كشفت دراسة أعدها مركز الجزيرة للدراسات عن السبب الحقيقي وراء تطبيع تركيا العلاقات مع إسرائيل.
وخلصت الدراسة التي نشرت أمس إلى أن الدافع الرئيس للحماسة التركية نحو إعادة تفعيل العلاقات مع إسرائيل، ينصبُّ على الآمال بأن تساعدها الأخيرة في كسر عزلتها شرق المتوسط.
وأوضحت أن ذلك يأتي من خلال تفعيل نقاش خط أنابيب إسرائيل/تركيا، الذي تراه أنقرة مسعفًا لاقتصادها واحتياجاتها المتنامية للطاقة.
وكشفت أن هذا الخط سيكون فرصة لتعظيم قوتها الإقليمية بالتحول لمركز عبور للغاز، وورقة قوة في النزاع البحري مع اليونان وفي جزيرة قبرص.
وأوضحت أن المشروع الكبير يحتاج إلى ميزانية ضخمة واستقرار سياسيا وأمنيا، كما أنه إذ يتطلب قبل التفاوض عليه، بناء حالة مستدامة من الثقة بين أنقرة وتل أبيب، واختبار متانة هذه الثقة أمام تناقض الانحيازات السياسية في الإقليم التي تفرِّق الطرفين أكثر مما تجمعهما.
ولفتت الدراسة إلى أن التوجهات السياسة الخارجية التركية تتأثر بالمحددات الاقتصادية، أما إسرائيل فهي تولي مسألة الأمن الاهتمام الأكبر، ولعل هذا ما يفسِّر تصدير تل أبيب لرئيسها، ذي المنصب الفخري، للقاء أردوغان، في حالة تعكس تحفظ إسرائيل.
وتوقعت أن تل أبيب بإرسالها هرتسوغ للقاء أردوغان تحاول انتزاع المزيد من المكاسب من أنقرة، في سياق المطالبة بإثبات حسن النوايا، قبل التقدم بخطوات جدية بخصوص الغاز.
وفي وقت سابق ذكرت مصادر إعلامية عبرية أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان طلب من نظيره الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، الدفع قدماً بمشروع أنبوب غاز من آبار الغاز في البحر المتوسط عبر تركيا لإيصال الغاز إلى أوروبا”.
وقال مراسل الشؤون السياسية في قناة كان العبرية، عميخاي شتاين في تغريدة له أن “جهات تركية التقت مؤخرا مع جهات أمرييكية وأن الأخيرة تدفع باتجاه إشراك دولة الاحتلال في أنبوب الغاز من الآبار الإسرائيلية عبر تركيا إلى أوروبا”.
وأضاف شتاين أنّ هذه الخطوة قد توقف الارتباط الأوروبي بالغاز الروسي، وذلك بإحلال الغاز الإسرائيلي بديلا عنه، عبر أنبوب يمر من تركيا وصولا إلى أوروبا.
اقرأ أيضا/ أردوغان يعلق على الاجتجاجات الرافضة لزيارة رئيس الكيان الإسرائيلي إلى تركيا
وغادر الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، تركيا في ختام زيارة رسمية استمرت يومين.
والتقى هرتسوغ الخميس، في ثاني أيام زيارته، أعضاء الجماعة اليهودية في إسطنبول، ومن ثم شارك في الطقوس الدينية في كنيس “نيفي شالوم” بمنطقة “بي أوغلو” التاريخية وسط المدينة.
وتوجه هرتسوغ والوفد المرافق إلى مطار أتاتورك الدولي، حيث أقلعوا بطائرتهم الخاصة من هناك.
ووصل هوتسوغ العاصمة أنقرة، الأربعاء، حيث زار ضريح أتاتورك ومن ثم ألتقى نظيره التركي رجب طيب أردوغان، قبل أن يتوجه مساء إلى إسطنبول.
ووفق مراقبين فإن هذه الزيارة قد تدفع باتجاه تحسين العلاقة في ظل حاجة البلدين لإعادة تطبيع العلاقة بينهما.
وأوضح مراقبون أن العلاقات التجارية بين تركيا وإسرائيل تطورت باستمرار، رغم التذبذبات التي شهدتها العلاقات السياسية بين البلدين.
وفي هذا السياق يقول روني شاكيد، الباحث في الجامعة العبرية بالقدس، في تصريحات له إن الشعب الإسرائيلي يتوق لزيارة تركيا، وكذلك تركيا تريد عودة السياح الإسرائيليين إليها.
ولفت إلى أن المدن التركية وجهة سياحية مهمة للإسرائيليين، مؤكدا أن تطور العلاقات السياسية بين البلدين مجددًا، سيكون مفيدًا لكلا الجانبين.
