بعد مفاوضات اسطنبول بين الوفدين الروسي والأوكراني ازدادت القناعة لدى جميع الأطراف بأن تكون تركيا على رأس الدول الضامنة في الحل المرتقب بين الدولتين المتنازعتين.
وفي هذا السياق كشف وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو أن الدول الضامنة في الحل المرتقب للأزمة الأوكرانية الروسية ستعمل معا لمنع نشوء أي تهديدات ضد أوكرانيا.
وقال تشاووش أوغلو إن أوكرانيا طرحت ضمن الضمانات الأمنية أسماء الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين) وتركيا وألمانيا وإسرائيل وإيطاليا وكندا.
وأشار إلى أن الخطوات التي ستتخذها تلك الدول عندما ينشأ تهديد ضد أوكرانيا هي العمل معا على اتخاذ الخطوات الضرورية لمنع مثل هذه التهديدات من خلال تحديد ما إذا كان مجلس الأمن الدولي سيتدخل أو سيتم إرسال قوات حفظ سلام أو سيتم فرض حظر جوي”.
وأكد تشاووش أوغلو أن المزاعم بأن تركيا ستدخل الحرب وتواجه روسيا إذا أصبحت دولة ضامنة لا تعكس الحقيقة، وقال إن الضامنين، بما في ذلك روسيا، سيكونون ملزمين بمنع أي تهديد ضد أوكرانيا.
وأشار إلى أن إدراج أوكرانيا لتركيا ضمن الدول الضامنة وموافقة روسيا على ذلك ينبع من رؤية البلدين لها كدولة موضوعية ومتوازنة وبناءة تريد السلام.
مع استمرار الحرب الدائرة في أوكرانيا للشهر الثاني على التوالي، وبعد فشل الحوارات السابقة في توصلها إلى اتفاق بين الطرفين لا يزال الأوكرانيون يصرون على أن تكون تركيا ضامنة لأي حل للأزمة.
وكان وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو قد قال إنه من الطبيعي أن أوكرانيا تريد أن تكون تركيا من الدول الضامنة.
اقرأ أيضا/ لماذا لم ترسل تركيا أس 400 إلى أوكرانيا؟.. الرئاسة التركية تفاجئ صاحب السؤال
وأضاف أن بلاده واحدة من الدول المطلة على البحر الأسود التي تعمل على تحقيق الاستقرار والتوازن في المنطقة، لافتا في الوقت ذاته إلى عدم اعتراض موسكو على ذلك.
ولكن لماذا هذا الإصرار من أوكرانيا على هذا الطلب؟
وفي هذا السياق، صحيفة دنيا التركية نقلت عن الكاتبة زينب غورجنلي قولها إن إصرار أوكرانيا على مشاركة تركيا مع أعضاء مجلس الأمن لتكون دولة ضامنة يعود إلى تحكم تركيا بالمضائق بموجب اتفاقية مونترو.
وأشارت الكاتبة أن كييف طلبت من أنقرة في بداية الحرب تنفيذ “اتفاقية مونترو” لكن الأخيرة كانت مترددة في وصف ما يجري بـ”الحرب”، إلا أن الموقف قد تغير بعد ذلك وأغلقت المضائق على الأطراف المتحاربة.
وأوضحت أن اتفاقية مونترو تحوي بنودا أكثر تعقيدا يتم تطبيقها في حال دخلت تركيا الحرب (في إشارة إلى اعتبارها دولة ضامنة بالمستقبل)، لافتة إلى أن المزاج السائد في أنقرة أن هذا هو السبب وراء الإصرار الأوكراني على طلب الضمانة الدفاعية التركية.
وأشارت غورجنلي إلى أنه إذا تعرضت أوكرانيا، التي تضمن تركيا دفاعها، للهجوم بأي شكل من الأشكال في المستقبل، فإن هذا الهجوم سيعتبر أيضا هجوما على تركيا التي ستعد “طرفا”.
وبالتالي فإن اتفاقية مونترو تنص على حظر عودة السفن الحربية إلى موانئها في البحر الأسود، موضحة أن أوكرانيا لا تريد أن تترك تنفيذ قرار “ظروف الحرب” في مونترو وفقا لتفضيلات الحكومة التركية.
