مقدسية تسلقت 3 قمم في العالم وتطمح إلى “إيفرست” و”هيمالايا”

نجحت الفلسطينية سجى أبو عيشة (30 عاما) من سكان مدينة القدس الشرقية، من تسلق 3 قمم في العالم، وهي تطمح إلى أن تتمكن مستقبلا من تسلق قمتي إيفرست وهيمالايا.

بدأت سجى، التي درست هندسة الحاسوب، وتدرس الآن الهندسة الميكانيكية في الجامعة العبرية بالقدس، تسلق الجبال بمحض الصدفة، كتطوير لهواية الركض التي ما تزال تمارسها.

وقالت: “البداية كانت بمحض الصدفة، لقد شاركت بالتجربة دون أن أعرف ماذا يعني تسلق جبل، لم أخوض هذه التجربة من قبل، وصراحة وجدت أكثر مما كنت أتوقعه”.

وأضافت: “إنها كرياضة تعتمد على القوة، وفي جزء منها تمرين الجسد على التعامل مع بيئة فيها نسبة الأوكسجين منخفضة، ويتم التأقلم مع هذا من خلال تمارين معينة لتحمل هذه البيئة، ودرجات الحرارة المنخفضة جدا التي تصل إلى 20 تحت الصفر”.

وتابعت أبو عيشة: “لقائي مع هذه الرياضة كان بمحض الصدفة، ولكنني أدمنت عليها، ولا أرى بنفسي شخص من الممكن أن يتخلى عن هذه الرياضة”.

وتسلقت أبو عيشة حتى الآن قمم كليمنجارو في إفريقيا وكوتوباكسي في الإكوادور وأرارات في تركيا، وكادت أن تصل إلى ألبروس في روسيا.

وتضيف: “أعلى قمة وصلت لها كانت في إفريقيا وهي كليمنجارو في عام 2018، وجربت أعلى قمة في روسيا وهي ألبروس وكنت مع الفريق على مسافة 200 متر من القمة، ولكن كانت هناك عاصفة وأُجبرنا على النزول للحفاظ على حياتنا، وكان ذلك عام 2019”.

وتكمل: “وصلت إلى كوتوباكسي وهو أعلى بركان في الإكوادور عام 2021، وكانت أصعب تجربة، بالإضافة الى قمة أرارات في تركيا عام 2018”.

وتقول إن تجربة تسلق قمة أرارات في تركيا كانت مميزة.

وتضيف: “قمة أرارات في تركيا كانت أول تجربة لي فيها نقيم بالخيام بدلا من المنازل المتحركة، وهو ما ميزّها”.

وتابعت: “ما ميّز قمة أرارات هو حجر الجبل نفسه، فالجبل مليء بالحجارة أكثر منه أرض ترابية، وللحجر لمعة قوية في الليل وهو أمر مميز”.

أما بخصوص كوتوباكسي، وهو أعلى بركان في الإكوادور، فتقول إنها كانت أصعب تجربة.

وتضيف: “كوتوباكسي مميز بكثير من الأمور، فمنذ بدايته فإن ميلانه عالي جدا، وفي البداية استخدمنا تقنيات لمنع التزحلق ومع الصعود أصبحت الأمور أصعب وتعاونا فيما بيننا للحفاظ على حياة بعضنا البعض واستخدمنا الفؤوس للصعود، ولفترة لا بأس بها كنا نزحف على سطح الجبل، حتى وصلنا إلى القمة واستغرقني الأمر نحو 6 ساعات”.

وتابعت: “المشهد من الأعلى جميل جدا، وقد شاهدت كل الأكوادور والبراكين في المنطقة”.

وتروي أبو عيشة أن للوصول إلى القمم طقوس معينة وطعم مميز، يدفعها إلى البكاء.

وتقول في هذا الصدد: “بعد أن نصل إلى القمة، عادة ما نعمل ما نسميه جلسة الصعود إلى القمة، وذلك في الساعة الثانية ليلا، لعدة أسباب، منها انتظار مشهد شروق الشمس، وهو عادة ما يكون هدف الكثير من متسلقين قمم الجبال”.

أما عن شعورها حين الوصول للقمة، فتقول: “الشعور هو الكمال، الكمال لله بطبيعة الحال، ولكن هي الطريقة التي يشعر فيها الانسان انه اكتمل كإنسان، وبالنسبة لي هو شعور أبحث عنه دائما، لأنني أبحث أن أكون أفضل دائما”.

وأضافت عمّا تفعله عندما تصل إلى أي قمة: “أجهش بالبكاء، خاصة أن القمة الأخيرة التي وصلتها كانت صعبة جدا وكانت عندي أفكار داخلية بأن الأمر صعب وغيرها من الوساوس ولكني عندما وصلت حمدت الله كثيرا، لأن ما حدث كان خارج عن توقعاتي رغم أنني من قام به”.

