منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية كل الأنظار اتجهت نحو تركيا باعتبارها صديقة وجارة للدولتين، وازداد الاهتمام بها بعد أن رفضت العقوبات على روسيا ودعمت وحدة أراضي أوكرانيا، إضافة إلى تبنيها دبلوماسية للتوصل وقف الحرب.
ووفق مراقبين فإن تركيا كسبت من هذا الموقف أنها أثبتت صوابية وفعالية دبلوماسييها.
وفي هذا السياق يقول الكاتب والمحلل السياسي سليمان صالح أن من أهم الحقائق التي أظهرتها الحرب أن تركيا امتلكت الرؤية لبناء سياسة خارجية تشكل أساسا لزيادة قوتها الصلبة والناعمة.
وأوضح الكاتب في مقال له أن عملية صنع القرار في النظام التركي الحديث تتم طبقا لدراسات علمية، وتكون نتيجة لعملية تفكير في البدائل المختلفة تقوم بها مراكز البحث، وهذا يعني أنها لا تكون ردود فعل على الأحداث.
ولفت إلى أن أهم الأسس التي قامت عليها السياسة الخارجية التركية -خلال العقدين الماضيين- إدراك الأهمية الجيوإستراتيجية لتركيا، ومعرفة مصادر قوتها السياسية والاقتصادية والثقافية.
وأوضح أنه ليس من مصلحة أية دولة أن تخسر تركيا، وأصبح على أميركا أن تتعامل مع تركيا على أساس أنها شريك له كل حقوق الشراكة.
وفي المقابل فقد أدركت روسيا أنها لابد أن تعمل على تحسين علاقاتها مع تركيا على أسس براغماتية وليست أيديولوجية، وأنها يجب أن تتجنب استخدام القوة أو التهديد باستخدامها خاصة عقب أزمة إسقاط الطائرة الروسية عام 2015.
ولفت الكاتب إلى أن أزمة منظومة الصواريخ الروسية “إس-400” أثبتت أن تركيا تتمتع بالقوة الكافية لتحقيق مصالحها وصياغة علاقاتها الدولية بإرادتها الحرة، وأنها لا تخوض صراعا من أجل أحد، وأنها لا تعادي دولة طبقا لأوامر الولايات المتحدة، وشكل ذلك صورة ذهنية لتركيا أصبحت من مصادر قوتها.
سبق أن أوضح محللون اقتصاديون أن ما يجري يعد لصالح تركيا حتى الآن، حيث إن تعثر روسيا في أوكرانيا، واضطرار الغرب للتعامل معها، سيتحول إلى ميزة بالنسبة لتركيا طالما حافظت على موقفها الحالي.
وشددوا على أن الروس والأوكرانيين يرون أن تركيـا أقرب شريك لهما، كما أن الغرب يواجه صعوبات بالضغط على تركـيا، وعليه فإن تركيا قد تصبح بوابة روسيا إلى الغرب، لافتا إلى أنها قد تصبح سوقا كبيرة لروسيا بسبب العقوبات المفروضة عليها، والروس حاليا يرون أن تركيا هي الدولة الوحيدة الموثوق بها.
وأكدوا أن العقوبات ضد روسيا تعد معادلة أكثر تعقيدا بالنسبة لأوروبا، وذلك يمنح تركـيا مساحة واسعة من المناورة، موضحا أن العديد من الجهات الفاعلة في شرق المتوسط بدأت بتغيير مواقفها تجاه تركيا، بما فيها الكيان الإسرائيلي، واليونان التي يزور رئيس وزرائها أنقرة.
وأشار إلى أن تركـيا قد تكون الرابط الوحيد لأوروبا لكل من الغاز الروسي وغاز شرق المتوسط.
أما الكاتب التركي عبد القادر سيلفي في تقرير نشرته صحيفة “حرييت”، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقود طريقا ثالثا في حرب القوى الدولية بأوكرانيا.
وأشار سلفي إلى أن دول الغرب لا تتخذ خطوات لوقف الحرب، ولا أحد يسعى بعزيمة من أجل وقف نزيف الحرب إلا تركيا.
وأوضح أن موقف تركـيا القائم على رفض غزو أوكرانيا، مع تأكيد حساسيات روسيا بشأن أمن حدودها، جعلها محاورا موثوقا به بالنسبة للرئيسين الروسي والأوكراني.
