خطوط الطاقة التركية والفارسية والعربية والإسرائيلية

 

من الواضح أن المسألة مرتبطة بالطريقة التي سيصل بها النفط العربي إلى أوروبا، مع التركيز بشكل خاص على الخليج. وهنا يجب أن أؤكد أنني لا أعتقد أن هناك اتفاقية بين الولايات المتحدة وشريكتها بريطانيا. إن الأمر اللافت هنا هو أن نجم قطر لمع فجأة، بعد ما حدث في الأيام التي انسحبت فيها الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان. قطر التي أراد ترامب وبعض الدول تدميرها، استطاعت تنفس الصعداء بعد تدخل تركيا في اللحظة الأخيرة. هناك نقطة أخرى لافتة للنظر، وهي الزيارات المكثفة التي قام بها مسؤولون من الإمارات والسعودية إلى العراق مباشرة بعد حادثة أفغانستان. أعتقد أن العقل الإنكليزي، الذي له وزن تاريخي كبير في البصرة والخليج، يعمل هنا. وعلى هذا الأساس، يجب أن يصل الخط المار عبر الخليج والبصرة وكركوك، إلى تركيا.

أما الولايات المتحدة الأمريكية، وبالنظر إلى تحركاتها الأخيرة، يظهر أنها تريد أن يمر هذا الخط من مناطق سيطرة منظمة “بي كا كا” الإرهابية في شمال العراق وسوريا. في حين كان تشجيع بارزاني على الاستقلال جزءًا من هذه اللعبة والخطة. ولكن لم يحدث ذلك.

وكانت إدارة بارزاني التي تتعرض لضغوط إيران من الشرق، والحكومة العراقية المركزية من الجنوب بتحريض إيراني، وأمريكا من الغرب عن طريق “بي كا كا” الإرهابي؛ قد احتمت بتركيا مدركةً الخطة الإنكليزية.

من ناحية أخرى، تريد إيران أن يكون هذا الخط لها، من خلال استبعاد النفط الخليجي. كما تريد إيران السيطرة على خط كركوك والموصل من خلال تعزيز الحشد الشعبي من مكان إلى آخر مع منظمة بي كا كا الإرهابية – وبشكل ضمني وغير مباشر مع الولايات المتحدة الأمريكية. وبناءً على ذلك، فإنني أقدر أنهم يبذلون جهودًا مكثفة لإبقاء تركيا بعيدة عن نفط الخليج كقوة ناقلة أو حاملة.

أعتقد أن إيران تخطط لفرض الهيمنة على المنطقة من خلال السيطرة على خط أربيل – كركوك والموصل واللاذقية ودمجها مع مواردها الخاصة، مستغلة بذلك ترك روسيا بعض الفجوات بسبب انشغالها بحرب أوكرانيا. حيث تهدف إيران إلى ملء تلك الفجوات وزيادة نفوذها في تلك المناطق.

أما التحدي الأقوى أمام إيران هي الحالة المتقلبة للإدارة المركزية العراقية، بالإضافة إلى خسارة الكتلة الشيعية الموالية لإيران في الانتخابات العراقية الماضية. كما أدت عملية المخلب-القفل التي أطلقتها تركيا في الأسابيع الأخيرة إلى زيادة الضغط على إيران.

أما بالنسبة لـ”إسرائيل” فهي تعارض بشدة العملية المطلوب تطويرها بالتوازي بين الولايات المتحدة وإيران، فهي غير مرتاحة أبداً لتأثير إيران في شمالي العراق وعلى النظام السوري الحالي. وعلى الرغم من أن إسرائيل في تواصل مستمر مع منظمة بي كا كا الإرهابية من وقت لآخر، إلا أنها أقامت علاقات موسعة مع أربيل أيضًا.

أعتقد أنه في هذه المعادلة، في المحصلة النهائية، سيكون اختيارها هو هذا الطريق.

وفي هذا السياق أيضًا، يجب تقييم التقدم الأخير في العلاقات التركية الإسرائيلية. فإذا كانت إسرائيل بين خياري “تركيا أو إيران”، فأنا لا أشك في أنها ستختار تركيا. كما توضح الموقف بأن إسرائيل غاضبة من التوجهات الأمريكية والأوروبية التي تشمل تخفيف الضغط على إيران والاتفاق معها.

أما بالنسبة لروسيا، فهي ليست في وضع يسمح لها بوضع سوريا في بؤرة اهتمامها. بالنظر إلى العلاقات المتوترة الأخيرة مع إسرائيل، لا أعتقد أن روسيا، تحبذ أن تملأ إيران الفجوات التي خلفتها وراءها، كما أنها لن تخاطر بمزيد من التوترات مع إسرائيل. من ناحية أخرى، ومن الواضح أن تركيا ستكون الخيار الوحيد لتبديد ثقل الولايات المتحدة، والذي قد يزداد من خلال منظمة بي كا كا الإرهابية، في سوريا. ونرى أن روسيا لم تعترض على إعلان الرئيس أردوغان عن العملية العسكرية في سوريا، ونجدهم قد وافقوا عليها في إطار تصريحات لافروف الأخيرة.

الخط الأخير، شرق البحر الأبيض المتوسط، يتعلق بموارد الطاقة

التي تحصد ثمارَها إسرائيل حتى الآن في شرق البحر الأبيض المتوسط . هذا وتسعى الولايات المتحدة مرة أخرى، استبعاد تركيا، وجعل اليونان مركزها على هذا الخط. التحالف متعدد الأبعاد بين إسرائيل ومصر واليونان وقبرص الرومية هو الوجه الآخر لهذا الاتفاق. وهذا الأمر لا يروق لتركيا.

وفيما يتعلق بالخط التركي العربي فإن إسرائيل ارتأت الاتفاق مع تركيا من أجل إضعاف الخط الفارسي وإخراجه من اللعبة، بيد أنني لا اعتقد أن الوفاق التركي الإسرائيلي سيتكرر مجددًا عندما يرتكز جدول الأعمال على موارد شرقي المتوسط

تعتمد هذه التقييمات على نجاح الجهود المبذولة للحد من احتكار الطاقة من قبل روسيا. ومن الواضح للجميع أنه لن يكون هناك منافسًا للطاقة الروسية، سواء من حيث الجودة أو التكلفة. إن الكتلة الأنجلو أمريكية تريد جر الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسه ألمانيا، إلى أسفل المنحدر وإضعافه وجعلها يعتمد كليًا عليهم. في الوقت الحالي، يقومون بهذا العمل عن طريق الحكومات المقربة منهم. هل يمكن أن ينجحوا في النهاية؟ نجحوا في أزمة النفط عام 1973.ولكن هل سينجحون هذه المرة أيضًا؟ أشك في ذلك .

سليمان سيفي أوغون بواسطة / سليمان سيفي أوغون

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.