وقد ركزت تساؤلاتنا حينها على ما يمكن أن تقوله إيران وروسيا إزاء العملية التركية المستقبلية في سوريا. وكان ذلك الطرح مهمًا بالنسبة لنا، لكن قلنا أن تركيا تمتلك القوة العسكرية والسياسية للقيام بالعملية حتى لو عارضتها روسيا وإيران، وذلك يعتبر أسوأ السيناريوهات.
وفي الحقيقة، قد أشارت إيران وروسيا خلال قمة مسار أستانة إلى أنهم لا يؤيدون احتمالية وجود العملية العسكرية، لكنهم في المقابل لم تذهب اعتراضاتهم أبعد من ذلك.
وبالإضافة إلى ذلك، تعارض الولايات المتحدة هذا العملية أيضًا، لكن طبيعة الاعتراضات الروسية والإيرانية تختلف عنها، وهذا هو بيت القصيد.
وتواصل أنقرة إبقاء العملية على أجندتها على الرغم من معارضة الولايات المتحدة وروسيا وإيران.
فهل سُجلت تفاصيل التوقيت والشروط المناسبين في دفتر الحدث بأكمله؟ وكيف قالت أنقرة وموسكو وطهران سوية لأمريكا: “يجب عليك مغادرة سوريا”.
وعلى الرغم من أن هذه المسألة تخص سوريا ومرتبطة بشرق الفرات، إلا أنه لا نستطيع أن نعتبرها أمرًا منفصلًا.
ونحن نشعر كما لو أن هذه الدول الثلاث الكبرى غير مرتاحة ولا ترغب حتى في تواجد الولايات المتحدة بالشرق الأوسط بأكمله وليس فقط في سوريا.
وموقف الدول الثلاثة هذا يعتبر موقفًا جديدًا ومهمًا سيجعل الولايات المتحدة الأمريكية غير مرتاحة ويجب أن يُفهم بشكل جيد.
وأكدت الدول الثلاث في بيان القمة الختامي رفضهم لجميع محاولات إيجاد حقائق جديدة على الأرض تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، بما في ذلك مبادرات الحكم الذاتي غير المشروعة.
وكان نص البيان الختامي للقمة الثلاثية في سلسلة من بنوده يصب في هذا الاتجاه، وكل تلك البنود تركز على الولايات المتحدة الأمريكية.
حيث أن بند عائدات النفط وبند قرارات العقوبات الأحادية التي تُنفذ على مناطق معينة، والبنود المتعلقة بالسياسات الانفصالية التي تهدد دول الجوار، كلها تصب أيضًا في نفس الاتجاه (موقف الدول الثلاثة من الولايات المتحدة).
وأدلى زعماء الدول الثلاث (روسيا وإيران وتركيا) بتصريحات منفصلة عقب القمة، والتي تعدت نص البيان الختامي للقمة الثلاثية، حيث قال أردوغان وبوتين ورئيسي: “يجب على أمريكا مغادرة سوريا الآن”. وفي الواقع هذه التصريحات لم تترك مجالًا أبدًا للمناقشة. وينبغي لواشنطن أن تقرأ كلمة “الآن” أنها تعني “مرغمة” على فعل ذلك.
هناك احتمال أن تعيق أمريكا التعاون الروسي الإيراني، بشكل منفصل عن تركيا. لكن أنقرة لا تبقي الولايات المتحدة أن تكون بعيدة عن ما يحدث.
ماذا حدث في دهوك
يجب أن نعتبر الحديث والكتابة عن هذه الافتراءات على أنها عار . ومع ذلك علينا أن نفهم خلفية هذه الحادثة لأنها أظهرت انحرافًا خطيرًا .
لا تقبل الدولة التركية ولا الشعب التركي إلحاق الأذى في المدنيين الأبرياء. وأظهرت تركيا تضحيات حتى في اللحظات التي شكلت خطرًا عليها.
وفي واقع الأمر، نفذت تركيا عدد كبير من العمليات العسكرية والاستخباراتية ولم يستطع حتى ألد خصومها من اتهامها بارتكاب أخطاء ضد المدنيين. لا يوجد في سجل أنقرة مثل هذا الشيء.
