الجدال السياسي الرئيسي الذي كان يدور بين أوساط المعارضة التركية قبل عام هو طرحهم لسؤال أين الـ 128 مليار دولار؟ في الحقيقة، كانت الإجابة بسيطة على هذا السؤال ..اشتروا العملات الأجنبية بعملة الليرة التركية.
وحول هذا الجدال، قال حينها النائب البرلماني لحزب الشعب الجمهوري في إسطنبول إلهان كيسيجي: “انظروا إلى الميزانية العمومية للبنك المركزي ،ماذا يُفعل بهذه الأرقام، أين مصدر الأرقام الأخرى، وإلى أين تذهب. لدينا تقييماتنا وتوقعاتنا على تلك المعلومات”
وأضاف: “لم يتم فقدان 128 مليار دولار والأشخاص الذين يعرفون كيفية قراءة الميزانية العمومية، وكيف اشتروا وباعوا الدولارات ومتى حدث ذلك سيتأكدون من ذلك لأن كل شيء يمكن رؤيته ومعرفته”
وبعد إدلائه بتلك الكلمات (على البث المباشر) التي تفند مزاعم المعارضة قاموا بقطع حديثه وتغيير الموضوع.
قضى كيسيجي على حياته السياسية إثر تلك التصريحات التي أدلى بها، وبينما كان اسمه يُطرح كل فترة من بين المرشحين المحتملين للرئاسة إلا أنهم قاموا بتهميشه بعد تلك التصريحات.
إن موضوعنا الرئيسي ليس قضية “أين الـ 128 مليار دولار” ، لكن سأكتب الرد المناسب الذي كان ينبغي أن يُطرح حينها والذي من شأنه أن يساهم في الجدل القائم هذه الأيام.
السؤال الذي كان يجب أن يُطرح ليس أين الـ 128 مليار دولار؟ بل “لماذا كان الأجانب يمتلكون ودائع تعادل ضعف ما يمتلكوه من الليرة التركية عام 2018”.
كانوا يمتلكون ودائع تعادل ضعف مبالغ الليرة تركية التي لديهم، وبدأوا في شراء الدولارات بتلك العملة. وفي الحقيقة، لم يكونوا راضين عن كمية المبالغ بالليرة التركية التي يمتلكونها لذلك قاموا بالاقتراض من البنوك بأسعار فائدة مرتفعة ليتمكنوا من بيع الليرة التركية وشراء الدولار.
لذلك نتساءل أين الـ 128 مليار دولار يا معارضة ؟ أين أولئك الذين كان لديهم عملات بالليرة التركية وباعوها؟
لماذا فعلوا ذلك وما هو هدفهم؟ الجواب: من أجل وضع تركيا والحكومة في مأزق اقتصادي وهي ضمن الخطوات التي نفذوها لإسقاط أردوغان. إن هم وهدف الطاولة السداسية والممولين العالميين هو إنهاء حكم أردوغان.
تؤمن المعارضة المتجمعة حول كليجدار أوغلو بأطروحة الأزمة الاقتصادية تلك لدرجة أنهم وضعوا كل بيوضهم في سلة الأزمة الاقتصادية (قاموا بكل ما بوسعهم لكي تتفاقم تلك الأزمة) وعندما لم تسفر عملية الإرهاب المالي عن أي نتائج، حاولوا التعتيم على سؤال أين الـ 128 مليار دولار. وكما قال النائب البرلماني لحزب الشعب الجمهوري في إسطنبول إلهان كيسيجي إنهم يعرفون جيدًا أين مكانها.
تشهد تركيا أزمة كبيرة، منذ بداية الهجوم الاقتصادي في آب/أغسطس 2018.
