هل شروط وظروف هذه التَقدِيرات والتنبؤات التي طرحناها أعلاه موجودة في كييف؟
أولًا: للإجابة عن ذلك يجب معرفة طبيعة الجيش الأوكراني. وليس بتلك السهولة إجراء تحليلات وتحقيقات حول القوات المسلحة الأوكرانية. ومع ذلك، هناك الكثير من التنبؤات التي تم التحقق منها تقريبًا تشير إلى أن زيلينسكي لم يتلق أخبارًا من أرض الميدان. نستطيع القول بشكل مؤكد إن هذا الوضع نفسه يحدث في جهاز الأمن القومي ووكالة الاستخبارات الأوكرانية لأن الإقالات التسلسلية تحدث أمام أعين الجميع.
عدة أمور تحدث داخل الجيش الأوكراني:أ) تأثير العناصر الغربية، ب) البعض غير راض عن محاربة روسيا، ج) الجنود متعبون، د) تفككات يمكن تعميمها على أنها مستمرة حتى النهاية.
السؤال الرئيسي الذي يمكن طرحه وفقًا لذلك، من سيقوم بالانقلاب؟
ومن المحتمل أن تكون تلك الانقلابات مدعومة من الولايات المتحدة. لا يوجد مانع لديهم في عقد اتفاق مصالحة مع روسيا، بل على العكس من ذلك، هو خيار مفضل لهم.
ثانيًا: كل يوم نقرأ أخبارًا عن الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا، لكن في الحقيقة لا أحد يحرك ساكنًا إزاء ذلك. وهم أنفسهم يقولون إن مخزونات الدول الأوروبية انخفضت بما يكفي لتهدد سلامتها وأمنها! وبات واضحًا أن ألمانيا وإيطاليا وفرنسا تحاول الهروب بالفعل من تلك الثغرة الأمنية وتنحرف عن مسارها.
وفي هذا السياق، هناك أنباء تفيد أن أمريكا سترسل 3 مليارات دولار من المساعدات التي وعدت بها إلى مقاولي الصناعات الدفاعية. ولكن هذه الدفعة تتطلب سنوات لسدادها وليس من الممكن أن تكون حلًا.
عندما ننظر بشكل عام إلى الأخبار المتداولة في وسائل إعلامنا وصحافتنا قد نظن أن الولايات المتحدة وأوروبا تُمطران أوكرانيا بالدعم والمال. قرأت خبرًا يوم الاثنين يفيد أن وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تعهدت لأوكرانيا، بأن ألمانيا ستدعمها في الحرب ضد روسيا لسنوات قادمة إذا لزم الأمر.الدُعَابَة التي انتشرت في برلين بعد تلك التصريحات هي أن بيربوك يمكن أن ترحل حتى قبل زيلينسكي!
وسأطرح مثالًأ على ذلك: في 28 أغسطس/آب ، أصدرت محكمة مراجعي الحسابات الألمانية تقريرًا جاء فيه: ” الإنفاق يزداد على المعاشات التقاعدية والنظام الاجتماعي بصورة منظمة”. تسببت الحرب الأوكرانية ووباء كورونا بازدياد الإنفاق الحكومي بنسب غير متوقعة. ونتيجة لذلك قد لا يكون هناك أموال متبقية في خزينة الدولة حتى عام 2040″، أليس الأمر أشبه بالحديث عن الإفلاس؟
وهناك مخاوف أيضًا من أن يتذمر الكونغرس الأمريكي. لأن كل شيء مرتبط بانتخابات نوفمبر/تشرين الثاني في أمريكا ، لذلك في أوكرانيا لا يرغبون أن تأتي كاريزما أمريكية خلاف توقعاتهم,
ثالثًا: أفسدوا الجو الدولي أيضًا. في 25 أغسطس/آب ،عقدت جلسة في الأمم المتحدة للتصويت لإدانة روسيا ،وكانوا قادرين على جمع 58 صوت يدين روسيا من أصل 193 دولة.
ولكن في مارس/أذار من العام الجاري ، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يطالب روسيا بالتوقف فورًا عن استخدام القوة ضد أوكرانيا وكانوا قادرين حينها على جمع أصوات 141 دولة!
رابعًا: وهذا البند أقوى مؤشر على أن الأمور والتطورات تغيرت. قبل أيام، بعث البيت الأبيض وبايدن برسالة تهنئة مفاجئة بمناسبة عيد استقلال أوكرانيا. ولم يذكر بايدن برسالته لا زيلينسكي ولا الحكومة الأوكرانية! لذلك هذا دليل على أن بايدن ينأى بنفسه.
