كانت رحلة سريعة ومثمرة في الوقت ذاته، شملت 6 دول في غضون 7 أيام؛ الأوروغواي، والبرازيل، والإكوادور، وكولومبيا، وبنما، وفنزويلا.
وقد حظي تشاووش أوغلو بصفته وزيراً خارجياً باهتمام واحتفاء كبيرين في جميع البلدان التي زارها.
شهدت هذه الرحلة التي كانت الملف الاقتصادي على رأس أجندتها، العديد من الاتفاقيات من المشاريع الملموسة من أجل تطوير العلاقات التجارية بين تركيا وتلك البلدان.
من الوارد أن تشهد الفترة المقبلة زيادة كبيرة في صادرات منتجات الصناعات الدفاعية من تركيا إلى دول أمريكا اللاتينية.
ولو سألتم عن السبب، فالجواب هو أن جميع هذه البلدان تقريبًا طرحت هذا الموضوع خلال المحادثات، وأعربت عن اهتمامها الشديد بالعديد من المنتجات، خاصة الطائرات المسيّرة بدون طيار المسلّحة وغيرها، إضافة للمركبات المدرعة.
عقب إقلاع رحلتنا من العاصمة الفنزويلية كاراكاس، وهي المحطة الأخيرة في رحلتنا لأمريكا اللاتينية، أتيحت لنا فرصة الحديث مع الوزير تشاووش أوغلو، حول اللقاءات التي عقدها في البلدان الستة، وحول القضايا الأخرى المدرجة على أجندة السياسة الخارجية.
أودّ أن أقتبس هنا بعض النقاط البارزة من حديثنا مع الوزير:
مقترح الرئيس البرازيلي: “لنذهب سوية إلى موسكو”
لقد كانت الأهداف الاقتصادية أهم الملفات خلال هذه الرحلة نعم، لكن هذا لا يني أن القضايا السياسية لا سيما الراهنة كانت غائبة عن طاولة المحادثات.
خلال لقائه مع تشاووش أوغلو، طرح الرئيس البرازيلي بولسونارو اقتراحًا مثيرًا للاهتمام.
فخلال حديث تشاووش أوغلو عن حرب أوكرانيا وتقديمه معلومات حول جهود تركيا في هذا الصدد، أخبرنا عن اقتراح بولسونارو، قائلًا: “أعرب الرئيس البرازيلي عن استعداده لتنظيم زيارة مشتركة إلى موسكو مع بعض قادة الدول المهمين في هذا الشأن، إذا رأى الرئيس التركي أردوغان فائدة في ذلك”.
من ناحية أخرى قال تشاووش أوغلو إنهم سيناقشون هذا المقترح بالفعل.
انطلاقًا من انطباعي حول ذلك، يمكنني القول بأن هذا المقترح فيما لو نضج، وإذا كان قادة الدول التي يرغب بولسونارو في ضمها للزيارة سيبدون نظرة إيجابية في المقابل حول مقترحه، فمن الممكن أن نشهد زيارة جماعية على مستوى القادة إلى موسكو.
زيارة أردوغان إلى المملكة العربية السعودية
خلال حديثنا مع الوزير تشاووش أوغلو، تناولنا أيضًا زيارة الرئيس أردوغان إلى السعودية مؤخرًا.
حينما سألنا تشاووش أوغلو حول نوع النتائج التي يمكن توقعها من هذه الزيارة، أجاب قائلًا: “حين النظر إلى زيارة السعودية والوزراء الأتراك المشاركين فيها، يمكنكم رؤية ملفات مثل التجارة والسياحة والاستثمارات والتعليم والصحة. هي زيارة من شأنها أن تحسّن العلاقات في جميع المجالات”.
من جانب آخر، لاحظنا أن المعارضة وجهت انتقادات “لاذعة” خلال زيارة أردوغان للسعودية، لدرجة أن هناك من قال إن أردوغان استثمر السياسة الخارجية لصالح أجندته الخاصة.
