائح الشعب السوري كافة، وإقامة نظام انتخابي يمكن لجميع الفئات المشاركة فيه بحرية.
إضافة إلى تشكيل حكومة شرعية بعد الانتخابات، وقضاء هذه الحكومة على “التنظيمات الإرهابية” التي تستهدف وحدة أراضي تركيا على خط الحدود بين البلدين، ووضعها في إطار التنفيذ.
وفي هذا السياق يقول الخبير الأمني عبد الله أغار أن الفترة المقبلة وبحسب التقييمات “أتوقع تطور العلاقات بين مختلف بين تركيا ونظام الأسد”.
لكنه يضيف: “هي ليست بفترة سهلة. مع ذلك الشروط والأجواء المحيطة تدفع إلى تقارب بينهما، بسبب عدم الاستقرار الموجود في سوريا، والذي يؤثر بدوره على تركيا”.
ومن جهة أخرى يشير الخبير: “أيضا فإن قضية حزب العمال الكردستاني وذراعه وحدات حماية الشعب ypg ليست مسألة سوريا فقط، بل وتركيا”.
وفتحت التفاصيل التي نشرتها صحيفة “تركيا”، الأسبوع الماضي، باب تحليلات لصحفيين وخبراء أتراك، وبينما توقع البعض منهم حدوث خرق في العلاقة لكن بشكل غير مباشر.
نشرت صحيفة مقربة من الحزب الحاكم في تركيا أن مسؤولين في النظام السوري التقوا بنظرائهم الأتراك في الأردن، وتضمنت المباحثات مناقشة عدد من القضايا، فيما نفت وزارة الخارجية الأردنية هذه الأنباء.
غير أن مسؤولين أتراكًا يقرون بعقد لقاءات استخباراتية متعلقة بالصعيد الميداني بين استخباراتها وبين نظيرتها السورية، بالإضافة إلى عملية تنسيق عبر الوسيط الروسي.
وشملت المحادثات بين الأتراك والسوريين عدة مواضيع أهمها إعادة إعمار حلب بتمويل من دول خليجية، وعودة اللاجئين، وفتح المعابر المشتركة بين تركيا وسوريا.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه أنه هل تتجه تركيا إلى تطبيع العلاقات مع النظام السوري على غرار الدول التي طبعت معها كالإمارات والسعودية ومصر تحت سياسة تصفير المشاكل
في هذا السياق يقول الباحث التركي إسماعيل جوكتان إن المشكلة التي تسببت في قطع العلاقات بين النظام السوري وتركيا تختلف عن المشكلة بين الإمارات وتركيا.
اقرا أيضا/ قصف على درعا ولقاء تاريخي بين هاكان فيدان ورئيس مخابرات النظام السوري
وأضاف أن النظام السوري قتل أكثر من نصف ميليون سوري وهجر ما يزيد على الـ11 مليونا آخرين، واستخدم الغاز الكيماوي ضد شعبه ونتيجة ذالك فإن تركيا تحملت الكثير من أضرار الحرب الجارية في سوريا.
وأشار جوكتان إلى أنه مع ذلك، فإن تركيا تجري اتصالاتها مع روسيا بشأن سوريا، لأن موسكو هي التي تملك القرار في دمشق، ويعني أنه عندما ننظر من هذه الزاوية فإن تركيا تتحدث مع النظام السوري لكن ليس بشكل مباشر.
واوضح أن تركيا تدعم الحل السياسي في سوريا، وقد قامت بمبادرات عدة كمسار “أستانا” و”سوتشي”، مشددا على أن وجود تنظيم وحدات حماية الشعب الكردية الفرع السوري لمنظمة العمال الكردستاني في سوريا يجعل التطبيع مع النظام مستحيلا.
وتابع الباحث السياسي أن تركيا منذ بداية الأمة شددت على فقدان النظام شرعيته، وأسباب ذلك لا تزال قائمة،، موضحًا أن مجلس الأمن الدولي قد اتخذ عدة قرارات بشأن سوريا، وتركيا تدعم تطبيق هذه القرارات بشكل كامل وإضافة إلى ذلك فهي تريد دحر تنظيم “ب ي د” من سوريا.
وختم جوكتان بأنه لا يمكن لتركيا تطبيع علاقاتها مع النظام دون تحقيق تلك الشروط، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن أنقرة ليست لها مصلحة حالية في تطبيع العلاقات مع دمشق.
وفي وقت سابق ذكر محللون أن الحراك الدبلوماسي بين الطرفين لا يمكم ان يبدأ إلا إذا قطع الطرفان مسافة كافية في المحادثات الاستخباراتية.
وفي هذا السياق ذكر الكاتب السياسي برهان الدين دوران، في مقال له نشرته صحيفة “صباح” أن تركيا لا تهدف إلى الإطاحة بالنظام السوري.
اقرأ أيضا/ قصف على درعا ولقاء تاريخي بين هاكان فيدان ورئيس مخابرات النظام السوري
وقال إن لتركيا هدفين أساسيين من هذا الامر، أولهما عودة آمنة للاجئين السوريين، ومنع تشكيل حزام إرهابي للفرع السوري لمنظمة العمال الكردستاني.
أما الهدف الثاني فهو إنشاء منطقة آمنة وتثبيت الوجود العسكري في إدلب، وذلك من أجل منع حركة لجوء جديدة إلى تركيا.
ونشرت منظمة العفو الدولية مؤخرا تقريرا يفيد بأن العائدين إلى سوريا يتعرضون للتعذيب والاعتقال القسري من مخابرات النظام السوري، مشيرا الى انه لا يمكن للسوريين العودة طواعية إلى مكان يتعرضون فيه للتعذيب والقمع.
وأوضح الكاتب أنه لا يمكن تحقيق هذين الهدفين إذا لم يتم دمج المعارضة السورية في إدارة جديدة شاملة في سوريا، لافتا إلى أن النظام السوري لديه الرغبة في الجلوس على الطاولة مع أنقرة.
وشدد على ان الرئيس الروسي بوتين كان قد عرض هذا الأمر على أردوغان مرات عدة، لكن النظام في الوقت ذاته يعيق محادثات جنيف ولا يرغب على الإطلاق في عملية انتقال سياسي ستشمل المعارضة.
وأوضح دوران أنه لإنجاح هذا الأمر يجب أن تكون إدارة دمشق مستعدة وجاهزة لإعادة أبناء شعبها إلى بلادهم، كما يجب عليه أن يهتم بالعمليات السياسية التي تشارك فيها المعارضة، وأن تتوقف عن دفع الملايين في إدلب باتجاه الحدود التركية بسبب القصف.
المصدر: تركيا الان