وفي الآونة الأخيرة، المواطنون وحركات المعارضة، الذين يتخذون من حزب الشعب الجمهوري مركزًا لها، ويحلمون بأن يصبح هو الحزب الحاكم بفضل تلك الأزمة الاقتصادية، بدأت تراودهم الكوابيس،
وفي هذا السياق، الحركات المعارضة التي تأمل في حصول أزمة من كل فوضى عالمية سلبية تحدث كـ”وباء كورونا” والحرب الروسية الأوكرانية، يشعرون بالإحباط يوم بعد يوم.
في بداية الأمر أنقصوا من شأن اكتشاف الغاز الطبيعي في البحر الأسود، ثم نظروا إلى الأمر بجدية وتجاهلوه. وعندما بدأت الحرب الأوكرانية الروسية تأملوا أن تحدث أزمة بسبب الحرب لكن آمالهم المعلقة لم تدم طويلًا.
كان الموقف التركي محل تقدير من قبل العالم، حيث أسست تركيا مكاتب دبلوماسية في مدينتي أنطاليا وإسطنبول.
أشادت الصحافة العالمية برعاية تركيا التوصل إلى اتفاق تصدير الحبوب وبافتتاح مركز التنسيق المشترك من أجل ضمان الشحن الآمن لمنتجات الحبوب من الموانئ الأوكرانية. لكن الصحف المحسوبة على المعارضة لم تكتب كلمة واحدة على صفحاتها الأولى إزاء ذلك، وبعض الصحف مرت عليه مرور الكرام بجملة واحدة وهي كارهة لذلك.
وتشعر المعارضة اليوم بمخاوف وقلق بعدما بدأ النموذج الاقتصادي الجديد يؤتي ثماره. لقد أسسوا جميع طموحاتهم السياسية على مسألة تدهور الاقتصاد، لذلك هم يشعرون بالانزعاج من كل قرش يذهب إلى خزائن الدولة.
من جهة أخرى، لا تقتصر المخاوف على كتلة المعارضة التي تتخذ من حزب الشعب الجمهوري مركزًا لها، بل هناك أيضًا مخاوف حقيقية للقوى الخارجية المعادية لتركيا.
الغرب، الذي أشعل فتيل الحرب الأوكرانية الروسية منزعج من موقف تركيا، لكن لا يستطيعون التصريح على العلن لأن تركيا هي الدولة الوحيدة التي تستطيع إبقاء القنوات الدبلوماسية مفتوحة مع جميع الأطراف.
وكشفت معلومات جدية وخطيرة تفيد أن وزارة الخزانة الأمريكية تُحيك مؤامرة مالية جديدة ضد تركيا. الولايات المتحدة الداعمة لليونان من أجل نقل النفط الروسي ، منزعجة من العلاقات التجارية بين تركيا وروسيا لذلك تسعى لإحاكة المؤمرات ضدها.
هل ستقف قوى المعارضة مكتوفة الأيدي إذا كانت أمريكا تُحيك المؤمرات ضد الاقتصاد التركي؟
المعارضة التي أثارت الجدل بسؤالها “أين الـ 128 مليار دولار”، يدلون تصريحات اليوم تفيد أن هناك مبالغ مالية غير معروفة المصدر تأتي إلى تركيا.
على الرغم من أن البعض اعتبر هذه التصريحات بمثابة تصريحات موازية للمؤامرة الأمريكية ، إلا أنها اعتراف بأن الأمور الاقتصادية بدأت تتحسن. لا يوجد شيء ليس له مصدر غير معروف وخاصة المال.
بدأت الأمور تتحسن والنموذج الاقتصادي الجديد يؤتي ثماره. وبدأ المستثمرون الأجانب بالمجيء لتركيا، والمدخرات التي تحت الوسادة بدأت تخرج وتدخل في الاقتصاد.
انهارت الخطط التي أنشأتها المعارضة عن طريق ضخ المخاوف بأن هناك أزمة اقتصادية، ومن الآن فصاعدًا سيتساءلون (المعارضة) كثيرًا، من أين حصلتم على تلك المبالغ المالية؟
بواسطة / حسين ليكوغلو