وأصاف ان تركيا تعمل للحصول على نتائج من خلال الاجتماع بين وزيري أوكرانيا وروسيا، واتخاذ خطوات أخرى، مشيرا إلى أن هدفهم عقد اجتماع ثلاثي بين أردوغان وبوتين وزيلينسكي.
ووفق مراقبين فإنه في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، تم تقييم العلاقات بين تركـيا وروسيا من منظور المنافسة الجيوسياسية المحتملة في مجالات معينة، والتعاون في مجالات تجارية لا سيما الطاقة.
ووصفوا تلك العلاقة بين الجانبين بأنها تعاونية وتنافسية في الوقت نفسه.
وفيما يخص دور تركـيا في الحرب والعلاقة مع روسيا تقول الكاتبة التركية فيشنه كوركماز إن طرفي الحرب وخاصة روسيا تراعي 3 عناصر مهمة تدفعها إلى التفكير في ردود فعل أنقرة.
أولها: سيطرة تركيا على المضائق من خلال اتفاقية “مونترو”، وهو ما يمنع روسيا اتخاذ خطوات يمكن أن تعطل الاستقرار والتوازنات في البحر الأسود.
وأشارت كوركماز إلى أن روسيا لاحظت موسكو عزم تركيا على إعطاء الأولوية للاستقرار في البحر الأسود، وتبني سياسة تؤكد على أنه لا غنى عن كييف وموسكو بالنسبة لها، وتحافظ على موقف متوازن.
ثانيها: شراء أنقرة لمنظومة “أس400″، وبطبيعة الحال من المهم بالنسبة لروسيا أن تركيا هي العضو الأول والوحيد في الناتو الذي يوقع عقدا لشراء المنظومة الجوية.
وأوضحت أن اقتناء تركـيا للمنظومة جاء في الوقت الذي تحولت فيه تركـيا لفكرة تعزيز الاستقلالية في صناعاتها الدفاعية، وتنويع مصادر الواردات العسكرية.
ولفتت أن تركـيا تتطور بشكل لافت بمجال الصناعات الدفاعية لا يقارن مع التطورات في مجال الطائرات المسيرة، وهذا يزيد قوة تركـيا التفاوضية أمام محاوريها في الأسواق التي نوعتها من أجل الحلول الوسيطة.
وأضافت الناتو قد يتخذ موقفًا إستراتيجيًا أكثر تنسيقا ما بين الدول الأعضاء بهدف مواجهة التحديات الروسية المتزايدة، مشيرة إلى ان هذه التطورات لن تقضي تماما على استراتيجية التنويع التركية، ومكان روسيا في هذه الاستراتيجية، ولكن من الجيد لأنقرة تقييم العلاقات مع موسكو على أساس التكلفة والمكاسب.
ثالثها: يكمن في أن المناطق التي تسعى روسيا للتمدد فيها والسيطرة عليها (البحر الأسود، وشرق المتوسط، وجنوب القوقاز)، تعد مناطق لها مكانتها الاستراتيجية لتركيا.
وكان أحد الأسباب التي جمعت أنقرة وموسكو معا في عملية أستانا، هو رغبة العاصمتين في تحقيق التوازن مقابل السياسات الأمريكية غير المرغوبة في سوريا بالتحديد.
المصدر: تركيا الان
أثار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ضجة كبيرة بعد لقائه مع قائد الحكومة الجديدة في…
اتخذت وزارة التجارة قرارًا جديدًا يتعلق بالغرامات الإدارية. وفقًا لهذا القرار، تم زيادة الغرامات المفروضة…
علق رئيس حزب المستقبل التركي، أحمد داوود أوغلو، الأحد، على تعيين عزام غريب محافظًا جديدًا…
نشرت وسائل إعلام المحلية، الاثنين، تحذيرات بأنه سيتم حظر استخدام بطاقة الهوية القديمة في…
أكد المتحدث الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف، الاثنين، أن الادعاءات القائلة بأن أسماء الأسد، زوجة…
أعلنت جمعية اللغة التركية (TDK) وجامعة أنقرة، الاثنين، عن كلمة العام لعام 2024. وقالت أنه…
هذا الموقع يستعمل ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتحسين تجربة استخدامك.