احتفل تحالف الجمهور الانتخابي الذي يضم أحزاب “العدالة والتنمية” و”الحركة القومية” و”الاتحاد الكبير”، يوم الأحد، بالذكرى الـ569 لفتح إسطنبول، في المهرجان الذي أقيم في مطار أتاتورك، بمشاركة رؤساء الأحزاب الثلاثة، رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، ودولت بهتشلي، ومصطفى دستيجي، بالإضافة إلى وزراء ونواب ورؤساء بلديات، وحضور حوالي 560 ألف مواطن ومواطنة، وفقا للأرقام الرسمية.
مطار أتاتورك لم يتم إغلاقه بالكامل بعد افتتاح مطار إسطنبول الجديد، كما تدعي المعارضة، بل سيبقى مفتوحا ليخدم رحلات خاصة، أما أراضيه الشاسعة فسيتم تحويلها إلى حديقة عامة جميلة ليستفيد منها جميع سكان إسطنبول وزوارها. وشارك أردوغان وبهتشلي ودستيجي، في حملة زرع 145300 شجرة (1453×100)، في حديقة مطار أتاتورك، في ذكرى الفتح الكبير الذي تحقق على يد السلطان العثماني محمد الفاتح في 29 أيار/ مايو 1453.
المشاركة الشعبية الواسعة في مهرجان ذكرى فتح إسطنبول، تشير إلى أن أحزاب تحالف الجمهور، على رأسها حزب العدالة والتنمية، بدأت تستعيد ثقتها وعافيتها، بعد أن انتكست في الانتخابات المحلية الأخيرة في مدن كبيرة، مثل إسطنبول والعاصمة أنقرة. وكانت هناك انتقادات وجهت إلى رئيس فرع إسطنبول السابق لحزب العدالة والتنمية وكوادره، خلاصتها أنهم لم يبذلوا جهودا كافية للفوز في الانتخابات المحلية، وأن تكاسلهم واتكاءهم على تصريحات أردوغان فقط، أدَّى إلى فوز مرشح المعارضة برئاسة بلدية إسطنبول. ويؤكد الحضور الكبير الذي شهده مهرجان الأحد، أن انتخاب رئيس جديد على فرع إسطنبول لحزب العدالة والتنمية في شباط/ فبراير 2021 أعاد النشاط والحيوية إلى كوادر الحزب وأنصاره في تلك المدينة العريقة.
المعارضة كانت تعوِّل على استمرار انتكاسة تحالف الجمهور في الانتخابات المحلية الأخيرة وتعاظمها، كما أنها تقول منذ فترة إن الحكومة ستضطر لإجراء انتخابات مبكرة، إلا أن كل تلك التنبؤات المسجلة بالصوت والصورة لم تتحقق
المعارضة كانت تعوِّل على استمرار انتكاسة تحالف الجمهور في الانتخابات المحلية الأخيرة وتعاظمها، كما أنها تقول منذ فترة إن الحكومة ستضطر لإجراء انتخابات مبكرة، إلا أن كل تلك التنبؤات المسجلة بالصوت والصورة لم تتحقق، ولا تبدو في الأفق أي علامة تشير إلى إجراء الانتخابات قبل موعدها المقرر.
قادة المعارضة أطلقوا تصريحات عديدة حول انتخابات مبكرة، وقالوا إنها ستكون في حزيران/ يونيو 2021، ثم غيروا الموعد إلى أيار/ مايو 2022. ويقولون الآن إنها ستكون في أيلول/ سبتمبر أو تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، إلا أن الحكومة غير مبالية بتلك التصريحات، لأن إجراء انتخابات مبكرة ليس لصالحها، وأنها تسعى إلى مكافحة التضخم وإزالة آثاره خلال سنة، بالإضافة إلى مشاريع ضخمة سيتم إنجازها قبيل صيف العام القادم. كما أن النظام الرئاسي الذي انتقلت إليه تركيا، يهدف بالدرجة الأولى إلى تحقيق الاستقرار السياسي في البلاد، وأن إجراء انتخابات مبكرة يتعارض مع هذا الهدف.
نجاح الحكومة التركية إلى حد كبير في تجاوز صدمة جائحة كورونا والهجمات الاقتصادية التي استهدفت الليرة التركية، وعدم لجوئها إلى انتخابات مبكرة، أربك حسابات المعارضة، ودفعها للجوء إلى أساليب قذرة، كالتحريض ضد اللاجئين، بالإضافة إلى التخبط وتبني مواقف متناقضة، كمعارضة حزب الشعب الجمهوري لتحويل أراضي مطار إسطنبول إلى حديقة عامة، على الرغم من أن رئيسه كليتشدار أوغلو قال عام 2018، في برنامج تلفزيوني، إن تحويل مطار أتاتورك إلى حديقة عامة هو مشروع حزب الشعب الجمهوري، مدَّعيا بأن الحكومة التي تتنصت على هواتفهم سرقت الفكرة منهم.
الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ستجرى في صيف 2023، ما يعني أن هناك عاما كاملا أمام الحكومة لتحل بعض المشاكل التي يعاني منها المواطنون. وإن نجحت الحكومة في حل مشكلة ارتفاع الأسعار، وزادت رواتب العمال والموظفين والمتقاعدين كيلا يتأثروا سلبيا من التضخم، فسينعكس ذلك بالتأكيد على صناديق الاقتراع لصالح تحالف الجمهور
الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ستجرى في صيف 2023، ما يعني أن هناك عاما كاملا أمام الحكومة لتحل بعض المشاكل التي يعاني منها المواطنون. وإن نجحت الحكومة في حل مشكلة ارتفاع الأسعار، وزادت رواتب العمال والموظفين والمتقاعدين كيلا يتأثروا سلبيا من التضخم، فسينعكس ذلك بالتأكيد على صناديق الاقتراع لصالح تحالف الجمهور. وعلى الرغم من آثار ارتفاع أسعار الطاقة على الاقتصاد التركي، يمكن أن تنجح الحكومة في تحقيق هذا الهدف، وهو ما يقلق المعارضة التي تصر على إجراء الانتخابات قبل موعدها حتى لا تجد الحكومة فرصة لحل المشاكل.
وضع المعارضة الهش عامل آخر يساعد تحالف الجمهور على استعادة ثقته، ولم يحظ جلوس رؤساء ستة أحزاب على الطاولة باهتمام كبير من المواطنين كما كانوا يتوقعونه. ويزداد الصراع شراسة بين الأسماء المطروحة لاختيار المرشح التوافقي للمعارضة في الانتخابات الرئاسية. وفيما تنشغل المعارضة بتلك الصراعات الداخلية، يخرج تحالف الجمهور أمام الناخبين كمدافع عن حقوق تركيا ومصالحها في الحرب الأوكرانية الروسية، وقضية انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمالي الأطلسي “الناتو”، كما تستعد أنقرة لأن تطلق عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا للقضاء على أوكار حزب العمال الكردستاني وإنشاء منطقة آمنة تسهل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم. وتشير نتائج استطلاع للرأي إلى أن أكثر من 82 في المائة من المواطنين يؤيدون هذه العملية المرتقبة.
يواسطة / إسماعيل ياشا