على الرغم من الثبات الذي أظهرته الليرة التركية أمام سلة العملات الأخرى وابرزها الدولار منذ نهاية العام الماضي مستفيدة من الأدارة المالية التي أعلنتها السلطات التركية، إلا ان مراقبين يتوقعون تراجعا بطيئًا للعملة المحلية أمام الدولار.
ووفق المراقبين فإن الليرة تراجعت من مستويات 18 إلى مستويات 11 بعد الإعلان عن الحزمة الاقتصادية التي تهدف إلى دعم الليرة والحد من تعاملاتها، غير أنها إلا أن العملة المحلية ولو بشكل بطئ تتراجع لتصل إلى مستويات 15 ليرة لكل دولار.
ويرى المراقبون أن السبب في ذلك يعود إلى ضعف بعض البيانات الاقتصادية المحلية من جهة وتراجع بعض المؤشرات الاقتصادية الأساسية بسبب الأحداث الجيوسياسية وارتفاع أسعار الطاقة على المستوى الدولي وبقية الأعراض الجانبية المتوارثة من أزمة الوباء.
كما يضاف إلى تلك الأسباب قرارات الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة، كل ذلك جعل الليرة التركية أمام تحدي كبير للحفاظ على جزء من مكاسب شهر ديسمبر.
وردا على ذلك حافظ المركزي التركي على أسعار الفائدة عند مستويات 14 حتى لا تتدهور مستويات الصرف أكثر وتتعمق الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تركيا في خضم هذه الفترة.
وأوضحوا أن المركزي التركي يولي أهمية كبيرة لمستويات 15 في تعاملات الدولار أما الليرة التركية، حيث يجعل منها منطقة مقاومة أساسية، لن يسهل بكل تأكيد على السوق تجاوزها وإن استلزم الأمر التدخل من جديد في سوق الصرف.
أما في الوقت الحالي فإن من الأهمية بمكان هو التركيز على مستويات 14.75 بعد التعافي النسبي الذي خرجت به الليرة التركية عقب بيانات التضخم الأمريكية السلبية الأخيرة
وأشاروا إلى انه إذا استقرت التداولات فوق هذه المستويات، فمن المرجح استمرار الموجة الصعودية للسعر لبلوغ مستويات 14.75 كمنطقة مقاومة أولية وبعدها مستويات 14.85.
وتوقعوا استمرار الاتجاه الصعودي للسعر نحو مستويات 14.75 و14.85، مع استمرار مؤشر الدولار بالحفاظ على مستويات أعلى منطقة 100.
اقرأ أيضا/ “يوفام” برنامج مصرفي جديد أعلنت عنه تركيا للادخار بالليرة لغير المقيمين.. هذه تفاصيله
وفي وقت سابق من الشهر الجاري أبقى البنك المركزي التركي أسعار الفائدة عند 14 في المئة، وذلك بعد الثبات الذي أظهرته العملة المحلية خلال الأسابيع السابقة على الرغم من كل الظروف المحيطة بها.
ووفق مراقبين فإن البنك المركزي التركي يعي تماما أن خفض أسعار الفائدة دون مستويات 14، خصوصا في هذه الظرفية لن يكون في صالح أحد، و أنه سيعمق من خسائر الليرة في سوق الصرف.
وأوضحوا أنه مع التضخم الذي تجاوز 60 في المئة الشهر الماضي فإن زيادة على أسعار الفائدة سيدفع الأتراك و المستثمرين إلى تعميق شكوكهم في السياسة التي يضغط بها الرئيس التركي على الفائدة للانخفاض إلى رقم أحادي.
وفنيًا فإنه بعد قرار ثبات الفائدة شهدت الليرة التركية تحسنًا مستفيدة من الأعراض الجانبية لبيانات التضخم الأمريكية على العملة الخضراء لتختبر مستويات 14.54 لأول مرة خلال هذا الشهر.
