هل تخرج العلاقات بين أنقرة وواشنطن من دائرة التوتر؟

أرسلت الخارجية الأمريكية رسالة إلى الكونغرس تطالب فيه أعضاء المجلس بالرد بشكل إيجابي على طلب تركيا شراء وتحديث طائرات إف-16 المقاتلة.

حسب وكالة “رويترز”، فإن الرسالة تتضمن أن:

1- إدارة بايدن تعتقد بأن بيع مقاتلات إف-16 لتركيا سيصب في مصالح الأمن القومي الأمريكي.

2- وأن مثل هذه الصفقة تخدم وحدة حلف الناتو على المدى الطويل.

كما تعلمون، طلبت تركيا في أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي شراء 40 مقاتلة من طراز إف-16 من الولايات المتحدة، ونحو 80 مجموعة تحديث لاستخدامها في الطائرات الحالية الموجودة بالفعل لدى أنقرة.

ومن المعروف أنه باستثناء وزارة الخارجية الأمريكية، فقد نظرت وزارة الدفاع “البنتاغون” والبيت الأبيض، إلى الطلب التركي بشكل إيجابي.

ومع ذلك، لا يكفي الانطباع/الموقف الإيجابي لدى الإدارات أو المؤسسات المعنية فحسب.

نقطة الاهتمام الرئيسية هنا هي السؤال عن نوع القرار الذي سيصدر عن الكونغرس، حيث مشاعر العداء ضد تركيا تبلغ ذروتها في هذا المجلس.

بايدن قال لأردوغان “نعم” لكن الأمر يحتاج إلى وقت

دعونا نتذكر، أن مسألة مقاتلات إف-16 ظهرت للمرة الأولى خلال لقاء جمع بين الرئيسين أردوغان وبايدن في روما نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حينما قال بايدن لأردوغان بأن لديه موقف إيجابي بشأن طلب أنقرة لكنه أوضح أن هذا الأمر يحتاج إلى وقت وأن هناك توازنًا حساسًا داخل الكونغرس. وأن بايدن بمفرده لا يمكنه اتخاذ قرار كهذا لوحده.

هناك توازن بنسبة 50% بين الجمهوريين والديمقراطيين في مجلس الشيوخ.

وكأن بايدن حينما يذكر أردوغان بهذه المعادلة يريد أن يقول له: “بسبب هذا التوازن فإن كل سيناتور يرى نفسه رئيساً”.

في المقابل، رد أردوغان على كلمات بايدن، بالقول: “أعتقد أن بإمكانك تحقيق ذلك، وأرى أن لديك ثقلاً في هذا الأمر الآن”.

الرسالة التي وجهتها الخارجية الأمريكية للكونغرس تمثل خطوة ملموسة للمرة الأولى من حيث تلبية مطلب تركيا وإقناع أعضاء الكونغرس.

من حيث الإقناع، نجد أن قضية صواريخ إس-400 طرحت في مرحلة ما.

لقد أكدت رسالة الخارجية الأمريكية على أن تركيا جرى استبعادها من برنامج مقاتلات إف-35 ضمن العقوبات التي فرضت عليها بسبب شرائها منظومة إس-400 الصاروخية من روسيا، وأنها دفعت “ثمنًا كبيرًا” لأجل البرنامج.

من جانب آخر، ربما تكون زيادة التضامن داخل حلف الناتو بسبب حرب أوكرانيا وعودة ظهور دور تركيا الحاسم؛ الإدارة الأمريكية إلى التحرك بسرعة لتلبية مطالب أنقرة.

ومع ذلك، لا يزال لغزاً كبيراً كيف سيتعامل الكونغرس ذلك.

هل يمكن لتحسين العلاقات مع إسرائيل تغيير الجو في الكونغرس؟

الذين يعرفون تاريخ العلاقات التركية الأمريكية يعرفون أن ردود الفعل حول تركيا في الكونغرس الأمريكي تتشكل في الغالب من قبل اللوبي اليهودي.

على الرغم من أن الانزعاج الرئيسي في السنوات الأخيرة يتعلق بشكل أكبر برفض تركيا التخلي عن صواريخ إس-400 الروسية، وعلى الرغم من الضغوط وجهودها لبناء سياسة خارجية تصدر قراراتها من أنقرة بشكل مستقل عن واشنطن، فإن جذور المشكلة هو “تدهور العلاقات المعروف بين تركيا وإسرائيل”.

انطلاقًا من وجهة النظر هذه، يمكن التفكير في أن التحسين الأخير في العلاقات بين تركيا وإسرائيل قد يكون له تأثير إيجابي على أعضاء الكونغرس بالتالي.

لكن السؤال الأهم، إلى أي مدى يمكن أن يذهب هذا التأثير؟

كان رئيس لجنة العلاقات الخارجية الأمريكي السيناتور بوب مينينديز، المعروف بعدائه ومناهضته لتركيا في الكونغرس، قد أعلن قبل أسابيع قليلة فقط أن تركيا “إذا كانت تريد شراء مقاتلات إف-16 فعليها كذلك التخلص من صواريخ إس-400 الروسية”.

لذلك، إذا أصر أعضاء الكونغرس الأمريكي على مطلب التخلي عن صواريخ إس-400، فإن طريق تحسين العلاقات بين تركيا وإسرائيل لن يكون كافيًا إذن.

هناك نقطة مهمة يجب أن نتذكرها، وهي أن تركيا في الواقع تمتلك الهيكل التكنولوجي اللازم من أجل تحديث طائرات إف-16 ويمكنها فعل ذلك من خلال وسائلها الخاصة.

بعبارة أخرى، فإن طلب تركيا من الجانب الأمريكي بخصوص إف-16 ليس أمرًا لا يمكن الاستغناء عنه من جانب تركيا.

علاوة على ذلك، فإن مواصلة واشنطن في عدم الاستجابة لمطالب أنقرة واحدًا تلو الآخر، لا سيما بخصوص تنظيمات غولن وبي يي دي/بي كاكا الإرهابية، يغذي الشعور بعدم الثقة لدى أنقرة في الولايات المتحدة.

على الرغم من أن هذه التطورات الأخيرة تشير إلى أن العلاقات مع الولايات المتحدة قد ابتعدت عن دائرة التوتر، إلا أنه لا يمكن القول إنها الآن على أرضية سليمة ومستقرة تمامًا.

محمد آجاتبواسطة / محمد آجات 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.