وبدوري ذكرت هذه الاتهامات للوزير تشاووش أوغلو، وطلبت منها تقييمها.
أجاب تشاووش أوغلو بالقول: “ليس هناك شيء اسمه أجندة شخصية في السياسة الخارجية. لكن هناك أجندة دولة. ورئيسنا هو رأس هذه الدولة، وهو أيضًا رئيس السياسة الخارجية. بصفتنا وزارة الخارجية فإننا مسؤولون عن تنفيذ السياسة الخارجية التي ترسمها الدولة. كما أننا نقدّم في المقابل مساهمة كبيرة في تحديد معالم أجندة هذه السياسة”.
وأضاف أيضًا: “في البداية ابتعدت السعودية عنا، لكن حينما تريد تحسين العلاقات فلا يمكن صدّ الباب لأنها كانت بعيدة فحسب. هل يمكن تطبيق قطيعة مستقبلية على اعتبار ما جرى في الماضي فحسب؟ لا يوجد شيء من هذا القبيل في الدبلوماسية. لكن المعارضة لا تعرف معنى الدبلوماسية، أو ربما يعرفون لكنهم يجبرون أنفسهم على انتقاد الحكومة بشكل مستمر. حينما كانت العلاقات سيئة كانوا ينتقدون ذلك ويطالبون بتحسينها، وحينما تصبح العلاقات جيدة بالفعل لا يتوقفون عن انتقاداتهم أيضًا”.
تقييم تشاووش أوغلو لمسألة “عثمان كافالا”: لماذا يتوقفون عند هذا الشخص كثيرًا؟
تعلمون أنه خلال زيارة تشاووش أوغلو إلى أمريكا اللاتينية، صدرت انتقادات من الغرب لا سيما الولايات المتحدة وألمانيا، حول قرار المحكمة التركية بشأن قضية “غيزي بارك” (أحداث شغب في منتصف 2013).
ولقد استمعنا كلامًا في الصميم حقيقة من وزير الخارجية تشاووش أوغلو حول هذا الشأن.
فيما يتعلق برجل الأعمال السجين عثمان كافالا، قال تشاووش أوغلو متسائلًا: “لماذا يتحدثون كثيرًا عن هذا الشخص؟”.
سؤال في الصميم.
حتى ولو طرح هذا السؤالَ عابرٌ في الطريق فهو سؤال مهم للغاية، لكن طرحه من قبل وزير خارجية يضفي عليه أهمية أكبر.
لننقل لكم بعض ما قاله تشاووش أوغلو حول “أحداث غيزي بارك” و”عثمان كافلا:
“نحن نفهم سبب ردود الفعل الغربية. عثمان كافالا شخص موّلوه واستخدموه لكن المطاف انتهى به إلى السجن. القضاء يعمل في تركيا، ومن الممكن انتقاد القرارات القضائية في أي دولة بالعالم، لكن في النهاية يقوم القضاء بعمله المنوط به دون اكتراث”.
وأضاف: “حسنًا، هناك العديد من الأشخاص المعتقلين في تركيا، فلماذا يركزون على كافالا بالتحديد؟ لماذا هذا الشخص بالذات مهم لهذه الدرجة؟ لأنه شخص موّلوه وكانوا يستخدمونه. ومن الواضح من كان وراءه”.
وأضاف مستائلًا: “هل تجدون أحدًا يطالب بالحرية لأولئك الذين اقتحموا مبنى الكونغرس؟ هؤلاء أنفسهم ماذا قالوا عن أحداث غيزي بارك؟ مع العلم أن هدفهم صريح؛ هو قلب الحكومة. ليس قلب الحكومة بل إعاقة عملها بحد ذاته يعتبر جريمة كبيرة. نتحدث عن حكومة شرعية جاءت عبر صناديق الاقتراع. الاتهامات التي تلاحق هذا الشخص كثيرة للغاية، وعلينا أن نسأل: لماذا يركزون كثيرًا على هذا الشخص بالتحديد دون غيره؟”.