نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤول تركي رفيع أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان سيزور تركيا يوم الأربعاء المقبل، (22 حزيران/ يونيو الجاري).
هذا الخبر أكده الرئيس التركي أردوغان في حديثه مع الصحافيين إثر خروجه من صلاة الجمعة الماضية، قائلاً إن ولي العهد السعودي “سيقوم بزيارة رسمية لتركيا وسيستقبل ببروتوكول رسمي”، وإنه بلقائه به ثم بلقاء وفدَيْ البلدين سيكون ثمة فرصة لتقييم العلاقات التركية- السعودية وإمكانات تطويرها.
تأتي الزيارة لتتوج مساراً تركياً للتقارب مع عدد من الدول والأطراف الإقليمية، مثل مصر والإمارات ودولة الاحتلال فضلاً عن السعودية، مدفوعة بعدة أسباب دولية وإقليمية ومحلية، ومشفوعة برغبة الأطراف الأخرى في التقارب وتجاوبها مع هذا المسار.
سادت في بعض الأوساط قناعة بأن الجانبين قد تخطيا مرحلة شِبه القطيعة ودخلا في مرحلة جديدة مختلفة كلياً، لا سيما وأن الملفات الخلافية الأساسية بين الجانبين قد أغلقت أو تراجع حضورها وأهميتها إلى حد كبير، وفي مقدمتها الموقف من الثورات والثورات المضادة والأزمة الخليجية وملف خاشقجي
وقد دشنت أنقرة هذا المسار بخصوص الرياض تحديداً بتصريحات متواترة عن أهمية العلاقات معها وضرورة تحسينها وتطويرها، ثم بعدة خطوات؛ من بينها إغلاق ملف مقتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي، توجتها بزيارة أردوغان نفسه للرياض في نيسان/ أبريل الفائت ولقائه بالملك سلمان وولي عهده.
وقد سادت في بعض الأوساط قناعة بأن الجانبين قد تخطيا مرحلة شِبه القطيعة ودخلا في مرحلة جديدة مختلفة كلياً، لا سيما وأن الملفات الخلافية الأساسية بين الجانبين قد أغلقت أو تراجع حضورها وأهميتها إلى حد كبير، وفي مقدمتها الموقف من الثورات والثورات المضادة والأزمة الخليجية وملف خاشقجي.
لكن هذا التقدير قد لا يكون دقيقاً، إذ لا يبدو حتى اللحظة أن الجانبين -ولا سيما السعودية- قد تجاوزا الماضي ونسياه تماماً. فمن المهم الإشارة إلى أن حالة التنافس بين الجانبين ما زالت قائمة، وأن نظرتهما لمختلف قضايا المنطقة ما زالت على حالها، أي حالة الاختلاف الذي يصل أحياناً حد التناقض.
لا يبدو أن زيارة الرئيس التركي للرياض قد أدت لاختراق مهم على صعيد العلاقات بين الجانبين، لا سيما وأن الأخيرة لم تلغ -حتى لحظة كتابة هذه السطور- حظر استيراد البضائع التركية على سبيل المثال، فضلاً عن حرص عبر وسائل إعلامها على التأكيد على أن الزيارة أتت بناء “على طلب أردوغان”
لكن أبعد من ذلك، لا يبدو أن زيارة الرئيس التركي للرياض قد أدت لاختراق مهم على صعيد العلاقات بين الجانبين، لا سيما وأن الأخيرة لم تلغ -حتى لحظة كتابة هذه السطور- حظر استيراد البضائع التركية على سبيل المثال، فضلاً عن حرص عبر وسائل إعلامها على التأكيد على أن الزيارة أتت بناء “على طلب أردوغان”، وليس “استجابة لدعوة خادم الحرمين الشريفين” وفق الرواية التركية.
يضاف لما سبق، ولعله الأهم، أن هناك إشارات واضحة تحمل رمزية ذات دلالة في زيارة ولي العهد السعودي لتركيا. فقد أُجِّلت الزيارة سابقاً بعد إعلان الجانب التركي عنها، وهو الذي أعلن عنها هذه المرة حصراً دون تأكيد من الرياض، فضلاً عن أن الزيارة ليست مخصوصة لتركيا ولكن ضمن جولة إقليمية لولي العهد السعودي تضم عدة دول.
يدفع كل ذلك للتقدير بأن البلدين دخلا مرحلة تهدئة وليس في مرحلة تعاون أو تنسيق بالضرورة، وبالتالي ليس هناك في الوقت الراهن -قبل الزيارة على أقل تقدير- ما يدفع للقول بتبدل منظومة التحالفات والاصطفافات القائمة في المنطقة.
يدفع كل ذلك للتقدير بأن البلدين دخلا مرحلة تهدئة وليس في مرحلة تعاون أو تنسيق بالضرورة، وبالتالي ليس هناك في الوقت الراهن -قبل الزيارة على أقل تقدير- ما يدفع للقول بتبدل منظومة التحالفات والاصطفافات القائمة في المنطقة
وبناء على ما سبق سيكون من المهم ترقب إشارات الزيارة يوم الأربعاء المقبل، في لغة الجسد وبين سطور التصريحات والبيانات الصادرة بخصوصها، للنظر في مدى إمكانية فتح صفحة جديدة في العلاقات بين الجانبين.
تعوّل تركيا على جذب استثمارات سعودية حقيقية نحوها بما يساعد على رفد الاقتصاد التركي، لا سيما في ظل توقعات الركود العالمي، خصوصاً وأنها قدمت “بوادر حسن نية” تجاه الرياض وفي مقدمتها إغلاق ملف خاشقجي. وبالتالي فربما يكون قرار باتجاه وقف حظر استيراد البضائع التركية خطوة أولى على طريق استعادة العلاقات، وتتويجاً للزيارة.
أما ما هو أكثر من ذلك، أي توقع استثمارات سعودية قريباً في تركيا، فهو رهن بمسار العلاقات المستقبلي الذي سيتفق عليه الجانبان واستحقاقات ذلك على البلدين، خصوصاً في سياق الانتخابات المصيرية العام المقبل وواقع الاقتصاد العالمي.
بواسطة / سعيد الحاج