وفي سياق آخر أشارت الكاتبة إلى أن نزع سلاح أوكرانيا، سيؤثر بشكل مباشر على التعاون في الصناعات الدفاعية بين أنقرة وكييف والذي تعمق في السنوات الأخيرة، ويشمل ذلك الإنتاج المشترك للطائرة المسيرة “بيرقدار”، وبالتالي ستصبح هذه الاتفاقيات قد عفا عليها الزمن.
وفي وقت سابق ذكرت مصادر إعلامية أن تركيا نقلت ستة مطالب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإيقاف الحرب على أوكرانيا من بينها مطلبان يصعب تحقيهما.
في المقابل أوضح المسؤولون الأتراك أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أبدى استعداده للتوصل إلى السلام دون شروط.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن: إن الرئيس أردوغان خلال محادثاته مع بوتين وزيلينسكي نقل إليهم مقترحه بشأن إنهاء الحرب الجارية، مشيرا إلى أن زيلينسكي مستعد ذلك.
ولفت إلى أن يعتقد أن المواقف لم تصل بعد إلى إمكانية إجراء محادثات على مستوى القادة.
وفيما يخص المطالب الستة أوضح قالن أنها حياد أوكرانيا وتخليها عن الانضمام إلى الناتو، ونزع السلاح وتوفير ضمانات الأمن المتبادلة في سياق النموذج النمساوي، وتحرير أوكرانيا من النازية، وإزالة العقبات التي تحول دون الاستخدام الواسع النطاق للغة الروسية في أوكرانيا.
وأشار إلى أن المفاوضات جارية فيما يخص هذه المطالب الأربعة أما المطلبين الصعبين هما ضم شبه جزيرة القرم والاعتراف بالجمهوريتين المزعومتين في دونباس ليست مطالب مقبولة لدى أوكرانيا والمجتمع الدولي.
اقرأ أيضا/ أمريكا تطلب من تركيا خيانة روسيا وتسليم «S-400» لأوكرانيا وهذا هو المقابل!
مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية أسبوعها الرابع، تغيرت التوازانات في العلاقات بين تركيا وأمريكا بعد سنوات من التوتر.
ووفق مراقبين فإن الأسباب التي جعلت التوتر سيد الموقف بين البلدين هو اقتناء أنقرة لمنظومة “أس400” وإخراجها من برنامج “أف35″، والدعم الأمريكي لوحدات حماية الشعب الكردية شمال شرق سوريا.
وأوضح المراقبين أن دور تركيا وموقفها من الحرب وفضها للغزو الروسي وإغلاق مضيقي البوسفور والدردنيل وفقا لاتفاقية “مونترو”، وجهودها للتوصل إلى حل دبلوماسي بين موسكو وكييف، جعلها تحظى بتقدير من واشطن.
وتوقعت مصادر دبلوماسية تركية -وفق بي بي سي التركية- عقد اجتماع بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الأمريكي جو بايدن خلال قمة حلف الشمال الأطلسي الأسبوع المقبل في بلجيكا.
ومن المنتظر أن يناقش الرئيسان تأثير الحوار والتقارب بين البلدين بيع واشنطن لطائرات “أف16″، وقضية “أس400”.
وقالت المصادر إن أمريكا أجرت تقييمات حول دور تركيا في الحرب الأوكرانية الوسية وخلصت إلى أربعة عناصر رئيسة:
الأول: ترفض تركيا بشدة العمل العسكري ضد أوكرانيا، وتقف إلى جانب المجتمع الدولي في إدانة الحرب بالجمعية العامة للأمم المتحدة.
الثاني: دعم تركيا لأوكرانيا سياسيا والتأكيد على وحدة أراضي البلاد بما في ذلك شبه جزيرة القرم، فضلا عن الدعم العسكري لكييف عبر الطائرات المسيرة “بيرقدار تي بي2″، وبحسب إعلام غربي فإن هذا الدعم تواصل حتى ما بعد 24 شباط/ فبراير الماضي ولم تنكره أنقرة.
الثالث: تركيا أغلقت مضيقي البوسفور والدردنيل بموجب اتفاقية “مونترو”، ولاقت هذه الخطوة التي حالت دون وصول السفن الروسية إلى البحر الأسود ترحيبا من الولايات المتحدة والناتو وأوكرانيا.
الرابع: هو الدور التركي في مساعي التوصل إلى حل دبلوماسي بين موسكو وكييف اللتين تربطها بهما علاقة خاصة.
المصدر: تركيا الان