مسألة المرشح السياسي لدى المعارضة التركية تصل إلى طريق مسدود
تسعى المعارضة التركية إلى اختيار مرشح رئاسي مشترك، حيث أصبحت تلك المسألة من القضايا الشائكة لفترة طويلة، وذلك نتيجة اختلافات الرأي بين زعماء الأحزاب الذين يمتلكون صنع واتخاذ القرار.
وعندما قال زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كليجدار أوغلو، خلال تجمع أنصار حزبه في منطقة مالتبه بإسطنبول: “نطمح إلى مهمة مثالية”. أوصل بخطابه هذا مسألة المرشح الرئاسي إلى طريق مسدود وعرقل خط الصف الواحد الذي شكله المرشحون المحتملون.
وسأوضح لكم كيف وصلت مسألة المرشح الرئاسي إلى طريق مسدود.
لا يرحب أي واحد من قادة الأحزاب الـ 5 المتبقية على الطاولة السداسية بأن يكون زعيم حزب الشعب الجمهوري مرشحًا للرئاسة. وأكثر حزب لا يرحب بفكرة ترشيح كليجدار أوغلو للرئاسة هو حزب الجيد المعارض، والذي يعد الحزب الثاني لكتلة المعارضة، وبذلك تصبح الأمور أكثر تعقيدًا وتصل إلى طريق مسدود.
وتصل رسائل واضحة من حزب الجيد المعارض مفادها “لا تكن مرشحًا”، أحيانًا يتم التصريح بها علنًا، وفي بعض الأحيان يلمحون بذلك الأمر بطريقة يفهمها السيد كمال.
وفي إحدى مقالاتي السابقة، شاركت مقتطفات من حديثي مع شخصية رفيعة المستوى من حزب الجيد وأحد أعضاء فريق ميرال أكشنار المقربين منذ تأسيس الحزب.
ونظرًا لأن حديثي معه مرتبط بسياق هذا المقال، لنتذكر معًا مرة أخرى كلماته، حيث قال:
“إذا لم يرغب أحد بترشيح كليجدار أوغلو، هذا يعني أنه لن يكون هناك مرشح واحد في الطاولة السداسية”.
وتابع:
“لا أعرف ماذا سيحدث إذا كان هناك مرشح واحد فقط. وإذا كان هناك اعتراضات على فكرة ترشحه في الطاولة السداسية سينبغي حينها على السيد كمال التخلي عن قضية المرشح الواحد أو يتخلى عن فكرة ترشحه، وحينها سنقول أنه لا يمكن لشخص واحد الترشح وسيتم اقتراح الانتقال إلى فكرة أن يكون هناك عدة مرشحين، وعندما ننتقل إلى خيار “المرشحين المتعددين” سيطرح الجميع مرشحهم الخاص “.
ويمكن أن نستنتج من ذلك أن أوساط حزب الجيد المعارض يتمسكون بجدية في خيار المرشحين المتعددين داخل المعادلة.
ومنذ فترة بعيدة، قال كليجدار أوغلو : “إذا لزم الأمر سنمضي لانتخابات بمرشحين متعددين في الجولة الأولى”. وصرح بذلك لمرة واحدة، وبعدها ركزت تصريحاته في جميع خطاباته حول فكرة “المرشح التوافقي الذي سيتم تحديده من قبل الطاولة السداسية”.
شخصية رفيعة المستوى من حزب الشعب الجمهوري: “كليجدار أوغلو أسس الطاولة السداسية بصعوبة لذلك لا يمكنه أن يقوم بتفككيها بسهولة”
ما هي الأجواء السائدة داخل حزب الشعب الجمهوري حول ترشح كليجدار أوغلو؟
وللإجابة عن السؤال الذي طرحناه أعلاه، أجريت محادثة هاتفية مع شخصية رفيعة المستوى من حزب الشعب الجمهوري، وأحد المقربين من “كليجدار أوغلو وتحدث بشرط عدم ذكر اسمه في المقال.
وفي هذا الصدد، توجهت إليه بالسؤال التالي “كيف ستقبل الطاولة السداسية أن يكون رئيس حزبك كليجدار أوغلو مرشحًا عنها؟
حيث كان رده بالقول: “لا أعرف عن هذا الأمر شيء، لكن مرشح حزب الشعب الجمهوري سيكون كمال كليجدار أوغلو”.
وتابع:
“مرشحنا الرئاسي الذي سيذهب إلى الطاولة السداسية سيكون السيد كمال “.