وأشار إلى أن زيارة هرتسوغ هي أول اتصال رفيع المستوى بين إسرائيل وتركيا منذ عام 2008، لافتا إلى أنها فترة طويلة جدًا بالنسبة لدولة كبيرة ومهمة مثل تركيا، وكذلك بالنسبة لإسرائيل.
وفيما يخص الحرب في أوكرانيا أوضح شاكيد أنها أوجدت نظامًا جديدًا في المنطقة، ومن المتوقع أن تفرض تعاونًا جديدًا في العلاقات بين إسرائيل وتركيا”.
وأضاف: “خطوط الطاقة ستكون على جدول أعمال العلاقات التركية الإسرائيلية، وأن هذا القطاع كان أحد العوامل التي ساهمت في التقريب بين البلدين.
وشدد على أنه سيكون مفيدًا جدًا للبلدين إنشاء خط أنابيب لإيصال الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر تركيا”.
اقرأ أيضا/ رغم منصبه الشرفي.. الرئيس الإسرائيلي يكشف سر زيارته المقبلة إلى تركيا
وعلى الرغم من اهتمام الطرفين بزيارة هرتسوغ إلى أن هناك تشاؤم اوترددا في الأوساط الإسرائيلية من هذه الزيارة.
فقد قالت صحيفة معاريف الإسرائيلية إن بعض التقديرات تشير غلى أن تركيا ليست جدية بتوجهاتها نحو إسرائيل، وإنما هي تكتيكية لأغراض انتخابية، وتحسين الوضع الاقتصادي، وتقريب المسافات مع واشنطن.
وأوضحت الصحيفة أن بعض الأصوات الرافضة لاستعادة العلاقات مع تركيا تستند إلى تاريخ طويل من العداء معها، بدءًا بتصويتها ضد مشروع التقسيم في الأمم المتحدة عام 1947.
ولفتوا إلى أنه كلما اندلعت حرب إسرائيلية مع الفلسطينيين والعرب، كان الأتراك يدعمون “أعداء” إسرائيل، وصوتوا لصالح قانون “الصهيونية مساوية للعنصرية”، ويتبنون مواقف حماس ضد “إسرائيل”.
ونقلت الصحيفة عن عضو الكنيست آرييه إلداد أنه “بين عامي 1986-2000 حدثت بالفعل علاقات خاصة وعاصفة من تحت الطاولة بين أنقرة وتل أبيب، تخللتها صفقات أسلحة وتدريبات عسكرية مشتركة.
وأضاف أنه منذ أن جاء أردوغان -الذي يكره إسرائيل- إلى الحكم دخلت العلاقات أطوارا مختلفة من التوترات المتلاحقة، فطرد السفير مرارا من أنقرة بجانب رحلة سفينة مرمرة لرفع حصار غزة، ولم يتردد الأتراك في وصفنا بأننا “نازيون”.
وأشارت الصجيفة إلى أن الأوساط الإسرائيلية تحاول التعرف على دوافع الأتراك لطرق أبواب تل أبيب مجددا، والتي منها تراجع اقتصادها، ورفض قبولهم من الاتحاد الأوروبي، وعدم حصولهم على دعم من الإدارة الأمريكية، ورغبتهم بتحسين العلاقات مع إسرائيل ومصر والإمارات والسعودية.
وأوضحت تركيا أرسلت بوادر حسن نية مثل إطلاق سراح الزوجين الإسرائيليين بعد اعتقالهما بتهمة تصوير منزل الرئيس، ثم الاتصالات المكوكية بين أردوغان وهرتسوغ
وفي وقت سابق كشف الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ عن سر زيارته المقبلة إلى تركيا على الرغم من منصبه الشرفي في إسرائيل.
وقال هرتسوغ في تصريحات له إنه سيزور تركيا في إطار محاولة لتشكيل تحالف إقليمي لمكافحة تغير المناخ.
اقرأ أيضا/ هل تنجح إسرائيل في تحريك مياه العلاقات الراكدة مع تركيا؟
وأضاف أن هذه الزيارة ستعزز الدبلوماسية الإسرائيلية الهادفة لتحسين العلاقات مع أنقرة، التي تندد بالسياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين.
وأشار إلى أنه خلال مؤتمر للمناخ “في الشهور المقبلة سيزور جيراننا على ساحل البحر المتوسط، اليونان وقبرص وتركيا، وسيجتمع مع قادتهم”.
وشدد هرتسوغ أنه يريد أن يشكل مع تلك البلدان، فضلا عن مصر والأردن والإمارات والفلسطينيين، “شراكة إقليمية لمواجهة أزمة المناخ”.
المصدر: تركيا الان