حيث رن ساعي البريد جرس باب منزلي بداية شهر يوليو/تموز الجاري، وقال لي أن لدي رسالة، وقمت حينها بالتوقيع عليها واستلامها.
فتحت ظرف الرسالة وبدأت قراءة محتواها حيث كان مكتوب: المدعي كمال كليجدار أوغلو / المدعى عليه حسين ليكوغلو.
رفع السيد كليجدار أوغلو عبر محاميه جلال تشيلك (الذي لا تزال محاكمته جارية بسبب صلته بتنظيم غولن الإرهابي) دعوى قضائية ضدي للحصول على تعويضات بقيمة 150 ألف ليرة تركية على خلفية مقالتي التي كتبتها في أبريل/نيسان من العام الجاري، التي كانت تحت عنوان “اتفاق “بريكست” يطغى على طاولة تحالف “الستة”.
وكان نص الدعوى يشير إلى أن عنوان مقالتي والعبارات التي كتبتها ضمن المقال تتضمن أحكام معاكسة وتبين النوايا السيئة الذي كان القصد منها الإهانات والتشهير والافتراءات.
مقالي الذي كتبته لا يمكن اعتباره جزءًا من حرية التعبير أو النقد، وقد أضر بالقيم الشخصية لكليجدار أوغلو.
وفي هذا الصدد، كتبت في مقالتي التي كانت تحت عنوان “اتفاق “بريكست” يطغى على طاولة تحالف “الستة”، أن وزير الداخلية سليمان صويلو أطلق تصريحات تفيد أن نص البيان (المتعلق بالنظام البرلماني المعزز) أُرسل من قبل زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كليجدار أوغلو، إلى سفير إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لدى أنقرة، وذلك قبل الإعلان عن نص مذكرة التفاهم من قبل الطاولة السداسية. ولفتت الانتباه وفقًا لتلك التصريحات إلى تقارب كليجدار أوغلو من ألمانيا وتقارب أكرم إمام أوغلو من بريطانيا.
وأوضحت في المقال تقارب كليجدار أوغلو من ألمانيا من خلال طرحي لأمثلة ذكّرتُ من خلالها بزيارة كليجدار أوغلو إلى ألمانيا قبل انتخابه رئيسًا لحزبه، حيث بدأت علاقات تقاربه من ألمانيا منذ تلك الزيارة واستمرت حتى بعد انتخابه.
وذكرتُ بتلك المسألة لسببين، أولهما التصريحات التي أطلقها وزير الداخلية صويلو، والسبب الثاني الذي يعد الأكثر أهمية هو المنافسة المحتدمة حول الترشح للرئاسة التي نشبت بين كليجدار أوغلو وإمام أوغلو.
وفي الشتاء الفائت، أثناء وقوع الكارثة في إسطنبول نتيجة تساقط الثلوج بكثافة، ذهب أكرم إمام أوغلو إلى اجتماع “عشاء” لتناول السمك مع السفير البريطاني، حيث كانت ترافقه كاسحة الثلوج، التي كان من المفترض أن تنقذ المواطنين الذين تقطعت بهم السبل، وأثارت هذه المسألة جدلًا واسعًأ داخل حزب الشعب الجمهوري. حيث انتهز كليجدار أوغلو الفرصة واتخذ إجراءات تصب في صالح إمام أوغلو، الذي يعتبره منافسًا له في الترشح للرئاسة.
من جهة أخرى، رد أكرم إمام أوغلو على سؤال هل كان زعيم حزبك كمال كليجدار أوغلو على علم بالعشاء الذي أقمته مع السفير البريطاني قائلًا: “لماذا سيكون على علم باللقاء؟ هل عليه أن يتابع الطعام الذي أتناوله؟”.
وأدلى بعدها كليجدار أوغلو بتصريحات متناقضة قائلًا: “”كنت على علم بأن السيد أكرم قد حضر العشاء مع السفير البريطاني، ومن الطبيعي أن يبلغ السيد أكرم رئيس حزبه عند اتخاذ قرارات هامة”، وكشف من خلال ذلك تصفية الحسابات بينهما.
وهذا الموقف الذي ذكرته يشير إلى أن أحدهما يكذب في تصريحاته. ولن أكرر ما جاء في ذلك المقال، وليس لدي قلق حيال الدفاع عن نفسي لأن القضاء التركي سيتخذ القرار الأكثر عدلًا.