وأشار المراقبون إلى أنه إذا استقرت أسعار الليرة فوق 14.60 فربما يتجه السوق إلى الدفع نحو مستويات 14.76 من جديد، اخدة من استقرار معدلات الفائدة نقطة انطلاق لمحو جميع مكاسب الليرة التركية في هذه الفترة الوجيزة.
وتوقع المراقبون أن تبقى العملة التركية المحلية ثابتة خلال الفترات المقبلة للمحاولة على الإبقاء على جزء من مكاسبها.
وأظهرت بيانات هيئة الإحصاء التركية، الإثنين، أن نسبة البطالة في تركيا خلال فبراير 2022 تراجعت بواقع 0.5 نقاط مقارنة مع يناير/ كانون الثاني من العام ذاته، فقد بلغ عدد العاطلين عن العمل 3 ملايين و579 ألف شخص.
ولفتت البيانات إلى أن نسبة البطالة خلال فبراير 2022 انخفضت بنسبة 2.5 نقطة مقارنة بذات الشهر من العام الفائت.
وفي وقت سابق سجل مؤشر الثقة تراجعا مقدراه 3.5 نقطة، فانخفض من مستويات 98.2 نقطة خلال فبراير إلى مستويات 95.7 نقطة خلال مارس.
اقرأ أيضا/ كيف يتم تداول الليرة بعد إعلان تركيا استضافة مفاوضات حاسمة لإيقاف الحرب؟
ويعد هذا الانخفاض هو الثاني على التوالي إذ نزل خلال فبراير الماضي من مستويات الـ 100.8 نقطة إلى مستويات 98.2 نقطة.
وأوضح المراقبون أن مؤشر الثقة الاقتصادية هو مؤشر مركب يحتوي على تقييمات وتوقعات المستهلكين والمنتجين حول الوضع الاقتصادي العام.
ويتم استخدام 20 مؤشرًا كليًا لمؤشرات الثقة للمستهلكين والقطاع الحقيقي والخدمات وتجارة التجزئة والبناء في الحساب، وعندما يتجاوز مؤشر الثقة الاقتصادية 100، في حين يشير إلى توقعات متشائمة عندما يكون أقل من 100.
ومع دخول الحرب الروسية الأوكرانية الشهر الثاني لا يزال الاقتصاد التركي يعيش حالة من الضعضعة والتذبذب على الرغم من البنية الاقتصاجدية الكبيرة التي تتمتع بها تركيا.
ووفق مراقبين فإن حال الاقتصاد التركي هو حال العديد من الاقتصادات العالمية التي تأثرت بالحرب الأوكرانية مع اختلاف تداعياتها من من دولة إلى أخرى.
وفي هذا الشأن يقول الخبير الاقتصادي فراس شعبو في تصريحات له إن الاقتصاد التركي تأثر بشكل كبير منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، مستدلا بأسعار الوقود التي تشهد تقلبات حادة .
وأضاف شعبو أن تركيا في الأساس تعاني من أزمة اقتصادية داخلية وعدم استقرار بأسعار الصرف، لذلك فإن تأثرها بالغزو الروسي على أوكرانيا سيكون أشد وأقوى من غيرها”.
ولفت إلى أن أكبر الاقتصادات المتأثرة بالحرب كان قطاع السياحة التي تعد أحد الأجزاء الهامة في الاقتصاد التركي،كونها تعتمد بشكل كبير على السياح الروس والأوكران، لافتا إلى أن العقوبات على روسيا أيضا ستلقي بأثقالها على الاقتصاد التركي.
وأوضح شعبو أن تراجع معدلات السياحة الوافدة لأراضي تركيا من روسيا وأوكرانيا، واستمرار ارتفاع أسعار الطاقة، سيشكّل خطرا كبيرا على الاستقرار، لافتا إلى أن استمرار ارتفاع أسعار الطاقة والوقود، سينعكس بشكل مباشر على تكلفة الإنتاج، وبالتالي على أسعار المنتجات.
المصدر: تركيا الان