ودائمًا ما تشير أنقرة إلى حساسيتها تجاه القانون الدولي و القيم الإنسانية. وإن سياسة الافتراءات لتشويه سمعة تركيا فيما يتعلق بحقوق الإنسان التي يروج لها أولئك الذين قتلوا مئات الآلاف من المدنيين والمسنين والأطفال والنساء في عشرات البلدان على مدى عقود، هي سياسة واضحة
وأصدرت وزارة الخارجية بيانًا أكدت فيه أن القوات المسلحة التركية لم تنفذ أي هجوم ضد المدنيين. وكان من المفيد لو تم إعداد قائمة بـ المشتبه بهم المعتادين على تنفيذ مثل هذا الهجوم.
أولًا، من الغريب أن حكومة بغداد هاجمت أنقرة قبل أن تفهم حتى ما الذي حدث، وهذا الأمر يتناقض مع اهتمام العراق مؤخرًا بالقضايا الأمنية.
ثانيًا، والأمر الآخر الغريب هو توقيت الهجوم. حيث وقعت الحادثة بالتزامن مع التصريحات الروسية والإيرانية والتركية الصادرة عن نص البيان الختامي لقمة مسار أستانة والتي جاء فيها: “يجب على الولايات المتحدة مغادرة المنطقة”.
ثالثًا، وقعت الحادثة قبل يوم من توقيع اتفاقية نقل الحبوب بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول.
رابعًا، وقوع هجمات مبالغ فيها على البعثات الدبلوماسية التركية في العراق والتي جاءت كردة فعل متزامنة وسريعة، حيث توجه المتظاهرون على عجل إلى المبنى القديم للسفارة التركية،.
خامسًا، وقع الهجوم بعد لقاء بين رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وبايدن.
سادسًا، وجود الديناميكيات داخل العراق ومحاولات لتجميع مؤيدين لمرشحي الحكومة.
سابعًا ، جاء توقيت هذا الهجوم قبل العملية العسكرية المرتقبة في سوريا وزيارة كينيث ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأمريكية لتنظيم بي كا كا الإرهابي.
وفي الخلاصة، الإجابة على سؤال من هو المستفيد من هذا الهجوم؟ يعطينا لمحة عن المشتبه بهم.
الخطيئة الثامنة لحلف الناتو
من جهة أخرى، نشرت صحيفة “بيبولز ديلي” الصينية تقريرًا حول الخطايا السبع الكبرى لحلف الناتو.
في الثقافة الغربية يعتبر رقم سبعة رقمًا خاصًا. وفي العقيدة المسيحية ، تُعرف باسم الخطايا السبع الرئيسية أو الذنوب الكاردينالية. والذين شاهدوا فيلم “سبعة” (se7en) سيعرفونها مباشرة. يمكن أيضًا تذكرها من خلال كتاب لورنس العرب “أعمدة الحكمة السبعة”.
وذكرت الصحيفة الصينية، التي يبلغ عدد قراءها مئات الآلاف، أن خطايا الناتو هي: العنصرية والأيديولوجية وعدم الالتزام بالقانون الدولي وتدعم التكتلات والاستقطابات وتنشر عقلية الحرب الباردة تشكيل تهديد كبير للتنمية العالمية ورغبتها في التوسع العالمي. وتعتبرهذه وجهة نظر صينية لكن لا أحد يستطيع أن يقول إنها خاطئة تمامًا.
وبالإضافة إلى تلك الخطايا السبعة، هناك خطيئة ثامنة، وأكبر خطيئة مصدرها داخل حلف الناتو، وهي خطيئة لا تغتفر.
وتتمثل في استسلام أعضاء حلف الناتو للولايات المتحدة ليكونوا تابعين ويمتثلون لها، هذه هي الخطيئة الكبرى .
إنها مثل الغطرسة. لأنه بدونها لن تجد الخطايا الأخرى في الحياة. ومع الأسف كنا أيضًا شركاء معهم في فترة من الزمن وكانت الخسائر والأضرار تلحق بنا أيضًا.
أما في الوقت الحاضر بات الأمر مختلفًا، حيث تبدو تركيا أنها تمتثل لمتطلبات الناتو، في بعض الأحيان باتخاذ موقف كامل أو رسمي.
غالبًا ما تظهر مثل هذه المواقف الرسمية بسبب السياسات القادمة من خلال الضغط الأمريكي.
كما شكلت تركيا مساحتها المميزة ضمن نطاق العقوبات المفروضة على روسيا ولا أحد يمكنه رفع صوته والتحدث معها بشأن ذلك.
بواسطة / نيدرت إيرسانال