وبدأت أبو عيشة حياتها الرياضية بالسباحة ثم بلعب الكراتيه والركض الذي تمارسه حتى الآن.

وقالت: “منذ طفولتي كنت أمارس الرياضة، لأن والدي كان رياضيا، بالبداية بدأت بالسباحة ثم الكراتيه حيث مارستها لمدة 10 سنوات حتى أصبح عمري 20 عاما”.

وأضافت: “وبعدها بمحض الصدفة، كنت أعمل بشركة بجانبها مسار للركض وكان الموظفين يركضون فيه رغم أنهم أكبر سنا مني، وكان هناك حاجز داخلي بما أنني لم أركض وانا صغيرة فاعتبرت ذلك صعبا جدا، ثم قررت أن أخوض التجربة، وبدأت أركض مع زيادة المسافات مرة تلو أخرى حتى وصلت إلى مرحلة أبحث فيها عن هدف أكبر ووجدت رحلة على كليمنجارو، وكانت هذه بدايتي في تسلق الجبال”.

وأشارت أبو عيشة إلى أنها شاركت في أكثر من مسابقة ركض محلية مثل “ماراثون فلسطين” الذي شاركتْ فيه 3 مرات.

وقالت: “أعلى مسافة وصلت لها في الركض كانت 30 كيلومترا وأعمل من أجل الوصول الى ماراثون كامل (حوالي 42 كلم) إن شاء الله”.

وتمارس أبو عيشة هوياتها في الأماكن المتاحة للركض، في مدينة القدس الشرقية.

وقالت: “من الصعب إيجاد مكان مخصص للرياضة في القدس، ولكنني كشخص استمتع بالركض في الشارع وأي مكان مفتوح ومهيئ للركض وأثناء دراستي كنت أركض في محيط الكلية وفي محيط مكان عملي، ففي المكان الذي أتواجد فيه أتأقلم معه وأقوم بالتمرين”.

برغم ممارستها هذه الهوايات، فإن أبو عيشة تحرص على “ارتداء الحجاب والزي الشرعي”.

وتضيف: “صراحة لا يؤثر، لأنه أمر يعتمد على الشخص، أنا أموّل ذاتي في السباقات والنشاطات الرياضية، بشكل عام هذه رسالة بالنسبة لي مفادها أنني شخص أريد أن أقوم بكل هذه الرياضات مع الحفاظ على حجابي وديني، أنا فتاة مسلمة أريد الحفاظ على هذا الأمر، أريد أن أبيّن أن الدين ليس ضد أن أقوم بكل هذه التجارب وإنما يدعمني ويحافظ علي”.

وتضيف إنها تأقلم ملابسها الرياضية مع الزي الشرعي، وقالت: “تمكنتُ من التأقلم مع هذا الأمر، فهناك طول معين للملابس التي ألبسها وبالتالي أجلب القمصان وأقوم بتحسينها وإضافة طول إضافي لها بما يريحني”.

وحاليا تفكر أبو عيشة باحتراف رياضة تسلّق الجبال، وتطمح للعالمية.

وتقول في هذا المجال: “الجبال هي أسعد شيء في حياتي، والاحتراف هو أن أصل إلى جبال مثل إيفرست وسلسلة جبال الهيمالايا التي تصعد فيها أكثر من 8 آلاف متر فوق سطح البحر”.

وأضافت: “أنا دائمة البحث عن إيفرست وقد حاولت بشكل متكرر أن أجد رعاية لصعود إيفرست، ولكن حتى ذلك الحين أنا دائمة الصعود على الجبال وإن شاء الله هناك نية لصعود قمة مونت بلونك (إحدى قمم جبال الألب على الحدود الفرنسية الإيطالية) في شهر أغسطس/آب، وفي شهر نوفمبر/تشرين ثاني إحدى قمم الهيمالايا”.

وتلفت أبو عيشة إلى عدم وجود أي تمويل لأنشطتها الرياضية، رغم محاولتها مع “شركات ومؤسسات محلية”.

وقريبا ستحتفل أبو عيشة بزواجها، ولكنها تبدي تصميما على ألّا يكون ذلك عائقا أمام ممارسة هوياتها.

وقالت: “أتوقع أن الوضع سيختلف بعد الزواج، ولكن ليس إلى الأسوأ، وإنما يتهيأ المرء عقليا ويهيئ شريكه لهذه الأمور، وهو (خطيبي) شخص اختارني بما أنا عليه، وبالتالي علي أن أرتب أموري بطريقة أتمكن فيها من الموازنة بين ما أريد الوصول إليه وبين الواجبات الزوجية”.

وتأمل أن يشاركها زوجها هواية تسلق الجبال أيضا، وحيال ذلك تقول: “هو حاليا يشاركني بالركض، وإن شاء الله يشاركني صعود الجبال، لمَ لا؟”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.