تقع هاتان المنطقتان، إلى الغرب من نهر الفرات، وكانت القوات الروسية تفرض وجودها بهاتين المنطقتين بدعوى من النظام السوري، وترحيب من تنظيم “واي بي جي/ بي كي كي” الإرهابي. وتعد منبج وتل رفعت أحد الخطوط الحمراء لتركيا.
وعلى الرغم من تعهد روسيا في”اتفاق سوتشي” الذي وقعته مع أنقرة، والذي يرمي إلى إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مناطق النظام ومناطق المعارضة في إدلب ومحيطها، بسحب عناصر تنظيم “واي بي جي/ بي كي كي” الإرهابي من تل رفعت ومنبج، إلا أن وجود عناصر التنظيم بهاتين المنطقتين يعد خرقًا للاتفاق.
واليوم، أدى تركيز روسيا على حربها في أوكرانيا، وانسحابها من المنطقة، إلى نتائج إيجابية لصالح تركيا.
ونظرًا لوجود تقارير عن وصول قوات روسية إلى حلب، كان من الضروري أن تتوجه القوات التركية إلى تل رفعت ومنبج قبل حدوث فجوة هناك. وبالتالي، لن يكون لتنظيم “واي بي جي/ بي كي كي” الإرهابي أي نفوذ في غرب الفرات، وسيتم تجاوز مرحلة مهمة من مراحل العملية العسكرية المرتقبة.
وبذلك لن يتبقى سوى إبعاد الإرهابيين ممن هم تحت الحماية الأمريكية، والذين يشكلون تهديدًا على تركيا في شرق الفرات بشمال سوريا، إلى عمق 30 كيلومترًا من الحدود السورية التركية.
سيحين الدور أيضًا على المنطقة الآمنة التي أنشأتها الولايات المتحدة لـتنظيم “واي بي جي/ بي كي كي” الإرهابي
يواصل تنظيم “واي بي جي/ بي كي كي” الإرهابي القيام بدوريات عسكرية مع الولايات المتحدة في شرق الفرات. ولا تزال الولايات المتحدة تعتبر تنظيم “واي بي جي/ بي كي كي” الإرهابي منظمة “موثوقة” وتشيد به. وعلاوة على ذلك، يبدو أن “الولايات المتحدة أنشأت المنطقة الآمنة ليس لنا (لتركيا) بل للمنظمة إرهابية”.
في رأينا، تم خرق اتفاقية أنقرة، التي وقعها مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، مع تركيا وقت زيارته لأنقرة في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، في اليوم الذي انتشرت فيه مقاطع فيديو توضح مشاركة قوات عسكرية أمريكية لعناصر تنظيم “واي بي جي/ بي كي كي” الإرهابي أثناء قيامهم بدوريات عسكرية على الحدود التركية. لقد رأينا في ذلك اليوم أيضًا أنه لن يتم الوثوق بالولايات المتحدة مرة أخرى.
لاشك أن تركيا دولة تعرف قوتها وحدودها حق المعرفة، فهي ليست دولة تبحث عن المغامرة.
ومن الواضح للعيان أن الأهداف الإستراتيجية طويلة المدى للولايات المتحدة لن تتطابق أبدا مع أمن تركيا واستقرارها.
لقد صبرنا حتى النهاية في “الخطوة” التي تم اتخاذها للوصول إلى حل عن طريق “الصلح”. تمامًا مثلما صبرنا في الاتفاق الذي توصلنا إليه مع روسيا (اتفاق سوتشي).
إنها مرحلة واحدة فقط من مراحل العملية العسكرية المحتملة
مرة أخرى سوف نضطر فيها إلى تقرير مصيرنا بنفسنا. لكن هذه المرة، الأوساط الدولية مناسبة لنا أكثر من أي وقت أخر.
وسنغلق غرب الفرات أمام ممر الإرهاب من خلال إحكام السيطرة على منبج وتل رفعت، ولن نشعر بالراحة إلى أن يتم إنشاء المنطقة الآمنة التي تريدها تركيا في شرق الفرات. لذلك، فإن العملية التي من المرجح أن تحدث اليوم ليست الأخيرة؛ إنها مجرد مرحلة واحدة من مراحل العملية العسكرية المرتقبة.
عندما أطلقوا علينا “روح أشمة”، كان الأمريكيون في أنقرة في زيارة رسمية لإقناعنا
انطلاقًا من هنا سيكون لدي اقتراح آخر. في إحدى ليالي شهر فبراير/شباط عام 2015، تم فجأة إخلاء ضريح “سليمان شاه” جد مؤسس الدولة العثمانية، الكائن في قرية “قره قوزاق”، الموطن التركي الوحيد خارج الأراضي التركية على الضفة الشرقية لنهر الفرات؛ بدعوى تهديد تنظيم داعش للضريح. وتم نقل رفاة سليمان شاه، واثنين من فرسانه إلى قرية “أشمة” السورية (المنطقة الواقعة تحت سيطرة تنظيم “واي بي جي/ بي كي كي” الإرهابي). وقد أدركنا بمرور الوقت أن هذا النقل كان خاطئًا.
وقد أظهرت المعلومات التي ظهرت لاحقًا خطورة الأمر. حيث اتضح أن الأمريكيين التقوا بالمسؤولين الأتراك 7 مرات في أنقرة لإقناعهم بنقل ضريح سليمان شاه. ولو تتذكرون أيضًا، عندما قيل إنه ثمة تهديد لتنظيم داعش الإرهابي في ذلك الوقت، فقد تم فتح الطريق لإنشاء معسكرات لتنظيم “الحزب الشيوعي الماركسي اللينيني” الإرهابي في نفس المنطقة. كما اتخذ تنظيم “واي بي جي/ بي كي كي” الإرهابي موقفًا على نفس الخط.
وبعد نقل الضريح إلى “أشمة” السورية، لم يكن هناك أي نشاط عسكري لتركيا في المنطقة. وكما ترون، فقد انطلت علينا الحيلة الأمريكية، وابتلعنا طعمًا كبيرًا.
ماذا لو تم نقل ضريح “سليمان شاه” مجددًا إلى “قره قوزاق” بالتزامن مع العملية العسكرية
أعتقد أن الوقت الحالي، هو الوقت المناسب لنقل رفاة جدنا “سليمان شاه” إلى مثواه الثاني (مكانه القديم) في “قره قوزاق”.
فأنا أعلم علم اليقين أن أهالي قرية “قره قوزاق”، الذين يتحدثون العربية حاليًا ولكنهم مؤلفون في الأصل من عشائر “قره كيجي” التركمانية، ينتظرون بفارغ الصبر هذا النقل. وبهذه الطريقة سنوجه رسالة قوية للولايات المتحدة التي لم تف بوعدها لنا في منبج، مفادها أن منطقة ضريح سليمان شاه الواقعة في شبه الجزيرة المطلة على الطريق السريع (M4) على الضفة الشرقية لنهر الفرات هي أرض تركية. كما أن نقل ضريح سليمان شاه من “أشمة” السورية إلى هناك (مقره القديم بقرية قره قوزاق) دليل على نيتنا نحو شرق الفرات.