وفي الواقع ينتابني الفضول كثيرًا وأتساءل، عندما يكون عنوان مكان عملي مكتوبًا في عريضة الدعوى، كيف وصلت تلك الرسالة إلى عنوان منزلي؟
المحامي جلال جليك (الذي لا تزال محاكمته جارية بسبب صلته بتنظيم غولن الإرهابي) كيف عرف عنوان منزلي الذي انتقلت إليه مؤخرًا، حتى أنا لا أعرف تفاصيل عنواني الجديد؟
والموضوع الرئيسي الذي أريد أن أتطرق إليه هو المدعى عليه الآخر الذي كان اسمه جانب اسمي، والذي تبين أنها شركة توركواز للتسويق والتوزيع وهي شركة تقوم بتوزيع جميع الصحف، بما في ذلك الصحف المقربة من حزب الشعب الجمهوري كصحيفة “جمهوريت” و”سوزجو” و”قرار”.
وأن تُذكر شركة “تركواز” من بين المدعي عليهم هو أمر مثير للاهتمام حقًا.
ماذا كانت ستفعله شركة تركواز إزاء ذلك هل كانت ستقول لي: مرحبًا حسين ليكوغلو أنت تقوم بتشهير وإهانة كمال كليجدار أوغلو هنا، ألم نقم بتوزيع نسخًا من جريدتك؟
إذا كنا سنضع أسماء شركات التوزيع من بين المدعين عليهم بشأن ما تحتويه الجرائد التي توزعها، فلدي اقتراح رائع للسيد كليجدار أوغلو. هناك متهمين أكبر من شركات التوزيع وهم القُراء. إنهم الجناة الحقيقيين!
ربما تواجه يا سيد كليجدار أوغلو غرامات تعويض كبيرة بسبب الأكاذيب والافتراءات التي تقولها. لذلك أنت تعاني من ضيق مادي وتبحث عن حلول ويمكن لاقتراحي أن يكون حلًا ليأسك.
وبرأيي أضف القُراء أيضًا إلى قائمة المدعى عليهم. هل تريد عناوين قُرائنا؟
وداعا أخ راسم
قبل أداء فريضة الحج، اتصلت بالأخ راسم أوزدينورن لأطمئن عن صحته وأحواله وأودعه وأطلب مسامحته قبل ذهابي.
ردت زوجته الكريمة السيدة عائشة على الهاتف المحمول وقالت: “نحن في المستشفى سأعطي الهاتف للسيد راسم”.
وبعد دعواتي وتمنياتي له بالشفاء قلت: “لقد أنعم الله علي لأداء فريضة الحج، أريد أن أودعك واستسمح منك قبل ذهابي”. ورد كعادته بكل لطف وبابتسامة شعرت بها.
من الصعب جدًا أن ندلي بعبارات تستطيع وصف الكاتب والأديب التركي راسم أوزدينورن. وأتيحت لي الفرصة أن ألتفي به مرات عديدة، خاصة خلال السنوات التي عملت فيها في أنقرة.
كان يأسر قلوب الناس من خلال تواضعه ووجهه المبتسم. وخلال حديثي معه لا أشعر أن الوقت كان يمر.
و إذا كتبت فقط عن الجوائز التي حصل عليها لن تكفيني صفحات لتدوينها، ناهيكم عن ما قدمه لعالمنا الثقافي. لقد زرع الخير وحصد المحبة وسيبقى حيًا في قلوب الملايين.
وحول تأثير الأخ راسم في الشباب، يعتبر أفضل مثال يمكن طرحه هو كلمة الطالبة “ميرفه نور أوتشار”،في حفل تخرج طلاب كلية “جابا” للطب البشري التابعة لجامعة إسطنبول ،والتي حصدت المركز الأول حيث قالت: “نشكر الأساتذة والمساعدين الذين أكدوا لنا أن الطب هو في الأساس مسألة ضمير، وكما قال الكاتب والأديب التركي راسم أوزدينورن سنخدم أمتنا ولن نغادر هذه الأرض”.
من جهة أخرى، كنا نقرأ للكاتب أوزدينورن قبل أن نبدأ الحياة المهنية واستمرينا في قراءة كتبه الذي قام بتأليفها حتى وفاته، وكان نصيبنا فيما بعد أن نصبح زملاء عمل. والتقى الكاتب أوزدينورن بقرائه في صحيفة يني شفق لمدة 27 عامًا منذ تأسيسها عام 1995 بشكل مستمر.
أخي أوزدينورن، نحن نشهد أنك عشت حياتك كمسلم، أسكنك الله فسيح جناته.