وتوجهت إليه بسؤال آخر:
ما رأيك في أن أعضاء حزب الجيد يتمسكون بخيار “المرشحين المتعددين” بشكل واضح؟
وكان رده بالقول:
“بكل تأكيد السيد كمال مهتم بالترشح للرئاسة ويريد ذلك، لكن هل سيتسبب السيد كمال في عمل يؤدي إلى تفكيك الطاولة السداسية أو تحويل المسألة إلى خيار “المرشحين المتعددين”، أنا لا أعتقد أنه سيفعل ذلك.
وعندما أخبرني بذلك تدخلت وسألته، إذا استمر اعتراض تحالف المعارضة بأن يكون كليجدار أوغلو مرشحًا للرئاسة، هل يمكنه التراجع عن فكرة الترشح للرئاسة؟
أجاب قائلًا:
“أسس كمال بك الطاولة السداسية بصعوبة لذلك لا يمكنه أن يقوم بتفككيها بسهولة”
ونفهم من ذلك أن كليجدار أوغلو لا يتطرق أبدًا لهذه المسألة حتى في الاجتماعات المغلقة.
وأولئك الذين يتساءلون حول إمكانيتهم معرفة دليل أو معلومة من إدارة الحزب المركزي أو من شخصيات أخرى رفيعة المستوى وينتظرون منهم البوح حول تلك المسألة، فهم يبذلون جهدًا ضائعًا.
وفي سياق متصل، توجهت بسؤال آخر له، هل يتحدث كليجدار أوغلو أثناء اجتماعه معك عن موقفه إزاء قضية المرشح الرئاسي؟ أجاب بالقول: ” لا، السيد كمال دائمًا يبدو كـ “وجه البوكر” (وجه يخلو من التعبير) لذلك نحن أيضًا نكون فضوليين مثلك بعض الشيء لمعرفة الأمر “.
عدم الإعلان عن المرشح؟ هل هو إجراء تكتيكي؟ أم ضروري؟
كما قلنا في البداية، لا يبدو أن مسألة ترشح كليجدار أوغلو تلقى دعمًا على الطاولة السداسية لتحالف المعارضة الآن.
وبكل تأكيد، يمكنننا القول أن كليجدار أوغلو يتلقى دعمًا من الحليف السري حزب الشعوب الديمقراطي لأن هناك حالة شراكة استراتيجية بين “حزب الشعب الجمهوري الجديد” وحزب الشعوب الديمقراطي.
و أولئك الذين لا يصدقون أن هناك شراكة استراتيجية بين حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي أود أن أذكرهم أن حزب الشعب الجمهوري منذ فترة قد غير موقفه التقليدي بشأن قضية أساسية وصوت بـ “لا” مع حزب الشعوب الديمقراطي ضد المذكرة الرئاسية المتعلقة بتمديد تفويض إرسال القوات المسلحة التركية لإجراء عمليات عسكرية في سوريا والعراق.
ويمكن إعطاء أمثلة أخرى تثبت ذلك، ولكن إذا كان هناك مثل هذه الشراكة بشأن هذه القضية الأساسية فبإمكاننا تسميتها “شراكة استراتيجية”.
على أية حال، يدعم حزب الشعوب الديمقراطي مسألة ترشح كليجدار أوغلو للرئاسة بالخفاء وهو يدرك ذلك.
وكما هو معروف، اُتخذ قرار بعدم الإعلان عن المرشح الرئاسي في اجتماعات الطاولة السداسية لأحزاب المعارضة إلا أن يتم تحديد الجدول الزمني للانتخابات.
يمكن اعتبار هذا القرار المسمى “حتى لا يُستنزف المرشح” ، تكتيكًا جيدًا.
ومع ذلك هل هذا هو السبب الحقيقي يا تُرى؟ أم أن هنالك مخاوف من تصاعد التوتر بين الأحزاب عند الدخول بنقاش حول المرشح الرئاسي وبالتالي سيؤدي ذلك إلى انهيار الطاولة السداسية؟،
سنناقش هذه القضايا بتفاصيل أكثر في الأيام المقبلة، ولكن هناك أمر قاطع ونهائي:
يجب على كمال كليجدار أوغلو أو ميرال أكشينار، قبل كل شيء، التخلي عن وجهات نظرهما الحالية، من أجل إجراء انتخابات عبر مرشح توافقي.
وحاليًا، تصاعدت حدة التوترات والخلافات بينهما وما زالت مستمرة.
بواسطة / محمد آجات