خامسًا: لا أحد يتطرق إلى النصر بعد الآن والكل بات يتحدث عن الدبلوماسية لكن إذا قالت الأطراف المتحاربة، يجب أن ترى في عيونك حقيقة “الراية البيضاء” (راية السلام)
تشويش اليونان
منذ يوم الأحد الفائت، المسألة التي كانت الأكثر حديثًا من قبل الأمن القومي التركي ووسائل الإعلام التركية هي قيام اليونان بالتحرش بمقاتلات إف-16 التركية، عبر تتبعتها برادار منظومة “إس-300” المنصوبة في جزيرة كريت.
ويظن الجميع أن أثينا باتت مزعجة مؤخرًا. الأمر الثاني المتزامن الذي يتبادر إلى أذهان الجميع هو تنشيط واستجابة منظومة إس-400 التي لدينا.
لأن منظومة إس-300 التي تمتلكها اليونان كانت أحد البراهين التي كنا نتجادل مع الولايات المتحدة بشأنها. لأن حجتهم كانت أن المنظومة اليونانية إس-300 لم تكن نشطة وتم نصبها على الجزيرة. وهذا دليل على أنهم تنبهوا لذلك.
تحولت قاعدة دادا أغاش في اليونان إلى قاعدة أمريكية، وعقب الافتتاح الرسمي للقاعدة الرئيسية، قامت أثينا بتنشيط منظومة صواريخ إس -300 .
هل اتخاذهم هذه الخطوة هي بمثابة دعوة لتركيا لكي تنشط منظومة إس-400؟ أو رسالة لعملية شراء تركيا الحزمة الثانية من منظومات الدفاع الجوية «إس -400»، التي تم الحديث عنها منذ فترة؟
باختصار، لا يمكننا اعتبار هذا حدثًا عاديًا كالمواجهات والتحرشات التي كانت تجري بين الطائرات الحربية التركية واليونانية من قبل. من جهة أخرى، يجب ربط مسألة الاستفزازت اليونانية بالعملية العسكرية التركية الوشيكة شمالي سوريا.
خلال الأيام العشرة الماضية، كانت هناك اتصالات دولية مكثفة حول هذا الموضوع بدلاً من ” التحركات عبر الحدود” كالاتصال الهاتفي الذي جرى بين رؤساء الأركان التركي والأمريكي.
التشويش والتحرشات اليونانية لم تجرِ فقط على طائراتنا الحربية، ولكن أيضًا على العملية العسكرية التركية الوشيكة.
ولكن إذا كنتم تبحثون عن إجابة بسيطة وشاملة حول مسألة إس-300 فالجواب هو :الولايات المتحدة الأمريكية!
سلسلة الأحداث التي جرت ليست مشاحنات ومواجهات كلاسيكية روتينية بين اليونان وتركيا. لا ننسى أن الانتخابات التركية واليونانية باتت على الأبواب
لذلك ترغب أثينا في توجيه رسالة للداخل اليوناني مفادها أن الولايات المتحدة تقدم الدعم لنا. وهذا يعني أنه يجب توخي الحذر.
تركيا تكافح في سوريا وبغداد تحتضر ويتم دفعها إلى فوضى جديدة. هذا هو الطاعون الأمريكي، فكل مكان تصل إليه أمريكا تحدث فيه الفوضى والخراب.
الآن يمكن أن يمتد هذا الخراب إلى شمال وجنوب العراق. وإذا قلنا داخل بغداد هذا يعني أنها داخل إيران. وإيران تعني إسرائيل. وهناك انتخابات قادمة في العراق وإسرائيل.
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد: “وجهت الجيش والمخابرات للاستعداد لأي سيناريو محتمل”.
وقال أيضًا رئيس الموساد الإسرائيلي: “الاتفاق النووي الإيراني سيتسبب بكارثة استراتيجية”
تل أبيب منزعجة من أمريكا وليست راضية عن الاتفاق النووي الإيراني، بل ترى أنها تعرضت للخداع بعض الشيء.
بايدن لا يرد على الاتصالات أيضًا. وفوق ذلك، توترت علاقات تل أبيب مع القاهرة.
وأشار بيان للخارجية التركية، إلى أنّ التطورات التي شهدها العراق في الآونة الأخيرة تهدّد وحدة واستقرار العراق. وأكد البيان أنّ استقرار وأمن العراق مهم جدا بالنسبة لتركيا. ومعنى هذا البيان يشير إلى أن العراق ينهار ولا يمكن لتركيا تجاهل ذلك الأمر.
بواسطة / نيدرن إيرسانال